مشروعات عدة ترسم  من قبل الجهات الحكومية والأهلية لتميكنهن ومساعدتهن على تحمل أعباء أسر يتراوح عدد أفرادها ما بين 5 إلى 6 أفراد في ظل صورة يغيب الزوج عن التواجد بها إما لظروف الطلاق أو الوفاة أو حتى إلقاء العبء على المرأة دون سبب واضح!
إنهن نساء العشوائيات التي حالت ظروف الفقر والمرض وصعوبة البيئة التي يعشن فيها ككل دون حصولهن على عمل ملائم يدر عليهن دخلا كافيا، فنزلن بدعم من البعض لسوق العمل ليغزلن بمغزل الفقر قصة أخرى من قصص كفاحهن, ومعهن ومع بعض من الجهات التي تساعدهن في هذا كانت جولتنا..

ورشة صغيرة لتصنيع بعض الأحذية الشعبية بإكسسوارتها، هي ما تستطيع به أمل إسماعيل مصطفى مواجهة ظروف الحياة والإنفاق على 4 أبناء تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 25 عاما، وعن تجربتها تقول: زوجي كان يعمل في هذا المجال ولكنه أصيب بمرض في القلب ولم يعد قادرا على النزول للورشة، ولأني كنت أرافقه وكان لدي 4 أبناء أعمارهم مختلفة وعلى أن أنفق عليهم قررت أن أنزل لسوق العمل، ولأني غير متعلمة وهذه المهنة هي الشيء الوحيد الذي تعلمته عن زوجي، كانت المشكلة التي أمامي كيف أدير العمل ومن أين أجد المال الذي اشتري به المواد الخام وأدير به ورشتي، فساعدتني إحدى الحملات الأهلية التي تعمل بالمنطقة وتبرع العمال بالعمل معي مجانا في مقابل اقتسام العائد الذي يدره علينا، ورغم سوء الأوضاع بشكل عام خلال الثلاث سنوات الأخيرة إلا أن البعض مازال يحضر للورشة ويشتري مني بعض الأحذية التي نصنعها حتى يسوقها في الأرياف أو لبعض المحال في المناطق الشعبية بالقاهرة، ومن هذا العمل ربيت أبنائي وساعدت في زواجهم، ولكني مازلت أتمنى أن أجد لهم عملا لأنهم لا يستطيعون إكمال حياتهم ومساعدة أنفسهم ومساعدتي دون أن يعملوا، وأنا بدوري أتقدم في العمر وتقل طاقتي على العمل يوما بعد اليوم.
هذا هو واحد من المشروعات البسيطة التي قد لا تكفي حد الكفاف، والتي تتنوع ما بين مشروعات بيع بعض المنتجات الغذائية المصنعة بالمنزل أو التطريز أو بيع الحلي وغيرها، وتلجأ إليها النساء في هذه المناطق بمساعدة المجلس القومي للمرأة في بعض الأحيان ومن خلال المشروعات العامة التي توفرها وزراة التطوير الحضاري والعشوائيات للرجال والنساء على حد سواء وتدمج بها المرأة، هذا بخلاف جهود الحملات والجمعيات الأهلية بهذه المناطق.

قصب وملابس قديمة!

أما الحاجة كريمة عبد المنعم، فقد لجأت في منطقة مقابر باب النصر لمشروع آخر بسيط حتى يساعدها على الإعاشة وذويها بمساعدة إحدى الحملات الأهلية التي تعمل بالمنطقة، وتقول عنه:
أنا وزوجي نعاني من عدة أمراض ويتم علاجنا على نفقة الدولة، ونحن نعيش في كشك خشبي قديم، ولدي من الأبناء ستة أبناء لا يعمل أي منهم، أما شقيقتي وهي أيضا تقيم معي فزوجها متوفي ولديها خمسة أولاد وهي أيضا لا تعمل، لذا لم أجد أمامي بمساعدة من هذه الحملة سوى شراء بعض أعواد القصب وبيعها للمارة لأنها رخيصة في السعر وبيعها سهل عن أي منتجات أخرى، وفي أحيان أخرى أحصل على بعض الملابس القديمة من أهل الخير وأبيعها، ورغم أن العائد بسيط إلا أن الكثيرين يساعدوننا لإكمال الحياة.
كشك المشروبات
وبجوار كشك الحاجة كريمة، تعمل الحاجة كلثوم على عبد الحفيظ في مشروع آخر بسيط داخل كشكها الخشبي، وتقول عنه: أعيش في هذا الكشك مع زوجي وأبنتي إحداهما مطلقة والأخرى في المرحلة الثانوية وتعاني من إعاقة، ويعتبر معاش زوجي والذي لا يتعدى الـ 400 جنيه دخلنا الأساسي الوحيد، وإن كنت أساعده من خلال مشروع بسيط ساعدني فيه أهل الخير لبيع بعض المأكولات والمشروبات البسيطة لأهل المنطقة، ولكن عائده لا يكفي مصروفات ابنتي فحلمي الوحيد أن تكمل تعليمها وتستطيع أن تعمل وتعالج نفسها، أما نحن فإننا نكتفي بما يدره علينا عملي هذا ومعاش زوجي.
كوب من الشاي
والأمر لا يختلف كثيرا في عائده المادي لدى الشابة هبة محمد أحمد، والتي تتحمل والدتها مسئولية عائلة بأكملها من خلال مشروع لبيع الشاي للمارة أسسته بجهودها الذاتية، تقول عنه: لم أتعلم أنا أو والدتي أي شيء يساعدنا في أن نجد عملا كما أننا لم نجد من يدربنا على حرفة نستطيع الكسب منها، ولأني أرملة وأنفق بمفردي على طفلين من الأيتام، كما أن والدتي تنفق أيضا على أشقائي الذكور وجميعهم ليس لديهم عمل، لم نجد سوى بيع الشاي للمارة من ال6 صباحا وحتى 6 مساء، بجوار الكشك الذي نعيش فيه، ورغم أن العائد بسيط ولا يزداد إلا فترة وجود حالات لدفن الموتى بالمقابر التي نعيش فيها إلا أننا مازلنا نعيش ومازلنا في انتظار من يوفر لنا أي عمل بأي أجر معقول حتى نستطيع أن ننفق على هذه العائلة.
معاشات ومستلزمات زواج
وأسال أحلام رمضان رئيس لجنة المرأة بحملة"مين بيحب مصر" عن القاهرة، عن أبرز ما يقدم من جهود أهلية في هذه المناطق وما يواجه الحملات والجمعيات الأهلية من مشكلات فيها، فتقول: بداية هناك التنسيق الدائم مع الجهات الحكومية المعنية لتوفير معاش للنساء اللاتي فقدن عائلهن، مع التكامل مع كافة الجمعيات الأهلية للمساهمة في توفير مستلزمات الزواج للفتيات اليتيمات، هذا بجانب الإهتمام بافتتاح فصول دائمة لمحو الأمية لهؤلاء النساء بما يساعدهن في الحصول على عمل، ومحاولة تسكين بعض الأسر التي تتعرض منازلها لخطر الإزالة، وبذل الجهد لتوفير بعض من فرص العمل للشباب والنساء بهذه المناطق.
وتضيف: أما الصعوبات التي تواجهنا فهي التباطؤ من قبل البعض في تنفيذ تأشيرات التسكين الخاصة ببعض سكان المقابر والعشوائيات، انخفاض حجم المساعدات المادية والعينية التي تقدمها بعض الجهات الأهلية لهؤلاء العائلات والنساء والتي تساعدنا في إتمام زواج بعض اليتيمات أو توفير فرص عمل أو علاج أو تأسيس مشروعات بسيطة للبعض.
الإنسان محور التطوير

هذا عن دور بعض الحملات الأهلية في هذه المناطق وما تواجهه من مشكلات، أما عن دور وزارة التطوير الحضاري والعشوائيات في التعامل مع هذا الأمر فإنه يشمل الرجل والمرأة على حد سواء في هذه المناطق، وكما  صرحت د.ليلى إسكندر وزيرة الدولة للتطوير الحضري والعشوائيات، فإن خطة الوزارة لتطوير المناطق العشوائية والتي بدأت منذ شهر يوليو الماضي وتستمر حتى ديسمبر 2014، فتعتمد على منظور أن الإنسان هو محور تطوير المكان حيث تعمل الوزارة في ثلاثة محاور لتطوير المناطق العشوائية، تشمل تطوير المناطق غير الآمنة وتطوير المناطق غير المخططة وتطوير الأسواق العشوائية من خلال بناء جسور الثقة مع قاطني المناطق العشوائية والعمل على دمجهم ضمن المجتمع وإشراكهم في جميع مراحل وعمليات التطوير.
حيث سيتم خلال هذه الفترة الانتهاء من تطوير عدد 57 منطقة وسوق عشوائي تشمل عدد 8 مناطق غير آمنة في عدد 6 محافظات، وعدد 44 منطقة غير مخططة في عدد 3 محافظات, وعدد 5 أسواق عشوائية في محافظتين، ويجري العمل بعدد 18 منطقة غير آمنة في 7 محافظات.
وخلال نفس الفترة سيتم الانتهاء من إعداد الخطط التنفيذية واتخاذ كافة الإجراءات الفنية والمالية والتنسيق مع المحافظات والجهات المعنية للبدء في تطوير عدد 32 منطقة وسوق عشوائي تشمل عدد 24 منطقة غير آمنة وعدد 4 مناطق غير مخططة بالإضافة إلى تطوير عدد 4 أسواق عشوائية. وخلال تنفيذ أعمال تطوير المناطق غير المخططة سيتم البدء في تدريب وتشغيل الشباب قاطني المناطق العشوائية على أعمال دهان واجهات المباني كمدخل لإعادة الصورة الحضارية للمناطق غير المخططة كمرحلة أولية، كما سيتم خلال تنفيذ أعمال التطوير بجميع المشروعات البدء في تنفيذ خطة تنمية مجتمعية شاملة تستهدف الارتقاء بمستويات المعيشة وخفض معدلات فقر الأطفال ورفع الوعي الصحي والسلوكي للأسر.
مشروعات تنموية

 وعن كيفية تطوير الوضع الاقتصادي للمرأة في المناطق العشوائية، يقول الخبير الاقتصادي د.هاني وهبة رئيس المركز الاقتصادي المصري للتنمية: وفقا للدراسات فإن  ‏81‏% من سكان العشوائيات يعملون بالقطاع غير الرسمي، و 20%‏ من رجالها عاطلين، و38% من أسرها دخلهم أقل من ‏200‏ جنيه شهريا، كما أن  58% من سكانها يتنافسون على دورات مياه مشتركة، وبالتالي فالمرأة هنا تشكل وبنسبة كبيرة العائل الأساسي لأعداد كبيرة من الأسر وفي نفس الوقت تعاني هي أيضا من نفس المشكلات التي يعاني منها قاطني هذه المناطق كالفقر والجهل والمرض، وبالتالي فلابد من إدماجها في خطط التطوير الشاملة لهذه المناطق من خلال الاهتمام في كافة الخطط الحكومية بتخصيص بنود لبرامج محو أميتها، وبنود أخرى لمشروعات تنموية تشارك فيها، وليس مشروعات هامشية وبسيطة، مع الاهتمام بتوفير التأمين الصحي الشامل لها ولأسرتها بأكملها.

المصدر: سمر الدسوقي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 697 مشاهدة
نشرت فى 12 نوفمبر 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,808,577

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز