فى دنيا البشر هناك نوع يكون خطا فاصلا .. كبزوغ شمس مرحلة جديدة .. قبله نكتب نقطة ومن أول السطر لأنه لا يصلح إلا أن يكون أول السطر.. فلا يمكن بما حباه الله أن يكون رقما فى صف .. حرف فى سطر .. هو أول السطر وكأن السينما المصرية وضعت النقطة و شدت خطا وبدأت سطرا جديدا فى عام 1958 حينما ظهرت السندريللا الجميلة فائقة الموهبة الجبارة القبول "سعاد حسنى "..

 

 

فى بيت صغير فى حى بولاق أبو العلا ولدت الصغيرة سعاد ابنة الخطاط الشهير محمد حسنى البابا  السورى من أصل كردى والسيدة جوهرة ثانى زوجاته وكانت سعاد رقم عشرة فالأب كان له أولادا من زوجة أولى وبعد انفصاله عن أم سعاد تزوجت الأم وأنجبت فأصبح لسعاد 15 أخا وأختا، وكانت ليلة غير مقمرة ليلة السادس والعشرين من يناير عام 1943 فالأب عندما سمع الخبر قال (بنت تانى) ولد القمر الذى أنار حياة الفن وسط ظلام وشتاء وعدم تقبل لوجود ابنة جديدة.

وتدرجت السندريللا مراحل الطفولة وسط عذابات الخلافات والطلاق وتفكك الأسرة ومع ذلك كانت بارزة بين أخوتها بوجه صبوح رائع وابتسامة خلابة لفتت لها الأنظار وهى تشترك فى طفولتها فى  برامج بابا شارو فى الإذاعة، وكانت فى هذه الآونة أحيانا تذهب مع أختها المطربة "نجاة الصغيرة" أثناء تسجيل أغانيها وكأن الفنان المتعدد المواهب "عبد الرحمن الخميسى"  وجد كنزا أمامه عندما شاهدها وأحس بما تملك من ملكات فنية وكان هذا فى بداية عام 1957 وتمسك  بالصغيرة لكن المشكلة كانت فى ضآلة قسط التعليم الذى نالته سعاد لظروفها العائلية.

قرار التعليم

 فقرر أن يتولى هو هذا وأتى بأستاذ لغة عربية يعشق التمثيل الفنان "إبراهيم سعفان" وفنانة شابة قريبة العمر من سعاد "إنعام سالوسة"  لتساعدها على الإلقاء والحفظ وبدأت رحلة شاقة لكن ذكاء سعاد الكبير هوّن الكثير من الأمور وكانت هناك فكرة أن تقدم ملحمة (حسن ونعيمة) فى السينما وتنتجها شركة "محمد عبد الوهاب" وعرضت البطولة على "فاتن حمامة" ومطرب كبير لكن الاثنين اعتذرا فكان القرار بمغامرة كبرى قادها المخرج "هنرى بركات" أن تقدم "سعاد" البطولة أمام الوجه الجديد "محرم فؤاد" ورغم  القلق وافق الجميع حتى عبد الوهاب وكأن الله سبحانه وتعالى يسر كل الأمور لتبدأ السينما هذه المرحلة الزاهية من عمرها مع ظهور السندريللا فقد نجح الفيلم جدا وحقق إيرادات.

اللعب مع الكبار

 وانطلقت سعاد بشكل صاروخى نحو القمة بدأتها بأفلام لعبت فى معظمها دور البنت الشقية المحبوبة مع فرسان السينما فى هذه الآونة وكشفت الغطاء عن موهبة استعراضية مبهرة فى  منتصف الستينيات فى فيلم "صغيرة على الحب" الذى أنتجته السيدة "مديحة يسرى"، وتألقت فى أفلام كبرى أوضحت قدرتها غير المسبوقة على الأداء القوى أمام الكاميرا فى أفلام (غروب وشروق، ونادية، والاختيار، والزوجة الثانية). والعديد من الأفلام فى السبيعينيات والثمانينات رسخت بها وضع سينمائى رائع لها وللسينما المصرية حتى أنها قدمت الفيلم العراقى (إلهام القادسية) من إخراج "صلاح أبو سيف"، وأيضا لها فيلم يعد من أهم الأفلام (أفغانستان لماذا؟)، وفى مصر قدمت الكرنك وعلى من نطلق الرصاص وأين عقلى والمشبوه وغيرهم، فقد قدمت 91 فيلما لا جدال أنهم من أهم وأروع الأفلام المصرية بموهبة وأداء وإحساس لا يمكن وصف قدره بالكلمات.

أداء مدهش

 كان عطاؤها مدهشا كنجمة دراما وكوميديا واستعراض فقد ظل فيلمها (خللى بالك من زوزو) أكثر من عام فى دور العرض محققا نجاحا كبيرا، وانتهت الرحلة السينمائية عام 1991 بفيلم (الراعى والنساء) أمام صديقتها "يسرا" والنجم "أحمد زكى" الذى قدمت أمامه أكثر من عمل (موعد على العشاء، والدرجة الثالثة) ومسلسلها الوحيد (هو وهى)، وقدمت أيضا ثمانى مسلسلات إذاعية منها (أنف وثلاثة عيون).

السندريللا الحزينة

 وعاشت السندريللا الجميلة أكثر من قصة حب فاشلة وزيجات فاشلة بدأت بعلاقة حب كبير مع "عبد الحليم حافظ" الذى لعبت دور شقيقته فى فيلم (البنات والصيف) وتضاربت الأقاويل حول هذه العلاقة، ثم تزوجت المصور السينمائى "صلاح كريم"، ثم زيجة طويلة مع المخرج "على بدرخان"، ثم زيجة استمرت شهورا مع الفنان "زكى فطين عبد الوهاب"، وكل هذا فشل وسبب حزنا للسندريللا لكنها رحلت وهى زوجة المؤلف "ماهر عواد" الذى كتب لها فيلم (الدرجة الثالثة)، وقد أصيبت فى عمودها الفقرى وارتحلت إلى لندن طلبا للعلاج لكن  أمورها الصحية تدهورت  كثيرا وأصابها انهيار صحى آتى على مدخراتها ومعظم ما تملك، والسندريللا كانت لا تنتبه لزمن أسود قد يمر عليها فقد كانت مسرفة للغاية، فقدمت لإذاعة البى بى سى أشعار صديقها ومعلمها "صلاح جاهين" بصوتها .. وحدثت أمور نشعر بالألم بمجرد تذكرها، وماتت السندريللا فى لندن بلاد الضباب فى يونيو 2001 لا نعرف انتحارا أم قتلا فمازال موتها لغزا يؤرقنا عدم فك شفرته حتى الآن فقد كانت وستظل تعنى لنا الكثير.

 

 سعاد حسنى .. وحشتينا.

المصدر: مجلة حواء منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 620 مشاهدة
نشرت فى 13 مارس 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,826,422

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز