كتبت : هدى الكاشف
ما هو الفرق بين البلاء والإبتلاء ؟ وهل من الخير تعجيل العقوبة للعبد فى الدنيا أم تأخيرها عنه للآخرة ؟ وما هى الوسيلة التى يسيطر بها الإنسان على غضبه ؟
جعل المولى عز وجل قضاء العبد مقدر عنده تعالى أزلياً، ومكتوب لا مفر منه، وكما عرفنا الحذر لا يمنع قدر ، وما دام الأمر كذلك فسهم القدر يصل للعبد لا مفر، ولكن الأمر هنا يختلف من شخص لآخر حسب استقباله لهذا السهم القدرى، فإذا تم استقبال هذا السهم القدرى فتسبب فى سخط العبد وعدم الرضا به كان بلاءً ، أما إذا استقبله على أنه قدر مكتوب يجب الصبر عليه والرضا وطلب المعونة من المولى عز وجل على احتماله كان ابتلاءً ، فهذا له سيئاته فى استقباله مع أنه لا يستطيع المنع ، وهذا له حسناته، كما أن رضاه وعدم رضاه هو الخط الفاصل فى الاستقبال للإرسال الربانى .. فروى عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال: جاء أعرابى يغتر بصحته ويتباهى بها على من حوله فرآه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال ( هل أخذتك أم ملدم ؟ فقال : وما أم ملدم ؟ قال : حر بين الجلد واللحم ـ حُمى ـ فرد الأعرابى : لا ، قال المصطفى : هل صدعت ؟ قال الأعرابى : وما الصداع ؟ قال المصطفى : ريح تعرض فى الرأس تضرب العروق ، فقال الأعرابى : لا ، فقال المصطفى: من سره أن ينظر لرجل من أهل النار ) أى فالينظر له ، وهذا الحديث يشير إلى ما ينبغى أن يتدبره العباد من أن الإبتلاء يطهر العبد من الخطايا ، ويرفع درجاته بصبره ورضاه، وهذا ما أكده حديث آخر رواه أبو هريرة أيضاً عن المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ( ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب ، ولا هم ، ولا حزن ، ولا أذى ، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) ، كما روى أبو هريرة أيضاً عن المصطفى أنه قال ( من يرد الله به خيراً يصب منه) ـ أى يوجه إليه مصيبة فى ماله أو بدنه أو محبوبه . أما عن تعجيل العقوبة فى الدنيا للعبد المذنب أو تأخيرها عنه ليوم القيامة فلنتدبر قول المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى هذا الأمر حينما قال (إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة فى الدنيا ، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة ) ، كما قال أيضاً (إن عظم الجزاء من عظم البلاء ، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً إبتلاهم ، فمن رضى فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) ، أى له من الحسنات برضاه، ومن السيئات بسخطه .
و يسيطر الإنسان على غضبه بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كما علمنا المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن الغضب من نزغات شياطين الأنس والجن فقال ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) ، كما قال ( إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خُلق من النار ، وإنما تطفئ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ )
ساحة النقاش