ملف خاص 

كتبت دعاء برعي  

أصحاب الاحتياجات الخاصة بالجامعات 

الحاضر الغائب 

 

شارك ذوو الإعاقة بشكل مشرف فى الاستفتاء على دستور مصر 2014 حتى أن البعض منهم زحف على قدميه وصولاً إلى صناديق الاقتراع،  لتأييد دستور كفل حقوقهم صحيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وترفيهيا، ورياضيا، وتعليميا، إعمالاً لمباديء المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.. وبعد إقراره وجب علينا الالتفات إليهم وطرح قضاياهم، ومشكلاتهم، للعمل على حلها وتحقيق طموحاتهم.

ولأنهم فئة تدربت على المثابرة، يحققون طفرة بوصولهم إلى مرحلة الجامعة، حيث ازدهرت الثمرة وحان وقت القطاف، ليزداد أملهم وتزداد سرعتهم في الوصول إلى الحصاد، لكن الواقع - الذى لم يتغير - يصدمهم، فلا تزال فرصهم ضائعة وحقوقهم منتقصة، على الرغم من تحقيق الجامعات لهم دوراً رائداً في قبول التحاقهم بها.. من هنا تبنت حواء هذا الملف.

 

طلاب الفرص الضائعة

أحرص الناس طلباً للعلم والمعرفة، فالعلم نافذته المطلة على عالم النور الذي ابتلاه الله فقدانه بصرياً، ومسلكه الوحيد- مسيراً لا مخيراً- إلى حياة كريمة تحفظ كيانه، حتى أنه يرى في سبيل تحصيله مسألة حياة أو موت، ومن ثم تأتي ثورته حين يتعثر طريق الوصول إليه، وتتعذر طرق تمكنه من استذكار مواده الدراسية.. ولأنه يقرأ بطريقة برايل البارزة ويستعين بالمسجلات الرقمية والكمبيوتر لتحصيل مواده الجامعية.. كان تحقيقنا لنتعرف على مراحل وصول الطالب الجامعي الكفيف إلي غايته في تحصيل مواده، ومدى توفير الجامعة استحقاقاته التعليمية في ذلك، وامتحاناته ومدى رضائه عنها، وماذا عن ردود المسئولين بما يساهم في حلول لقضاياه ومشكلاته التعليمية في هذا الشأن؟ كل هذا تحمله لنا السطور القادمة..

 

في بداية جولتنا توجهنا إلى جامعة القاهرة للوقوف على الصعوبات التي قد تواجه الطلبة والطالبات من المكفوفين أثناء الدراسة، حيث قالت رضا وجيه"الفرقة الثالثة، آداب تاريخ": "أواجه صعوبة  في الحصول على متطوع يسجل لي الكتاب صوتياً، فزملائي مشغولون بدراستهم، لذا اشترى الكتاب لتحويله إلى برايل، لكنه يستغرق وقتاً طويلاً".

وأضافت جميلة جمال"الفرقة الرابعة، آداب تاريخ": "تركيزي في الاستذكار بالتسجيلات الصوتية يكون ضعيفاً، ما يلجئني للبرايل".

من يقرأ للكفيف

 "احنا مش مجبرين نقرأ لكم الكتاب، إدارة الجامعة مسئولة عن توفير هذا".. عبارة رددها البعض على مسامع مصطفى فؤاد، طالب الدراسات العليا بكلية دار علوم أثناء بحثه عن متطوع  يسجل له الكتاب، حتى أنه وصف معاناة بحث الطالب الكفيف في ذلك برحلة "تسول متطوع"، وأضاف: "إن وجد المتطوع لا أضمن صحة قراءته من عدمها، حيث أكتشف ذلك بعد تسجيله علي الكاسيت.. وأحمد ربنا إني لقيت متطوع يسجل لي"، ويتساءل: (لم لا يفعل دور القاعات الالكترونية داخل الجامعة لتجهز بقاعدة بيانات خاصة بالكتب الدراسية فيتسنى للطالب الكفيف، قراءة الكتاب داخل القاعة ببرامج قارئات الشاشة "جوس، نظام إبصار"، أو يسهل الحصول من خلالها علي طبع نسخة "بريل" أو mp3 في أقل وقت ممكن؟).

ويتفق معه في صعوبة الحصول علي متطوع يقرأ الكتاب كل من أحمد جمال" الفرقة الأولى، إعلام"، وإيمان حمدي"الفرقة الثانية، اقتصاد وعلوم سياسية"

 

أين حقوقنا

وعبرت كل من أسماء نادى، وسماح حسين"الفرقة الأولى"، نادية الشحات، سعدية عبد المحسن"الفرقة الرابعة" بكلية دار علوم، نورا البرعي، طالبة الدراسات العليا بحقوق القاهرة عما يواجهنه من صعوبة بالغة في الحصول على زميلات متطوعات، بأسئلة وعبارات شديدة اللهجة كان مفادها: "يرضى مين نسجل الكتب حتى قبل الامتحانات بأسبوع، يرضى مين نمتحن بمرافقين لا يجيدون الكتابة ونقيّم من خلال ما كتبوه؟ لم يوفرون الكتاب للمبصرين بينما نبذل نحن جهداً كبيراً لنحصل على تسجلات mp3، ولم تحوجني الجامعة لزميلة تتهرب مني بطلبي لها قراءة الكتاب؟.. أين حقوقنا التي توفرها لنا الجامعة فى الحصول على نسخة برايل من الكتاب كالطالب المبصر؟".

 

مرافقون ولكن..

 

وفيما يتعلق بسلبيات الامتحانات بمرافقين يقولن: "تشترط الجامعة أن يكون المرافق الذي نملى عليه الإجابة أقل  فى المستوى التعليمي، وبالتالي نتعرض لمرافقين لا يتقنون كتابة ما نمليه عليهم فيخطئون إملائيا ونتحمل نحن النتيجة عند التصحيح".

بينما ترى رشا نظير"الفرقة الرابعة، كلية حقوق" أن مشكلاتها في الامتحان بمرافق، هي إيقاف المرافقات لها وطلبهن إعادة ما أملته عليهن ثانية، ما يربكها ويفقدها تركيزها.

وتابعت: "قالت لي إحدى المرافقات:(إنت بتمليني كتير وأنا تعبت من الكتابة).

هل من مجيب؟

ومن جامعة عين شمس استأنفت حواء رحلتها مع الطلبة المكفوفين، حيث التقينا هناء علي، وشادي شريف"الفرقة الرابعة ألسن إنجليزي"، ومحمد فؤاد"الفرقة الثانية ألسن إنجليزي"، وبيتر أيوب"الفرقة الأولى ألسن انجليزي" ليتفق الجميع على أن مدة تحويل الكتاب  لـ "بريل" تضيّع التيرم، إضافة إلى تكلفتهم مبالغ مالية ليست بالقليلة، تبدأ من كتابة الصفحة "وورد"، وتنتهي بشراء ورقة "بريل" للطبع.

وتابعا هناء وشادي: "منذ العام الدراسي الثاني لنا بالكلية، ونحن نناشد عميد الكلية توفير قاعدة بيانات للكتب الدراسية على أجهزة المكتبة الخاصة بنا لتسهيل حصولنا علي نسخة "بريل" أو (mp3)، وتقتصر الردود على التسويف".

طاقة نور

 ووسط حالة الغضب للطلبة المكفوفين بالكليات المختلفة، مثلّ مركز إبصار بجامعة عين شمس طاقة النور لكفيفي آداب، حيث يتبني الطالب منذ التحاقه بالكلية، بداية من تسهيل إجراءات استخراج الكارنيه، والحصول علي نسخة من الكتب الدراسية بعد تحويلها برايل أوmp3))، مروراً بالدورات التدريبية المقدمة لهم، وانتهاء بالامتحان علي الطريقة الالكترونية بالمركز، حيث أشاد بدور المركز التعليمي كل من أميرة لطفي"الفرقة الأولي آداب تاريخ"، حسام حسن، ومحمد عبد الفتاح، وإسلام إسماعيل"الفرقة الثالثة آداب علم اجتماع"، وعبلة عادل"دراسات عليا، آداب تاريخ".

 وسرعان ما عادت موجة الغضب في حديثهم، حيث يرون تضييق الجامعة عليهم  بقصر"عربي، تاريخ، علم اجتماع" دون غيرها من الأقسام، فيوضح حسام، ومحمد، وإسلام: "أغلق علم اجتماع بابه هذا العام أمام زملائنا من الطلبة المكفوفين، حيث رفض رئيس القسم قبولهم، ما دعانا مناشدة عميد الكلية بمساعدة مركز إبصار إلى أن تم التحاقهم به بصعوبة، ونخشى أن يغلق نهائياً في العام القادم".

عليكم بسوهاج

وتنهي حواء رحلة بحثها بلقاء مصطفى عبد القادر"الفرقة الأولي آداب لغة عربية"، ومحمود محمد"الفرقة الأولي آداب درسات إسلامية"، وإسلام عادل"الفرقة الثالثة آداب تاريخ، بجامعة جنوب الوادى، قنا

حيث يفتقد الطالب الكفيف في جنوب الوادي بقنا لما يعرف بتحويل الكتاب إلى"برايل"، فلا من قاعات الكترونية ولا مراكز للمكفوفين أو حتى موظف يتولى مراحل التحويل لبرايل داخل الجامعة، حيث يعتمد الكفيف علي السمعي من خلال بحثه عن طالب متطوع يسجل له الكتاب صوتياً، وعلى من يريد الـ"برايل" انتظار مندوب المركز التعليمي لذوي الإعاقة البصرية بسوهاج لشحن الكتب إلى المركز وتحويلها بمعرفة متطوعين داخله، لتتجاوز مدة تحويل الكتاب الواحد مدة الشهر.

 

حق الرد

ولكفالة حق الرد، تحدثنا إلي د.أماني رفعت، الأستاذ المساعد بكلية الآداب قسم مكتبات، والمشرف العام علي قاعة طه حسين بالمكتبة المركزية، جامعة القاهرة، لتوضح أن تحويل الكتاب لـ"بريل" بالقاعة  يستلزم عمل مسح ضوئي للمادة، ثم تحويلها"وورد" فيستدعي تنسيق الجمل وتصحيحها، ما يمثل عبئاً على خمسة موظفين فقط يعملون بالقاعة ويتسبب في تأخير الكتاب علي الطالب الكفيف، حيث يستغرق التحويل بأقصى سرعة وبالعمل المتواصل شهراً تقريباً" كما أكدت مناشدتها أساتذة الجامعة بالكليات التي يدرس بها الطالب الكفيف لحصول القاعة على نسخة "سي دي" من الكتاب الدراسي مع  كامل ضمانتها حقوق الملكية الفكرية للمؤلف، فاستجاب البعض، وتحفظت الغالبية.

 

"برايل" مع إيقاف التنفيذ

 

وحفاظاً على حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين من أساتذة الجامعة، والتي اقتضت عدم تسليم نسخة "سي دي" من الكتاب المطبوع للمكتبات الصوتية أو القاعات الاليكترونية بالجامعة ليتسنى للكفيف قراءتها ببرامج الشاشة أو طبعها برايل في فترة وجيزة، ونظرا لإهدار وقت الكفيف في البحث عمن يقرأ له الكتاب فيما أسماه بتسول متطوع، ولأن مدة  تحويل الكتاب الواحد"برايل" تتجاوز الشهر داخل القاعات الاليكترونية.. توجهت حواء إلى المسئولين بالجامعات، تسألهم أحقية الكفيف في الحصول على إعداد برايل ومدى إمكانية توفير ذلك له، وبخاصة في ظل ما كفله الدستور الجديد لذوي الإعاقات من عدالة وتكافؤ فرص.

 

 فأكد د.أشرف حاتم الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات أن الطالب الكفيف كالمبصر، له حق الحصول على كتابه برايل، لكن المشكلة تكمن في التكلفة، ومضى قائلاً: إن الدستورالجديد لم يفعّل بقوانين تعطى حق تمويل طباعة الكتاب برايل حتى الآن، وأنه حال نص الدستورعلى هذا الحق فإن الدولة مسئولة عن توفيره مع بداية العام الجامعي الجديد في موازنة الجامعات، على أن تحصى  كل كلية عدد الطلبة المكفوفين والجامعات التي لديها إمكانية طبع برايل، وترسل لوزارة المالية في طلب ميزانية تحويل الكتاب مع إعطاء حق التأليف للمؤلف.

 

 وفي سياق متصل أكد د.عز الدين عمر أبو ستيت، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب عجز الجامعة عن إعداد كتاب برايل في ظل الإمكانات الحالية لها، واتجاهها إلى توفير وسائل بديلة، كدعم الطالب الكفيف بجهاز mp3 لتسجيل محاضراته، وإنشاء مركز اليكتروني بكلية حاسبات ومعلومات  لخدمة جميع الطلبة المكفوفين، إلى جانب المكتبات الصوتية المدعومة بشرائط كاست.

وعن امكانية طلب الجامعة ميزانية اعداد برايل من المالية تابع د.عز:في ظل ظروف الموازنات المالية المتاحة للجامعات حاليا وما تستقطعه وزارة المالية من ضرائب علي الموارد الذاتية للجامعة التي هي مؤسسة تعليمية غير هادفة للربح ,تنفق في اوجه كثيرة تتعلق بالعملية التعليمية والبحث العلمي فان سرعة الاستجابة لتحقيق هذه المطالب تكون ضعيفة .

بينما أبدى د.محمد الحسيني الطوخي، نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون التعليم والطلاب استغراباً لما يعانيه طالب ألسن الكفيف من تحمله تكلفة تحويل الكتاب برايل على حسابه الخاص وعدم تولى الكلية له هذا الأمر.

ووعد "الطوخي" بتوليه إعداد الكتاب برايل، على أن يكون مشروعاً تتبناه الجامعة من مواردها الخاصة لتتم مراحل التحويل بمكتبة الجامعة، وأنه سيبدأ في مخاطبة كلية ألسن لحصر الطلبة المكفوفين وتخصصاتهم وبدأ تنفيذ المشروع.

 

كما أوضح د.محمد الطوخي  أن غلق أقسام آداب لم يكن تعنتاً مع المكفوفين ولكنه أمر مرتبط بدراسة المواد والمناهج، التي تضع سياستها رئيسة القسم، وقد يكون هناك أبحاث ميدانية تنتفي معها قدرتهم على إنجازها.

 

 

الاستحقاقات الاجتماعية

 

قالت د.سامية قدري، استاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس: "نمر الآن بمرحلة تغيير تستلزم وقتاً، ولابد من وعي ذوى الاحتياجات الخاصة أن المجتمع ككل يعاني ضعفاً في الخدمات المقدمة له، لكن على الدولة أيضاً أن تنظر لهم بعين الاعتبار، فلا تزال حقوقهم منتقصة، ليس علي مستوى طلبة الجامعة فقط ولكن ككل".

وأوضحت أن المصطلح الجديد في التنمية، والذي يعرف بـ"الاستحقاقات الاجتماعية"، أتي لأجل الفئات الأكثر احتياجا في المجتمع، ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة، على أن تعطى هذه الاستحقاقات عن طريق الدولة، حفاظاً على كرامتهم، فبدون دورالدولة تتحول هذه الاستحقاقات لإحسان".

 وأشارت"قدري" إلى أن الدور الأساسي في تحويل الكتاب لبرايل علي الدولة ومؤساستها الخدمية، مؤكدة أن أهم أسباب قيام الثورة هو الحفاظ على الكرامة الإنسانية، ومن ثم على الجامعة أن توفر من يقرأ الكتاب للطالب الكفيف حفاظا على مشاعره.

 

 

..ومتحدو الإعاقة الحركية:

افتحوا لنا الأبواب المغلقة

 

منذ نعومة أظافره تجيد الصعاب طريقها إليه، فينحيها جانبا ويمضي في طريقه قدما، وما أن يلتحق بالجامعة حتي يعلن تخليه عنها، فتأبى إلا أن تطارده وتلح في مطاردته بأدوار مرتفعة تحول دون حضوره المحاضرات، وأبواب مغلقة تنتفي معها صفة العبور إلى ساحات العلم البراقة، وغيرها من أمور تفقده خصوصيته.. فقط له حقوق لا تزال بعيدة المنال، يمثل تحقيقها من عدمه خطا فاصلا بين مرارة واقعه ومستقبله المنشود.. وفي تحقيقنا اردنا ان ننقل  صورة حية لواقع يعيشه ذوي الإعاقة الحركية من طلاب الجامعات.. وتعقيب المسئولين عليها.

 

 

كان أول ما وقع عليه نظر حواء، هو شروع أسامة ديجوي "الفرقة الأولى فلسفة آداب القاهرة" الصعود مطلع ذوي الاحتياجات"رامب" بالكلية، والذي انتهي بباب مغلق، ليتنحى أسامة جانباً وتذهب والدته بحثاً عن العامل المسئول للسماح له بالدخول وحضور محاضراته، وبين الترقب والتمني يدعو أسامة المولى عز وجل ألا يكون حظه عسراً بغياب العامل أو تأخره عن موعد بداية محاضراته، ليأتي بعد المرة الأولي من دعوته أو يستلزم حضوره عدة دعوات حسبما أشارت والدة أسامة، إلى أن رفع الأمر لعميد الكلية بعد تكرار الموقف يوميا، ليفتح الباب يومان ثم يغلق ثانية.. وما يتكبده أسامة يومياً من معاناة البحث عن عامل هو ما يواجهه عبد الله أحمد "الفرقة الأولى فلسفة القاهرة"، حتى أن أحمد صابر"معاق حركيا، الفرقة الأولى آداب مكتبات" قال: "في الغالب الباب بيكون مقفول والعامل مش موجود، فأضطر أطلب من زمايلي أن يحملوني للصعود من الباب المفتوح ما يرهقهم ويشعرني بالضيق، وليس من المعقول حملهم لي يومياً"، وأشارت والدتا أحمد، وعبد الله إلى أن حمل ابنيهما بالكرسي لصعود السلالم، يعجل بتهالك الكرسى المتحرك ويحملهما عبء صيانته بصفة دائمة.

 

أبواب مغلقة

 

أما محمود زينهم، وعبد الرحمن على"الفرقة الأولى آداب فلسفة" فتلخصت صعوبتهما في  صعودهما الأرصفة ما يحرمهما الجلوس مع زملائهما.

 وتابع محمود: "احنا بندوخ علشان ندخل من الباب المغلق ده دايما، بالإضافة لعدم وجود دورة مياه واحدة مجهزة لدخولي وزملائي ولو بحامل يساعدني، لذا لا أسعى لدخول دورة مياه الجامعة نهائيا"ً.

 

ويروي كريم إيهاب"الفرقة الثالثة، تجارة القاهرة" كيف أن الباب المغلق كاد أن يتسبب في حرمانه حضور الامتحان، حيث أتى العام الماضي على موعد الامتحان، ليجد الباب بنهاية مطلع الكرسي المتحرك مغلقاً، ما دعاه البحث عن العامل الذي استغرق حضوره بالمفاتيح نصف ساعة تقريباً من الوقت المخصص للامتحان، فسمح له مراقب اللجنة بالدخول بصعوبة بالغة.

تذمر واستياء

 

وفي قوائم  أرقام الجلوس لطلبة وطالبات الفرقة الأولى آداب تاريخ تمت الإشارة إلى طلبة ذوي الاحتياجات الخاصة برموز (م) معاق، (ك) كفيف، (ش) شلل، ما أثار استياء سليمان السيد"ضعاف بصر"، وإسلام محمد"حالة خاصة"، بالفرقة الأولى تاريخ، وأشعرهما بالإهانة بحسب وصفهما.

وفي تذمر أطلعني إسلام على إيصال سداد مصروفاته قائلاً: "شعرت بالإحباط لتدوين لقب "إعاقة" على إيصال سداد مصروفاتي الذي ظل يسهّل دخولي الجامعة وسط زملائي يومياً، حتى أنني استخرجت كارنيه المكتبة المركزية إلي أن تسلمت كارنيه الجامعة".

 

 

حقوق منتقصة

 

بينما تحول الأدوار المرتفعة وغياب الأسانسير بمبنى الكلية دون حضور   محمد حمدي"الفرقة الثالثة، تجارة القاهرة" لمحاضراته.

واستطرد: أن تحديد شئون الطلبة لمكان اللجنة وتوقيت بدايتها يكون يوم الامتحان صباحا، ما يمثل عبئاً عليه  في تحديد مكان اللجنة، بينما يكمن حل هذه المشكلة في تحديد لينك علي موقع الكلية لإعلان أرقام الجلوس وأماكن امتحانات التخلف كما هو الحال في مواد التيرم العادي مراعاة لظروفنا".

 

هل من تخفيف

 

أما والدة ندى أحمد"الفرقة الأولى لغة عربية آداب القاهرة" فتطالب المسئولين بتخفيف الامتحانات عن ابنتها أومن هم في مثل حالتها حيث تعاني ندى ورماً بالمخ أدى إلي عجز الجزء الأيمن لها وضعفاً بالذاكرة.

 

  ولتعدد الكشف الطبي الموقع على الطالب المعاق حركياً نصيب من استياء بعض أولياء الأمور، حيث كشفان طبيان بالجامعة عند التقدم للالتحاق بها، وآخر بالجامعة عند طلب الحصول علي كرسي متحرك، وثالث مصحوب بتقارير من جهات طبية خارج الجامعة، يجدد سنوياً للتأكيد علي حضور مرافق يكتب للطالب، ويتساءلون لم لا تعتمد الجامعة الكشف الطبي الموقع علي الطالب المعاق وقت التحاقه بالجامعة لتنهي من خلاله كل ما يتعلق بالإجراءات دون تكرار توقيع الكشف عليه؟

 

خصوصية مفتقدة

 

وبين الكثافة العددية للطلبة وتكلفة الأسانسير باهظة الثمن ضاع حق سارة محمد"الفرقة الثالثة بحقوق عين شمس" في حضور محاضراتها حيث قالت: "أخبرت عميد الكلية عدم قدرتي حضور محاضراتي بالطابق الرابع فقام بتخصيص اثنين من العمال لمساعدتي، لم أرهما إلا يومين، لأحرم مرة ثانية من الحضور، ثم طلبت منه نقل المدرج للطابق الأرضي فجاء رده أن الكثافة العددية لا تسمح، فسألته أسانسير لصعودي وزملائي من المعاقين حركياً، فأجابني (تكلفة الأسانسير كبيرة)".

وتستطرد: "الخصوصية شئ يفتقده  من هم في ظروفي، فإلى جانب صعوبة الوصول لدورة المياه المخصصة للطالبات بالطابق الثالث، هي أيضاًغير مجهزة ولو بحامل معدني يقيني سؤال زميلاتي المساعدة حفاظاً على خصوصيتي".

وتنهي حديثها بسؤال للمسئولين قائلة: "قصرتم علينا كليات بعينها.. فهل جهزتموها الكليات لاستقبالنا؟".

 

 ويقول طاهر محمد"الفرقة الرابعة، حقوق عين شمس": "ما يوجد من"رامبات" تقف أمامها العربات لتحول دون استخدامنا لها"، حتى أنه بادر وزملاؤه  بلصق"بادجات" على العربات، تفيد عدم الوقوف في الأماكن المخصصة لصعود الحالات الخاصة، فلم تلق استجابة، حتى أنهم ناشدوا عميد الكلية سن قرار لردع هذا السلوك  واقتصر رده على التسويف.

 

ومن الممنوعات ما قتل

 

أما طارق ماضي"الفرقة الرابعة، تجارةعين شمس" فقال: "منذ أعوام مضت وأنا اشتكي إلى عميد الكلية عدم تجهيز المبنى  بأي مطلع للكراسي المتحركة"رمبات" سواء داخل المدرج أو خارجه، وهناك طلبة يخجلون من حملهم بالكرسي لدخول المدرج".

ويستطرد: "نفسي يكون في مكان داخل المدرج للمعاقين".

 

بينما يصف طارق سامى"الفرقة الثانية ألسن عين شمس" مدى شعوره بالعجز والحرج الشديد لجلوسه على كرسي متحرك داخل المدرج، فيما يجلس زملاؤه في الأماكن المخصصة للجلوس، متسائلاً: "ليه ماليش مكان داخل المدرج للجلوس عليه؟".

بصيص أمل

 

ومن جنوب الوادي بقنا كان بصيص الأمل، حيث أشاد كل من رجب رمضان "الفرقة الثانية دراسات إسلامية"، وصالح الشمندي "الفرقة الثالثة لغة عربية"، والنوبي النجار"الفرقة الرابعة دراسات إسلامية"بدور د.عباس محمد منصور رئيس جامعة جنوب الوادي بقنا  في توفير موتوسيكل لكل طالب معاق حركياً، على أن تنقل ملكيته إلى الطالب  بعد تخرجه في الجامعة، ما يساهم في سهولة تنقلهم داخل الجامعة وخارجها، بعد أن كانوا يواجهون  صعوبة السير لمسافات طويلة داخل الجامعة.

لتبقى الأسانسيرات المغلقة مانعاً يحول دون صعودهم لحضور محاضراتهم.

 

تعقيب المسئولين

 

وقد جاء تعقيب المسئولين عما يعانيه الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة كما يلي:

فعن تخفيف الامتحانات قال د. أشرف حاتم الأمين العام للأعلي للجامعات:  بدراسة هذا الأمر في لجان القطاع المتخصصة لمعرفة ما إذا كان هذا التخفيف سيؤثر على مستوى الخريج أم لا.

بينما قال د.عز الدين أبو ستيت نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب بعدم جواز التخفيف، لأن الجامعة لا تستطيع عمل نماذج متعددة للامتحانات ثم تعطى درجات يتساوى فيها الطلاب مع اختلاف أسلوب التقييم.

وجاء تعليق"أبو ستيت" على انتهاء مصعد ذوي الحتياجات الخاصة بباب مغلق، أنها وقائع لابد من مراجعتها مع إدارة الكلية للتغلب عليها، لأنه من غير المنطقي أن يكون الباب في نهاية الطريق الممهد مغلقاً وإلا انتفت الاستفادة منه.

ومضى قائلاً عن حرج ذوي الاحتياجات الخاصة للإشارة إليهم برموز(م،ك،ش) في كشف أرقام الجلوس أو تدوينها على إيصال المصروفات: "يهمنا حصول هؤلاء الطلبة من أبنائنا على علم في بيئة يشعرون من خلالها أنهم متساوون في الحقوق والواجبات أيضاً"، وأوضح أن إثبات ذلك على إيصال المصروفات قد يكون له أسبابه كسداد مصروفاتهم عن طريق إدارة التكافل، واستطرد: "لكننا سنبحث عن وسيلة أخرى".

 وتابع بخصوص تعدد توقيع الكشف الطبي على الطلبة:"الإدارة الطبية بالجامعة هى المعنية بتحديد نوعية الكشف المطلوب نظراً لحاجة الطالب".

 

وعن تجهيزات مباني الجامعة بما يدعم حضور الطالب ذوي الاحتياجات محاضراته وتجهيز دورات المياه لهم  قال: "جامعة القاهرة جامعة عريقة ومن الصعب إجراء التعديلات المعمارية عليها، ولكننا نراعي هذا في كل المباني الجديدة".

فيما أخذ د. محمد الحسيني الطوخي حديث حواء عن تجهيزات المدرجات لضمان جلوس المعاق متساوياً في ذلك مع الطلبة الأسوياء بعين الاعتبار.

 

 

 

 

برواز

 

أصحاب الحقوق الخاصة

 

يؤكد د. الهامي عبد العزيز، استاذ علم النفس بجامعة عين شمس عدم رغبته  في تسمية المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة بهذا الاسم، وأفضلية  تلقيبهم بـ"أصاحب الحقوق الخاصة"،  فالأمر ليس احتياجاً أو مناً، ولكن لهم حقوقا ينبغي حصولهم عليها، كما هو الحال في معظم الدول المتقدمة.

 ويضيف: "المعاق هو من لا يستطيع أن يواصل، لكن هذا الإنسان قادر

 علي أن يواصل ويتواصل ويبدع، فقط يريد تهيئة المناخ، الذي من خلاله يستطيع أن يوظف ما لديه من طاقة وإمكانات لخدمة المجتمع، وإن كان ما يضيفه قليلاً، فعلينا أن ننظر إلي هذا القليل على إنه دور مهم".

ويرى د. الهامي: أن "المنظومة كاملةً تحتاج مزيداً من بذل الجهد لتحقيق بعض المكاسب فلا تزال هناك فجوة كبيرة، حيث لا يشعر الإنسان بالعجز أو النقص إلا إذا نظر إليه الآخرون على إنه كيان معاق، فإذا ما استشعر ذلك عانى الإحباط ، حتى أن لسان حاله يقول"مهما قدمت فأنا ناقص".

 

 

المصدر: دعاء برعي _مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 976 مشاهدة
نشرت فى 14 مارس 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,690,325

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز