مصر المحروسة  تحمل تاريخا عظيما يسرده الأجيال ويتفاخر به الأحفاد،  لكن بدلا من مساعدة الأجيال في التعرف على تاريخهم في قوالب درامية، يتم تشويه هذا التراث في أعمال درامية بعيدة عن الواقع التاريخي.
وتترسخ كثير من المعلومات الخاطئة داخل وجدان أجيال بأكملها، قد لا تملك القدرة على التمييز والفرز. .فهل فقد الشباب ثقتهم فيما يعرض من أعمال تاريخية وسقطت من حساباتهم في فهم التاريخ.. هذا ما تجيبه السطور التالية.


تعود بالذاكرة قليلا نها إبراهيم"طالبة بالفرقة الثالثة بكلية الألسن" ثم تقول: عندما كان أخي  الكبير في الثانوية العامة وكان يدرس قصة صلاح الدين الأيوبي في مادة اللغة العربية وقبل الامتحان، وجدت أن أمي وأبي وجميع أصدقائه ينتظرون فيلم"الناصر صلاح الدين الأيوبي" كنوع من أنواع المراجعة الشاملة للقصة قبل الامتحانات، وقتها أدركت القيمة العظيمة لتقديم مثل هذه الأعمال التاريخية التي نتعرف من خلالها على تاريخنا، وأشعر بالصدمة أمام مستوى الدراما التاريخية خلال السنوات الأخيرة و ضياع هذه القيمة، فلا يمكن مطلقا حاليا أن أعتمد على عمل درامي تاريخي بسبب ما فيه من معلومات مغلوطة.

وتنقد ياسمين معز"الطالبة بالفرقة الأولى بكلية الإعلام"  ما يتم عرضه من مسلسلات تحكي تاريخنا المصري بطريقة مغلوطة حيث تقول: لا أتخيل ضخامة إنتاج مثل مسلسل "سرايا عابدين" بكل ما فيه، وتوقعت قبل العرض أنه يكون مرجعا تاريخيا هاما لحياة الخديوي، ولكن منذ الوهلة الأولي لمتابعة المسلسل مع القيم التي يحاول بثها تأكدت أنه كارثة تاريخية بل يجب الامتناع عن مشاهدته لما يحتويه من تشويه لتاريخنا.

قيم لاأخلاقية

ويؤيد محمود سليم"طالب بالفرقة الأولى بكلية الهندسة" نها فيما ذهبت إليه من رأي مضيفا:  هناك انعدام القيم وتشويه التاريخ ببث قيم تنحصرفي الصراع على رضا الخديوي وارتكاب الأعمال المحرمة وانتشار القيم اللاأخلاقية وكأن هذه هي حياة المصريين منذ قرون، وهي أيضا محاولة لتشويه تاريخ حكام مصر، فكيف لنا أن نستمد معلوماتنا التاريخية من هذه الكوارث الدرامية، ولا يمكن أن أعتمد على أي عمل تاريخي الآن كمرجع لمعلوماتي وإذا أردت الاطلاع على التاريخ فسيكون ذلك من خلال مراجع موثوقة.

التشتيت

أما  نهير محمد"طالب بكلية الطب" يقول: كل ما يتم عرضه في دقائق على شاشات التليفزيون يمحو ما درسناه  من تاريخ خلال سنوات الدراسة، ولا أعرف كيف أمنع تسرب معلومات خاطئة إلى ذاكرتي وأرى ضرورة منع مثل هذه الأعمال من قبل الرقابة لأنها في النهاية تحمل اسم عمل تاريخي يتعرض لحقائق شعبنا ومحسوبة علينا.

الربح

وتعلق على آراء الشباب الدكتورة ثريا البدوي"استاذ مساعد بكلية الإعلام، جامعة القاهرة" موضحة خطورة مثل هذه الأعمال على معلومات الشباب تقول: بداية لعلنا نتفق أن ما يحدث في الدراما التليفزيونية أو السينما ما هو إلا مجرد عمل لكسب الرزق بعيدا عن المعني الحقيقي والهدف الرئيسي للدراما والسينما في توصيل رسائل تحمل قيم ومعاني تنموية للجمهور، وفقدت الدراما هذه الصفة وانحرفت عن مسارها وركزت على تقديم كل ما هو مربح يجذب الجمهور واستخدمت كل الوسائل لتحقيق أهدافها دون رقابة أو تفكير في المجتمع بنشئه وشبابه وبناته.

التوعية

وإذا تطرقنا للحديث عن المسلسلات التاريخية وخاصة مسلسل "سرايا عابدين" الذي أثار الجدل من اللحظة الأولى لعرضه على الشاشة فلعلنا نعلم أن أسرة المسلسل كتبت على بداية التتر"أنه دراما تاريخية مستوحاة من قصة واقعية" لتحمي نفسها من انتقادات المعلومات التاريخية الخطأ فتفقد القدرة على التمييز هل هي واقعية أومجرد حبكة درامية.

وتضيف الدكتورة البدوي: حتى الحبكة الدرامية بلا معنى، فمثلا خلال احتفال الخديو إسماعيل بعيد ميلاده الـ35  بقصر عابدين،  وعلى الرغم  من أن القصر لم يكن مكتمل البناء حينها، حيث  إن الخديو مولود سنة 1830 وأحداث الحلقة دارت سنة 1865، وقصر عابدين بدأ بناؤه عام  1863 وأصبح مقرًا للحكم سنة  1872.

 لذلك لا يجب اللعب في التاريخ بهذا الشكل وتشتيت الشاب الذي درس تاريخ بلده فما الحبكة الدرامية من عرض تواريخ خاطئة، أيضا حتى الشكل الذي قدمه المسلسل والقيم اللاأخلاقية للخديوي ونساء القصر كان يجب عدم المساس به، وخاصة أن مشكلتنا الرئيسية هي النشء والشباب ولا نستطيع منع الشباب أو النشء من المشاهدة، وللأسف اكتساب معومات تاريخية  خاطئة ومشوهة لتاريخهم خاصة في وجود عوامل جذب مثل الديكورات المبالغ فيها التي تكلفت الأموال الطائلة والممثلين المشاركين في العمل، دون النظر للمضمون وفي الجانب الآخر ليس لدينا منظومة إعلام جيدة تقوم بدور التوعية بتاريخنا وما يتم عرضه، لذلك فالاعتماد الرئيسي على استطاعة الشباب أن يفرقوا ما بين الحقيقي والزائف حتى لا نشوه تاريخنا أكثر من ذلك.

المصدر: منار السيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 579 مشاهدة
نشرت فى 12 أغسطس 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,808,718

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز