بقلم :آمنة نصير
أرى أن التعامل مع المرأة من خلال الدراما أو من خلال الكثير من الحوارات الثقافية أو الفكرية في القنوات الفضائية سواء ما يصدر من خلال التحليل الثقافي أو العلمي أو السياسي لا يرقى للمستوى اللائق بدور المرأة بأنها مستخلفة في الأرض، شأنها شأن الرجل، وللأسف أن هذا الحق الذي منحه الله للإنسان الرجل والمرأة في بناء وتعمير هذا الكون، للأسف مع تقادم الأزمنة تغلب العرف الاجتماعي والموروث الثقافي، وببعض الأراء الفقهية التى حجبت الكثير من هذه الحقائق في عدل الله للمرأة، وكان هناك شيء من الأنانية غٌلف في بعض الأحيان الخطاب الديني، والأمر المرير بحق في حق المرأة في كينونتها ودورها في الاستخلاف ومكانتها في صنع السياسة والحياة بألوانها المختلفة ظهر في السنوات الثلاث الأخيرة، عندما ارتفع خطاب بعض المتأسلمين وصدروا باسم الدين والدين منه بريء، بأن يخفوا اسم المرأة في إحدى القوائم، وأنهم اختزلوا المرأة في الجنس أو الكلام على ملابسها أو أنها هي سبب تجرؤ الغلمان والأوغاد من الشباب عليها في الشوارع أو الميادين والطرقات سواء بالقول أو ببعض الأفعال المشينة دون حياء أو رادع من القيم الدينية الرفيعة.
وهنا يأتي التناقض ما بين من رفعوا شعار الإسلام وتكلموا عنه وهم لا يؤدون حق هذا الدين بنقائه وحضارته في قضية المرأة وحقها الذي شَّرعه الله لها سبحانه وتعالي.
نعود إلى هذا العهد النبوي عندما كانت المرأة تشارك في هذه المرحلة المضيئة.. شاركت في البيعة بل سميت بيعة العقبة ببيعة النساء، وهنا تكريم للمرأة.. وشاركت في الحوارات المختلفة، وشاركت في إعطاء الحماية بما يعرف اليوم بحق اللجوء السياسي وتؤمنه امرأة كما حدث مع أم هانيء عندما لجأ إليها أحد الرجال من أقرباء زوجها، يطلب منها الحماية فتمنحها له، فيغضب الإمام علي كرم الله وجهه، فتذهب إلى الرسول وتقول: يا رسول الله لقد أجرت فلانا وابن أمي يرفض لي ذلك فماذا كان رد الرسول؟ كان رده الكريم: لقد أجرنا من أجرت يا أم هانيء، هذه قيمة المرأة التي أسسها سيد الخلق في هذه المرحلة من حياة الدعوة، ثم بعد ذلك نرى المرأة التي تجادل في حقها وينزل القرآن لكي يرد عن جدالها عندما يظاهرها زوجها، ثم المرأة التي تقف كالأسد في خيمة الغزوات تعالج وتداوي الجرحي، والرسول عندما يصاب أي إنسان يقول: اذهبوا به إلى خيمة رفيدة، والدور البارع الذي قامت به نسيبة بنت كعب"أم عمارة" في غزوة "أحد" التي توارى فيها الرجال وبقيت هي تدافع عن الرسول حتى أنه نظر إلى أحد الفارين وقال له"اعط ما في يدك من رمح وقوس لأم عمارة".. هذه هي المرأة في العصر الأول والبداية لقيمة المرأة.. ثم بعد ذلك كيف أن المرأة لعبت دورا بارزا في رواية الحديث، ويقول الإمام الذهبي بإنه لم يٌعرف عن امرأة أنها كذبت في رواية الحديث، وكانت المرأة من القرن الثاني الهجري إلى التاسع شيخة لكبار علماء الأمة، فموسوعة القرن السادس أبو الفرج بن الجوزي عندما يقول"بموت شيختي شهدة بنت أحمد البغدادي نقص علم العراق"، هذه هي المرأة في العصور الأولى من الإسلام كمحاربة.. كمداوية.. كراوية حديث.. كشيخة لكبار علماء الأمة، أين نحن الآن من قيمة ومقام المرأة في هذه العصور وما نراه ونسمعه من أدعياء التأسلم أمثال الشيخ الذي يقول"اترك زوجتي لكي تغتصب حتى أفر بعمري!!" أمثال هؤلاء الأنطاع لا مروءة ولا رجولة ولم أر قيمة المرأة في خطاب المتأسلمين في هذه المرحلة، وكل هذا يصب في جرأة الغلمان والأوغاد على التحرش بالمرأة سواء بالقول أو الملامسة إلى آخره.
نخرج من هذا الاستعراض لهذه القضايا فيما نقبت فيه المرأة في هذه الأزمنة من عدم التقدير والاحترام لدورها السياسي وقت الدستور وقبلها، في اختيار الرؤساء المرأة لعبت دورا بارزا في صبر وأناة، ونزلت إلى الشارع، وتكبدت كل المصاعب، ثم أرى بعض الرجال أو الغلمان أو الشباب الذين لا يقدرون دور أمهاتهم في صنع الحياة والاستخلاف في الأرض ورأينا ما رأينا.
أخيرا لي دعوة للجميع للمرأة، للشباب، لأولي الأمر، أود وأتمنى أن تأخذ المرأة الطريق القويم وتدرك دورها في هذه المرحلة ولن يمنحها أحد هذه الحق بسهولة، وأقول لكِ أختي المرأة: والله لن تصلي لحقوقكِ بمجرد الأحلام أو العشم، ولكن تبلغيه عندما تقفي أمام حقكِ قوية، أبية، تدركين قيمة دورك في الاستخلاف في هذا الزمان، فإياك أن تتراجعي. أما توجهي لأهل الحل والعقد أقول لهم: أود أن أرى ما تتمنونه للمرأة وما تصرحون به وما تعدون به، أود أن أرى هذا تطبيقا عمليا على أرض الواقع حتى تنهض المرأة بدورها الحقيقي في صنع مصر الجديدة التى تقف على قدمين للإنسان الرجل والمرأة.
الأمر الثالث للشباب من أبنائي وأحفادي أقول: اتركوا هذه الفوضى اللاأخلاقية وتخلقوا بأخلاق هذا البلد الكريم، وهذا الدين العظيم، واستدعوا كل قيمة وحضارة، وعودوا إلى ما يليق بكم ويرقى بمستوى هذا البلد المتربص به من كل صوب وحدب، تعالوا جميعا لبناء هذا الوطن، الرجل والشاب والفتاة، والكبير والصغير، والمعلم وكل إنسان أن ننطلق جميعا، نقول لمصر ها نحن يامصر لبيك لبيك، نحن الآن نود أن نقدم لك كل ما يليق بك وأن نستغفر لعقوقنا الذي مارسناه كثيرا في حقك يا أمي في المرحلة الفائتة، عاشت مصر وعاشت المرأة المصرية
ساحة النقاش