فى ذكرى رائدة تحرير المرأة والوطن
كتبت : ايمان حمزة
ولدت هدى شعراوى قائدة ورائدة المرأة فى المنيا 23 يونيو سنة 1879م ورغم أنها قادت حركة تحرير المرأة المصرية والعربية .. إلا أنها آمنت أن تحرير المجتمع المصرى والمجتمعات العربية يحتاج لكل كيان الأمة لا فرق بين رجل وامرأة .. بل إن قضية تحرير البلاد ترتبط ارتباطا وثيقا بتحرير عقلية الرجل من الاستبداد والرجعية الفكر .. وأنه لا قيمة للحرية إذا استأثر بها نصف المجتمع .. بل قيمة الحرية أن نمارسها ونستفيد منها لخلق حياة أفضل ومجتمع أكثر نجاحاً، والحرية المسئولة هى الحرية الحقيقية .. وهنا تنبع مسئولية الرجل تجاه نصف مجتمعه الآخر وهو الشريك الأساسى معه .. فالمجتمع وليد المرأة فى كل العصور والمرأة هى المحور الذى التفت حوله المجتمعات عبر تاريخ الإنسانية الطويل - فلا غنى عنها منذ خلق الله حواء ليكمل بها عالم آدم رغم كل ما حوله فى الجنة .. وكانت الحكمة الإلهية أن تكون من ضلعه القريب للقلب .. ليكملا معاً الإنسان الصحيح فلا غنى لكل منهما عن الآخر .. وقد كلفهما معا إلى الهبوط للأرض وإعمارها .. إلى قيام الساعة .. ورغم أن المرأة المصرية كانت من أوائل النساء اللاتى تمتعن بحقوقهن كاملة ومساواتها للرجال فى مجالات العمل وخدمة مجتمعها فى عصر الأجداد من الفراعنة الذين صنعوا أعظم حضارات العالم ووصلت المرأة فيه بكل الاعتزاز إلى رآسة الحكم كحاكمة وملكة وليس فقط مشاركة الملك فى الحكم وكانت تشارك فى كل المجالات فى الزراعة والصناعة معاً إلى جانب إدارة بيتها وتربية أبنائها وفى مجالات الطب والقضاء .. وأيضا وصلت المرأة إلى حقوقها بما أقره لها الخالق فى دياناته السماوية وخاتمتها الإسلام .. وأكد عليها رسوله المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ولكن وللأسف جاء الاستعمار وأخذ حقوق أبناء البلاد وأولهم المرأة ليضعف المجتمعات بالتفرقة والجهل والفقر والمرض والاستبداد .. لتتغير الأفكار وتبتعد عن صحيح الدين .. ولكن يقف الشعب المصرى فى وجه الاحتلال دائماً من أجل حرية بلاده واستقلالها .. وكانت المرأة المصرية مشاركة بقوة فى كل الثورات مع رجالها الشرفاء من المصريين من أجل حرية البلاد ومن أجل رفع الظلم عن المرأة المصرية وكانت من الرائدات الثائرات المصريات الرائدة هدى شعراوى والتى للأسف لا يعرف أبناء الجيل الجديد شيئاً عنها وكيف أنها تبنت قضايا وطنها وليس فقط فى مصر بما أسدته من جمعيات لخدمة أهلها مثل جمعية المرأة الجديدة التى قدمتها للمرأة عموما ورعاية الفقيرات أيضا والتى كانت فى باطنها الملجأ السرى لزعماء الثورة الاتحاد والمجاهدين ضد الاحتلال الإنجليزى والتى عرفت بثورة 1919 حيث كانوا يجتمعون بها كل ليلة ويكتبون المنشورات ويوزعونها من خلال النساء المصريات اللاتى يخفينها تحت ملابسهن «حبراتهن» ويسافرن بها من بلد إلى آخر وإلى كل الثوار فى مصر رغم كل المخاطر التى قد يتعرضن لها .. هكذا كانت المرأة المصرية تشارك فى الثورة التى قادها سعد زعلول مع رفقائه والمرأة المصرية برموزها القوية وأم المصريين السيدة صفية زغلول نفى زوجها والتى فتحت بيتها حتى بعد نفية لإكمال الثورة وتحدث الإنجليز هى وكل صفوف الشعب لا فرق بين امرأة ورجل ولا مسلم ومسيحى كلهم مصريين فى وجه رصاص الاحتلال ليسقط الشهداء وتمتزج دماؤهم دون فرق من أجل بلادهم وهو ما شاهدناه واقعاً ملموساً من فيها قدمته المرأة المصرية من دور أساسى عظيم فى صنع ثورة بلادها التى انحنى لها العالم وقال عنها أعظم ثورات العصر الحديث وهى ثورة 25 يناير 2011 .. ونعود لهدى شعراوى الرائدة التى رغم أنها ولدت وعاشت فى حياة الترف والثراء - حيث كان والدها محمد سلطان شعراوى باشا أول رئيس مصرى لبرلمان النواب والشورى شعراوى باشا رمز من رموز التحرير والوطنية .. ولكن اختارت هدى شعراوى طريق النضال والكفاح من أجل أسمى الغايات وهو الوطن والمساواة بالحقوق بين المرأة والرجل التى سلبها الاحتلال إياها لتذهب المرأة إلى عصر الحريم .. وتحدت كل شىء لينهض المجتمع بنصفيه .
عاصرت هدى شعراوى كل الأحداث السياسية الكبرى التى وقعت لمصر منذ الحكم العثمانى إلى الإنجليزى وسجلت ذلك فى مذكراتها .. تعلمت فى بيتها من خلال والدتها الثقافات واللغات ونهلت من مكتبة والدها من الدين والسياسة وعلم الاجتماع وتزوجت وهى صغيرة من ابن عمها شعراوى باشا وكيل حزب الوفد .. ونادت برفع سن زواج الفتاة إلى 16 سنة وبتغيير وثيقة الزواج حتى لا تخدع المرأة ومن أجل مصلحة الأسرة ..
ونادت بحماية حقوق المرأة من تعدد الزوجات بدون سبب شرعى حتى لا تضعف الأسرة .. ونادت بمعالجة ارتفاع مهور الزواج كعقبة للشباب .. وأقرت بحق الزوجة فى تطليق نفسها إذا استحالت الحياة مع زوجها ولكن دعت لتقنين الأمور من أجل مصلحة الأسرة أولاً ..
وكانت هدى شعراوى أول من أسس الاتحاد النسائى المصرى سنة1923 .. وأعلن عنه رسميا على مستوى العالم عندما شاركت على رأس الوفد النسائى المصرى فى المؤتمر العالمى لاتحادات نساء العالم بروما عام1923وكان الوفد يضم 5 سيدات مصريات منهم سيزا نبراوى ونبوية موسى ومنيرة ثابت وهناك رفعن علم مصر يتوسطه تعانق الهلال مع الصليب مؤكداً على الوحدة الوطنية بين المصريين وهو ما كان يزعم الاحتلال الإنجليزى عكس ذلك .. وصفق المشاركون وخصوصا بعد عرض قضية حق مصر فى الاستقلال من خلال نساء مصر وأعلن عن انضمام الاتحاد المصرى النسائى كعضو أساسى .
ليعود الوفد المصرى النسائى ويطالب رئيس الوزراء بالمساواة بين أبناء مصر فى الحقوق منها التعليم والعمل ورفع سن الزواج بعد أن اعترف العالم بالمرأة المصرية ونجحن فى تغيير صورتها من الجهل والتخلف .. ونادت بالتعليم والثقافة والتعليم الجامعى أيضا .. وشجعن على الالتحاق بالجامعة المصرية وإرسال الوفود للتعليم بالخارج وأيضا تعليم الفقيرات والرعاية الصحية لها وأيضا الاهتمام برعاية الطفولة وأطفال الشوارع أيضا وذلك بالتعاون مع رموز المجتمع من الأميرات اللاتى تبرعن لبناء المدارس وأما الأميرة فاطمة فقد تبرعت بأرضها لبناء الجامعة المصرية وتبرعت بمجوهراتها لبناء المبانى وحددت وقف من ممتلكاتها للمساهمة فى كل الاحتياجات.. كما ساهمت فى بناء مبرة محمد على ،وهو ما يؤكد على دور المرأة المصرية فى بناء ونهضة مجتمعها وعلى أهمية التعليم الأساسى فى المجتمع وأسست أيضا هدى شعراوى الاتحاد النسائى العربى واختيرت رئيسة له بل أنها وصلت إلى نائب رئيس الاتحاد النسائى العالمى لجهودها من أجل المرأة .
وقد أسست العديد من الجمعيات والمنظمات النسائية والعربية وأصدرت مجلة المرأة العربية باللغة العربية وأخرى باللغة الفرنسية عام 1925 وشاركت فى ظهور القيادات النسائية من أجل النهضة والتحرر من قيود الظلم ونادت بتطوير المجتمع ومناهضة العادات والتقاليد السيئة التى تتعارض وصحيح الدين وتقف أمام حقوق المرأة والأسرة فأصبح فى عهدها المرأة الطبيبة والمدرسة والطيارة والمحامية والأديبة والمفكرة الرائدة أمثال أمينة السعيد وغيرها..
ساحة النقاش