قد يعتقده البعض حلما، ولكن عطاء المرأة المصرية لا يتوقف عند حد فكما كانت في طليعة من شاركن بكل قوة وشجاعة في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وكما حرصت على التواجد في اللجان الانتخابية المختلفة منذ اندلاع الثورة وحتى الآن محددة بهذا أهم ملامح خارطة الطريق، لم يكن بغريب عليها أن تخرج مطالبة بالانضمام لصفوف الجندية لكي تصبح عضوا فعالا ومشاركا في الجيش المصري أسوة بـ 48 دولة على مستوى العالم تشارك بها النساء بالجيش كالإمارات العربية المتحدة، والأردن، والصومال وغيرهم.
 
"حواء" تجولت بين أكثر من دعوة  تضمنت المطالبة بهذا الحق، من خلال وقفات ومسيرات بل ورسائل رسمية وجهت لرئاسة الجمهورية للمطالب بانضمام الفتيات لصفوف الجندية استنادا على ما نص عليه الدستور من مبادئ للمساواة  بين الرجال والنساء في مباشرة الحقوق السياسية والدستورية، فكانت جولتنا التالية..



بدايتنا تأتي من حملة "مجندة مصرية"، والتي تبنتها في البداية مجموعة محدودة من الفتيات لا يتجاوز عددهن خمس فتيات على أرض الواقع، حتى وصلت أعداد مؤيديها الآن إلى الآلاف من الفتيات وفقا لصفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، هذا بجانب من يؤيدن الحملة على أرض الواقع من خلال  العديد من الاستمارات الموقعة من فتيات ينتمين إلى كافة المحافظات المصرية مطالبات بمنحهن هذا الحق، وحتى نتعرف أكثر على هذه الحملة ومطالبها، تقول جهاد الكومي "مؤسسة الحملة والمتحدثة الرسمية لها": لقد كانت بدايتنا محدودة جدا منذ عام 2010 وربما كانت تقتصر علينا  كمؤسسات ومنسقات لهذه الحملة حيث لم يكن عددنا  يتجاوز خمس فتيات.
 وخلال عام 2013 قررنا استكمال دور المرأة في الدعم والمشاركة في ثورة 30 يونيو، وأن يكون لنا دور على أرض الواقع بل ونتحرك بصورة أكثر وضوحا، أما مطالبنا فكانت ومنذ البداية ترتكز على التجنيد الاختيارى للإناث، وإنشاء كليات عسكرية  تكون مقتصرة على الفتيات لتدريبهن على حمل السلاح لكي يكن على أتم استعداد في حالات الحروب والطوارئ، مع قبول فتيات الجامعات المصرية المختلفة بكافة تخصصاتهن حيث إن خدمة الوطن أمر لا يقتصر على  طالبات كلية بعينها، هذا بجانب إنشاء مدارس عسكرية لهن، وكان هدفنا من هذا كله أن يدرك العالم أجمع أن فتيات  مصر على أتم الاستعداد بأن يضحين بحياتهن من أجل الوطن.
 

وكيف كانت خطواتكن على أرض الواقع فيما بعد لتحقيق هذه الأهداف؟

تنوعت الأنشطة التي حاولنا بها تحقيق مطالبنا على أرض الواقع فكانت هناك التماسات تم تقديمها للمنطقة العسكرية بمحافظة الإسكندرية بهذه المطالب وكذلك لوزارة الدفاع بالقاهرة، كما نظمنا عددا من الوقفات للتعبير عن مطالبنا كان منها وقفاتنا في يوم 30 يونيو الماضي احتفالا بذكرى الثورة في أربع محافظات هي أسوان والمنيا والإسكندرية والقاهرة، هذا بجانب جمعنا لعدد من الاستمارات المؤيدة للفكرة من عدد يصل لـ 3000 فتاة ينتمين لكافة محافظات الجمهورية ويطالبن بنفس المطالب،  كما نرتب لعقد عدد من المؤتمرات للتعريف بفكرتنا في المرحلة المقبلة، وأخيرا قمنا مؤخرا بتوجيه رسالة لفخامة رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبد الفتاح السيسي نطلب مقابلته لعرض مطالبنا ومازلنا في انتظار الرد.
من الصعيد لسيناء
وتضيف دينا عاشور إحدى عضوات الحملة وهي محامية.. لم نفكر بالطبع بجانب هذه الإجراءات في رفع أي قضية للمطالبة بهذه المطالب حتى لا نتسبب في أي حرج للمؤسسة العسكرية، هذا بجانب أن هدفنا  في الأساس هو خدمة الوطن بشكل فعلي تأكيدا على مبدأ المساواة  بين الرجال والنساء في الحقوق الدستورية والسياسية التي نص عليها الدستور.

