كيف نستعيد عبارة » عفا الله عما سلف «؟
بقلم :أمل مبروك
لست ممن يعتبرون العنف ظاهرة تؤرق المجتمع المصرى بأسره، صحيح أنه موجود وواقع لا بد أن نتعامل معه بكثير من الحكمة والتروى والحزم للقضاء عليه ، لكنى فى المقابل لست مع تضخيم الموضوع وإشعار الناس بأن مصر ليست مجتمعًا آمنًا كما يحلو للبعض أن يظهر هذا الأمر للتشكيك فى جوهر المجتمع والتغيير الذى حدث فيه بعد ثورة 25 يناير، فالشعب المصري بالذات لم يعرف العنف طوال تاريخه إلا مضطرا، كأن يكون للانتقام أو صد العدوان حتى اشتهر بصفة رئيسية هي التسامح والعفو والنسيان وعبارة "عفا الله عما سلف" تعد من أشهر العبارات المتداولة بين عامة الشعب، لكن هناك فئة من البشر يحلو لها التشكيك فى كل شىء لحاجة فى نفس يعقوب، وبدلا من محاولة إيجاد حل للمشكلة يفرحون بالتباكى على اللبن المسكوب والصياح فى الفضائيات دون بذل أدنى جهد لمواجهة تلك السلبيات ، وبالطبع هذا لا يعفى المسئولين من المسئولية لكن فى المقابل هذا لا يمنع الدور الشعبى للقضاء على مظاهر العنف.. نحن نحتاج إلى تكاتف كل مؤسسات المجتمع: الرسمى منها وغير الرسمى للقضاء على كل ظاهرة سلبية سواء العنف أو غيره .
شباب فاقد للمعنى والمضمون
إذا قمنا بتجميع حلقات العنف يصبح من الممكن قراءة المشهد على نحو أفضل، وسنجده يشير إلى أن ثمة حالة من الضغوط النفسية والعصبية باتت تساهم فى انتشار ثقافة العنف، فوجود مجموعات من الشباب فى وسط العاصمة يتحرشون بالنساء والبنات اللاتى يمشين بجوارهم يجسد عنفا - قبل أن يمس كرامة المرأة وسلامة جسدها - ينال من هيبة وكرامة مرتكبه ويدفن قيمه وتقاليد دينه وعاداته تحت قدميه، وهو مشهد انتهى بارتفاع أيادى مجموعة من الناس والمارة فى "وسط البلد" وهم يمسكون بعدسات بعض "الموبايلات" لتنقل عنها بعد ذلك عدسات برامج "التوك شو" مظاهر لتجمع دنئ لشباب مارسوا العنف الجسدى والمعنوى ضد بنات ونساء ليس لهن ذنب أكثر من مرورهن على بعض شباب ليس بجاهل أو أمى وإنما حاصل على مؤهلات عليا، ولكنه على الرغم من ذلك فاقد الأمل فى الغد والثقة فى الغير والاحترام للذات وللآخر فى آن واحد، حاصل على التعليم كشهادة ولكنه فاقد له كمعنى ومضمون، بما يجعل الحديث عن افتقاد التربية السليمة فى البيت أو المدرسة من قبيل إهدار الوقت.
احترام الفرد للمجتمع
إن ما يشهده المجتمع المصرى من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية من ناحية، واتساع نطاق تغطية الصحف والمجلات والقنوات الفضائية من ناحية أخرى، جعل من الصعب على مرتكبى الجرائم وممارسى العنف أن يخفوا جرائمهم إلى الأبد، فيما بدا من الأصعب على أية أجهزة أو مؤسسات أن تعتم على الجريمة والعنف، والتى باتت تعكس بدورها - وفق اتجاه رائج - حركة غير مألوفة للمياه تحت "سطح المجتمع المصرى"، كانعكاس طبيعى لما يجرى فوق "سطح المجتمع" ذاته من أحداث.
وفى هذا العدد من "حواء" قامت الزميلة المجتهدة دائما مروة لطفى - نائبة مديرة التحرير - بالإشراف على ملف "لن نخضع للعنف" ناقشت فيه مع مجموعة العمل التى تعاونت معها كل مايتعلق بذلك السلوك المشين وكيفية معالجته والقضاء عليه، وسنكتشف من خلاله أن الأمر يستوجب إعادة النظر فى أوضاع هذا المجتمع، وتعاون كافة مؤسساته من أجل صياغة علاقة تقوم على احترام الفرد للكل ومراعاة الكل (المجتمع) لظروف واحتياجات الفرد، فلم يعد من الملائم الانصراف عن أن يكون هناك عدد من الأفراد يحصرون كل اهتماماتهم فى تحقيق رغباتهم الشخصية دون الاكتراث بمسئوليتهم الاجتماعية تجاه المؤسسة العائلية الصغيرة التى ينتمون إليها حيث الأسرة الصغيرة، أو الكبيرة فى أماكن العمل أو حتى فى كامل مصر المحروسة.. فنستعيد عبارة " عفا الله عما سلف" مرة أخرى، ونستعيد معها الشهامة ونجدة المستغيث والوقوف بجوار المظلوم والضرب على يد الظالم
ساحة النقاش