"لا يصبح الإنسان كبيرا ولا عظيما إلا من خلال الوقوع فى عدد عظيم من الأخطاء الكبيرة" مقولة للسياسى البريطانى ويليام جلادستون الذى تولى رئاسة وزراء بريطانيا أربع مرات آخرها فى عام 1894 قبل وفاته بأربع سنوات..  إذا تأملت هذه المقولة هل تستطيعين تنفيذها دون خوف؟ الإجابة المنطقية المتوقعة منك ومن الكثيرات والكثيرين هى النفى، وذلك لسببين لا ثالث لهما، أولهما أنه ليس كل الناس كبارا ولا عظماء حتى وإن كانت رؤيتهم لأنفسهم غير ذلك، والسبب الثانى هو أن الخوف يعد واحدا من الأحاسيس الطبيعية التي تكمن داخل النفس البشرية.. وللأسف يكون قويا وواضحا عند الكثيرين، وعند هؤلاء يصبح هو العدو الأعظم لهم..  بل يكون هو الإحساس صاحب النكهة العالية الغالبة على أى شعور آخر..
بعض المجتمعات تغرس هذا الشعور المزعج فى أبنائها وتعلمهم إياه فيكبر معهم.. فتستطيع برمجتهم على الخوف من الحكام وأصحاب السلطة والنفوذ، وشيئا فشيئا يتمكن الخوف منهم ليصبح القاسم المشترك الأعظم فى كل ما يمرون به من مواقف ومشاكل.. ويرفضون التغيير من ناحية والتعامل مع ذوى الآراء المعارضة لهم من ناحية أخرى.
أما التغيير فهو بالنسبة لهم خطوة جديدة محفوفة بالمخاطر يسودها الغموض، لأنها تتجه نحو المجهول، ولذلك يفضلون الاستمرار على نمط الحياة الذى اعتادوا عليه لأنه يعنى بالنسبة لهم الاستقرار، رغم أن التغيير قد ينقلهم إلى حياة أفضل ومستوى من المعيشة أجمل!
وأما المعارضون فهم رمز المتاعب والمشاكل خاصة وأنهم قد تربوا على أن "من خاف سلم"..، ورغم أنه لا بأس أن نخاف حتى نحترس ونحتاط فنضع فى الحسبان موقف الآخرين فى كل خطوة نخطوها، ولا بأس أيضا أن نتبنى تلك النظرة التنبؤية للمستقبل وصعابه حتى نعمل باستمرار على تحسين أدائنا الذى خططنا له، مما يضمن لنا ثقة الآخرين واحترامهم، لكن أن يكون الخوف بلا مبرر منطقى .. خوف من أجل الخوف أو خوف من أجل اللامبادرة واللاحركة بحيث نخاف من الآخر فى كل ما نعمل ونفكر حتى وإن كان فيه مصلحة مشروعة وتقدم لنا أو لغيرنا..  فهذا هو الفشل الذى يفوت الكثير من الوقت ويضيع العديد من الفرص ويهدر كل الجهد.