 وأكبر دليلا يشير لتحمس الفتيات المصريات للفكرة أن عددا ليس بقليل من الاستمارات التي تم التوقيع عليها من قبلهن للمطالبة بهذه المطالب كانت من محافظات الصعيد وشمال سيناء وهي محافظات كان يعتقد البعض بصعوبة تقبل الفتيات وذويهن لهذه الفكرة فيها، ولكننا جميعا يجمعنا حب الوطن والرغبة في الدفاع عنه والتواجد بين صفوف مقاتليه فالمرأة نجحت منذ فجر التاريخ الإسلامي في أن يكون لها دور كمقاتلة ومحاربة، ووصلت الآن للعديد من المناصب القيادية العليا كقاضية ووزيرة وغيرها من المناصب، فكيف لا يمكنها الالتحاق بصفوف الجندية؟ خاصة وأنه يمكننا جميعا من خلال هذا أن نلعب دورا حقيقيا في مواجهة ما تتعرض له النساء حاليا من حوادث تحرش أو اغتصاب أو تحركات ممنهجة تقودها بعض المنتميات لبعض المجموعات الإرهابية.

محو الأمية





هذا عن إحدى الدعوات للمطالبة بتجنيد الفتيات، أما منال محمد عبده رئيس مجلس إدارة الجمعية العمومية لنساء مصر، ومؤسسة حركة سيساوية، فهي أيضا صاحبة مشروع آخر متميز لتجنيد الفتيات، تقول عنه: يرتكز مشروعي على الدمج ما بين تجنيد الفتيات ومعالجة قضية الأمية، حيث يمكننا من خلاله علاج هذه المشكلة خلال عامين فقط من خلال تجنيد الفتيات بعد التخرج لمدة عام واحد تحت إشراف وإدارة التجنيد مع الاستفادة من جهودهن خلال هذه الفترة في مشروع قومي لمحو الأمية، من خلال تكليف الفتيات من قبل إدارة التجنيد بمحو أمية 5 مصريين على الأقل بعد تدريبهن على التعامل مع الملتحقين للدراسة في هذا المشروع على التدريس لهم بطريقة مبتكرة وجذابة.

 ويتم تحديد فترة ثمانية أشهر للمجندة لتحقيق هذه المهمة تخصم من فترة تجنيدها، كما يتم  خلال هذا المشروع تفعيل مراكز الشباب في كل حي بحيث تصبح مراكز لتلقي الدارسين لهذه الدروس، كما يمكن تخصيص بعض المدارس بحيث تلعب نفس الدور بعد انتهاء فترة الدراسة اليومية، وهذا بالطبع بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، ويمنح الدارس في نهاية هذه المرحلة وبعد اجتيازه للاختبارات شهادة محو الامية، كما تحصل الفتاة على شهادة تفيد بتأدية الخدمة العسكرية، ويمكن أيضا في إطار نفس المشروع تكريم أفضل عشرة دارسين وكذلك أفضل عشر مجندات وفقا لأدائهن أو بناء على مسابقة معينة لتحديد المتميزين من كلا الطرفين، وأقترح أيضا أن يكون هذا التكريم والجوائز التي سيتم منحها تتم من قبل أعضاء مجلس الشعب كلا وفقا لدائرته كنوع من المشاركة المجتمعية.

وتضيف: وهناك نوع من التواصل بيننا وبين حملة "مجندة مصرية"، حتى نصل جميعا لما فيه خير المرأة المصرية بل ويبلور رغبتها الحقيقية في لعب هذا الدور لخدمة وطنها استكمالا لدورها البطولي ومشاركتها الفعالة في خدمة الوطن على مر التاريخ وخاصة منذ اندلاع الثورة، والمشروع في طريقة للعرض على رئاسة الجمهورية ونأمل أن نجد الدعم والمساندة الكافية التي تساهم في خروجه للنور.
أسوة بالشرطة

هذا عن هذه الدعوات والمطالبات بتجنيد الفتيات والتي بدأت تظهر على الساحة بل وتتخذ خطوات فعلية للخروج للنور من خلال وسائل عدة، ولكن كيف تراها الفتاة المصرية؟ وهل تعبر بالفعل عن طموحها؟




نهلة الشافعي طالبة بكلية الآداب, ترى أن هذه الدعوات مشروعة بل وتمنح الفتاة التي تتلقى تعليمها في أي كلية أي كان تخصصها الحق في خدمة وطنها بطريقة حقيقية، ولا تجد أي غضاضة في تقبل المجتمع للفكرة، قائلة: هناك فتيات ونساء أصبحن يرتدين زي الشرطة ويقمن بواجبهن في هذا الإطار فلماذا لا نصبح أيضا  مثلهن مجندات خاصة في  ظل الأوضاع الأمنية الصعبة التي نعيشها؟

فالوطن قد بات يحتاج لنا جميعا والمرأة لم تعد حبيسة البيت مثلما كانت في العصور الماضية بل على العكس الثورة أثبتت أنها على قدم المساواة مع الرجل بل وربما تتقدمه وتتواجد في الصفوف الأولى عند الخطر.
فرصة للعمل

وهو أيضا ما تشير إليه مي عبد التواب خريجة كلية التجارة قائلة: بداية أمارس لعبة الكارتيه وأحصل فيها على ميداليات عدة وهناك الكثيرات مثلي ممن هن متفوقات في مجال الألعاب الرياضية الصعبة، وهو ما يعني إمكانية تدريبهن بسهولة على حمل السلاح والمشاركة في الدفاع عن الوطن دون أي خوف، كما أن الكثير منا لا يعملن وبالتالي فقد يكون الالتحاق بالجندية فرصة حقيقية لنا للعمل بمجال مشرف وجدي بل واستغلال وقت فراغنا بصورة مشرفة بدلا من إهدار الوقت في البحث عن فرصة عمل قد لا تتوفر لنا وبالتالي فهذا المشروع يعد ذا فائدة مزدوجة.

وتقول إيمان طلبة خريجة كلية سياحة وفنادق: حتى وأن تم تطبيق هذا المشروع بصورة تجعلنا نكمل فترة تجنيدنا وفي نفس الوقت نساهم في محو الأمية بعيدا عن حمل السلاح، فلا شك أنه سيجعلنا نساعد في خدمة وطننا من ناحية ومن ناحية أخرى سيوفر لنا وسيلة للعمل واستغلال الوقت بصورة مفيدة ومشرفة.

 ولا اعتقد أن المرأة التي خرجت وكانت في طليعة الصفوف الأولى للثورة ستكون متخاذلة أو خائفة عند تقدمها بل واختيارها لأداء هذا الدور، فقد تعرضت الكثيرات منا لخطر الاستهداف بل وهاجمتها بعض عناصر المجتمع حينما خرجت وارتفع صوتها ودافعت عن قضية وطنها ولكننا لم نخاف فالمرأة تقوم بهذا الدور وتتواجد كمقاتلة منذ فجر التاريخ الإسلامي بل ويعد شرفا لها، فماذا لو وقفنا بجانب بلادنا في أي أزمة تتعرض لها أو ساهمنا من خلال تجنيدنا في علاج مشكلة كمشكلة الأمية بدلا من الانضمام لصفوف الأيدي العاطلة والتي لا تجد أمامها سوى وقت الفراغ!!
خدمة عامة




وأطرح هذه الدعوات والمطالبات على المحامية والناشطة الحقوقية أشجان البخاري رئيس جبهة أحرار الحريات بنقابة المحامين فتقول عن إمكانية تطبيقها: لا شك أنها لا تتعارض كفكرة مع نصوص الدستور خاصة بما يتضمنه من مبادئ للمساواة بين الرجل والمرأة في كافة الحقوق، ولكن مشكلة تطبيقها تتعلق أكثر بمدى تقبل المجتمع لها ومدى إمكانية تطبيقها خاصة في الظروف الراهنة.

 فلا شك أن هناك مخاطر عديدة قد تتعرض لها الفتيات والنساء إذا أقدمنا على توجيهن لحمل السلاح ومجابهة الأخطار الأمنية خاصة في ظل الأوضاع الراهنة، ولكنه يمكن تطبيقها من خلال تجنيد الفتيات بالفعل ثم توظيف طاقتهن لخدمة المجتمع في أي من مجالات الخدمة العامة بشكل فعلي بحيث يمكن الاستفادة من وقتهن وطاقتهن بشكل إيجابي كما هو الحال في محو الأمية أو أي من مشكلات المجتمع العديدة والتي تحتاج لمشاركة مجتمعية فعلية على أن تكون هناك رقابة فعلية على أدائهن خلال فترة التجنيد حتى نتأكد من أدائهن لهذا الواجب على أكمل وجه.

وهو نفس ما تؤكد عليه ماجدة الخواجة نائب رئيس الاتحاد النسائي المصري قائلة: بالطبع لهذه الفكرة وغيرها من الأفكار المماثلة دور فعال في استغلال طاقة الفتيات خاصة بعد أن أثبتن قدرتهن على ذلك من خلال الالتحام والمشاركة مع كافة فئات المجتمع في كافة الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد على مدى الثلاثة أعوام السابقة، ولكني أرى أنه لابد وأن يتم اختيار فعلي لمن يستطعن المشاركة في الدفاع المسلح أو القتال ومن يمكن توجيهن لأداء الخدمة العسكرية من خلال المشاركة المجتمعية في علاج بعض من مشكلات المجتمع.

 فبعض الفتيات لديهن القدرة على ممارسة الرياضات العنيفة والتفوق فيها كالكارتيه والكونغ فو وغيرها وهؤلاء يمكن تدريبهن إذا كان لديهن الاستعداد والرغبة الفعلية للتجنيد بصورته المعتادة والمتعارف عليها، أما من هن بعيدات عن هذا فيمكن استغلال طاقتهن في محو الأمية أو علاج الجرحى وغيرها من الأعمال البسيطة والتي تخدم المجتمع وفي نفس الوقت تسمح لهن بأداء فترة التجنيد.

مسألة وقت




وأسال د. زينب شاهين خبير قضايا المرأة والأسرة وخبير التنمية, عن إمكانية تقبل المجتمع لمثل هذه الأفكار بما يساعد في خروجها لحيز التنفيذ، فتشير إلى أن خروج أي فكرة جديدة للنور أمر يتطلب تأهيل وإعداد شامل للمجتمع خاصة إذا كانت فكرة بعيدة إلى حد ما عما هو متعارف عليه من عادات وتقاليد، فهنا يتطلب الأمر فترة زمنية أطول
وإعداد أكبر تشارك فيه كافة مؤسسات المجتمع من مؤسسات إعلامية ودينية ومجتمعية وهيئات أهلية، وهذه الفكرة تندرج أسفل هذه الأفكار صعبة التقبل والتي لو تم الموافقة عليها لاحتاجت لإعداد طويل حتى يؤمن بها كافة أفراد المجتمع، خاصة وأننا كمجتمعات شرقية مازلنا نضع المرأة في إطار محدد وأدوار نمطية وحتى من تخرج عن هذه الأدوار تعتبر من القلة القليلة والمحدودة، وكثيرا ما يتعرضن لهجوم أو إزدراء وبالتالي فالأمر هنا يتطلب تضافر كافة الجهات المجتمعية لتأهيل المجتمع لتقبل هذه الفكرة ثم البدء في تطبيقها في حالة ما إذا كانت الفتيات مؤمنات بحق بها وراغبات في أداء هذا الدور بدافع وإيمان شخصي.

المصدر: سمر الدسوقي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 377 مشاهدة
نشرت فى 12 أغسطس 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,696,009

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز