<!--
<!-- <!-- [if gte mso 10]> <mce:style><!-- /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} --> <!-- [endif]---->
نتحدث كثيرا عن العدل والعدالة، ونجهل كثيرا معناهما في شتى أمور حياتنا، ولكن من أسعده الحظ وسافر إلى بلاد أخرى أكثر تقدما منا أدرك سريعا معنى العدل والعدالة بهذه الدول، وتمني ـ أيضا ـ أن يسود مجتمعنا المصري، تلك المعان والتي من شأنها بسط الأمن والاستقرار بالمجتمع المصري، وحماية المستهلك المصري من السلع الفاسدة والمغشوشة هي حق اصيل له وبه تتحقق العدالة المطلوبة.
حواء تفتح هذا الملف الهام والشائك وتبحث عن الخلل الذي أصاب السوق المصرية، ودفع باصحاب النفوس الضعيفة من التجار وأصحاب المصانع إلى استغلال المستهلك وإهدار حقه في الحصول على احتياجاته الحياتية من السلع والخدمات دون غش أو تدليس..!
أسواق غير منضبطة.. ومستهلكون يطلبون الحماية..!
من منا لم يكتو بنار الغش والتدليس في سلعة اشتراها أومنتج حصل عليه؟ أعتقد أن معظمنا اكتوينا بها، ولكن الفرق بين كل إنسان وآخر أن هناك من لديه الوعي والثقافة التي تمكنه من المطالبة بحقوقه ورفضه لهذا الأسلوب، وهناك من ليس لديه الوعي الكامل بحقه كمستهلك، وبالتالي لم يتمكن من المطالبة به واستسلم وفوض أمره لله.
وأمام تجارب البعض ورد الفعل تجاهها نتوقف أمام روايات أصحابها:
* بداية تتحدث عن تجربتها أميرة كامل، ربة منزل وحاصلة على ليسانس آداب فتقول:" لقد عايشت تجربة مريرة تعرضت فيها للغش والتدليس من جانب شرائي لغسالة ملابس لأحد المصانع المصرية، فبعد استعمالي لها وجدت بها عيوب كثيرة في ماكينة المياه وفي الحساس وفي طلاء الجسم الذي دفعت فيه فرق لون فقط 300 جنيه، وعندما أبلغت الشركة عن هذه العيوب تعاملوا معي بمنتهى البرود والاستخفاف والمماطلة، وبعد معاناة قال لي فني الشركة إن هناك عجزا في القطعة المعيبة وعلى الانتظار.
وأمام هذا الرد طالبتهم بحقي في تغيير الغسالة لكنهم رفضوا، ليس هذا فقط بل هددوني أنني لن أنال أي شئ إذا صعدت شكواي إلى الأجهزة الرقابية، وأمام تهديدهم هذا استسلمت وأنا كلي حسرة وألم على مالي الذي ضاع واحتسبت حقي عند الله.
مسألة علاقات
*إيمان صالح تلخص قضية حقوق المستهلك بكلمتين" مسألة علاقات": المثل الشعبي يقول:" اللي له ضهر ما ينضربش على بطنه"، هذا المثل ينطبق على كل تعاملاتنا بالحياة بما فيها حقي كمستهلك في الحصول على سلع وخدمات بالشكل الذي يكفله لي القانون، ولكن في مصر هذه الحقوق مهدرة إلا إذا كان لدى المواطن علاقات قوية يستطيع من خلالها أن يحصل على حقه المشروع، وهذا ما حدث معي عندما اشتريت"ديب فريزر" وبعد استخدامه وجدت به عيبا في التبريد، وعندما أخبرت زوجي ـ الذي يعمل في منصب هام ـ وطالبته بإبلاغ الصيانة، فوجئت بمهندس الشركة الذي قام بالمعاينة يبلغني بأن الشركة سوف تسترجع الجهاز وتسبدله بآخر جديد بسبب وجود عيب بالصناعة.. بصراحة لم أصدق نفسي لأن أقصي ما كنت أحلم به إصلاح العيب فقط، ولكن لحسن حظي استبدلت الجهاز كله.
القانون لن يحميك
بكل جرأة قالها مدير أحد منافذ بيع منتجات مصنع لملابس الرجال لأحمد سعيد صاحب هذه المشكلة، والذي يحكي تفصايلها يقول: اشتريت"بنطلون" غالي الثمن من أحد منافذ توزيع هذا المصنع الشهير، وعندما ارتديته وجدت نسيج القماش قد تمزق دليلا على سوء الخامة المستخدمة، فعدت به للمنفذ مرة ثانية، لكن البائع رفض استبداله بحجة أن المنتج ليس به عيب صناعي ولكن سوء استخدام، تعجبت من رده هذا وازداد غضبي وهددته بأنني لن أسكت على حقي وسوف أرفع الأمر إلى أعلى مستوى، وعندما فعلت ذلك وجدت مدير هذا الفرع يرد علي بكل برود"القانون لن يحميك.. لأنك حصلت علي المنتج سليما من المحل، والعيب الذي ظهر أنت المسئول عنه..!
وأمام رده هذا قررت ألا أتنازل عن حقي مهما كان، ولجأت إلى جمعية حماية المستهلك التابعة للحي الذي أقطن فيه، والتي تولت بدورها الأمر وساعدتني في ارجاعه واستبداله بآخر.
لا أشتري المصري
شعار رفعه المحاسب جمال نعيم بعد أن اجتاز هذه التجربة الأليمة في شراء المنتج المصري المعيب، يوضح تجربته هذه قائلا: كنت مثل معظم شباب مصر الذي يحلم بركوب سيارة جديدة بعد معاناتي طويلا من ويلات شراء السيارات المستعملة، وعندما حانت لي الفرصة اشتريت سيارة تجميعا مصريا حرصا مني علي تشجيع منتج بلادي إلي جانب سعرها المناسب لدخلي، ولم أكن أدري وقتها أن خسارتي فيها سوف تكون فادحة، فبعد استعمالي للسيارة بعدة شهور اكتشفت عيباً بالفتيس الاتوماتيك، ولجأت إلى مركز الصيانة لإصلاحه، ولكن بعد أيام عاد العيب للظهور مرة أخري، فعاودت إصلاحه مرة ثانيا بمركز الصيانة ولكن فوجئت بعد ذلك بظهور العيب مرة ثالثة، وقتها أدركت أن هذا العيب لن يجدي معه إصلاح وأن الأمر يحتاج إلى تغييرالفتيس بالكامل، وحينما طالبت بحقي هذا من الشركة المنتجة وجدت المماطلة والتسويف من جانبهم تارة، والخداع تارة أخرى في محاولة للهروب من المسئولية، وأمام هذا التصرف لجأت إلى جهاز حماية المستهلك مطالبا بحقي القانوني من هذه الشركة، وطالبت أيضا بتعويضي عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بي من جراء هذا الغش والتدليس.
الدجاج الفاسد
كل شيء يهون إذا كانت الخسارة مادية، ولكن إذا تعلق الأمر بصحة الإنسان وبتعرض حياته للخطر فالأمر هنا يحتاج إلى وقفة حازمة وحاسمة أمام المتاجرين بحياة البشر، هذا ما تؤكد عليه صفاء صابر ربة منزل والتي لا تملك من الحنكة وحسن التصرف الكثير، فهي تتصرف بتلقائية مبالغ فيها وبطيبة، تحكي صفاء عن تجربتها فتقول: اعتدت أن أتسوق احتياجاتي اليومية من المواد الغذائية من فرع لسوبر ماركات شهيرة، وعندما اشتريت دجاج"فريش" مغلفا ومعروضا بالثلاجة فوجئت به بعد عودتي للمنزل فاسدا ورائحته عفنة، وأمام عنصر المفاجأة والغيظ الذي تملكني لم أتمكن حينها من التفكير الصحيح وكان رد فعلي هو إرجاع الدجاج واسترداد ثمنه وتعنيف البائع المسؤول، أعترف أنني لم أحسن التصرف، وكان من الواجب الإبلاغ عن هذا المحل لكي ينال العقاب الذي يستحقه، وليصبح عبرة لغيره من التجار بائعي الطعام الفاسد معدومي الضمير.
الإعلانات المضللة!
وجه آخر من القضية يظهر معانة المستهلك المصري من أسلوب النصب والاحتيال لشركات صيانة الأجهزة المنزلية التي تملأ إعلاناتها الجرائد اليومية وشاشات التليفزيون، هاني سلام موظف، قاده سوء الحظ ليصبح أحد ضحايا هذه الإعلانات يحكي عن تجربته قائلا: قمة المأساة التي نعيشها في مصرتتمثل في تدني مستوى الصيانة للسلع الاستهلاكية والطامة الكبرى وجود شركات للنصب تحت هذا المسمى تعمل وتمارس نشاطها تحت سمع وبصر الأجهزة الرقابية عندنا، فعندما أصاب العطب التكييف الوحيد الذي أمتلكه لجأت إلى أحد مراكز الصيانة التي تعلن عن نفسها بإحدى الجرائد اليومية، وكنت أظن أن المسألة مجرد إعادة شحن للجهاز، ولكن عند الكشف عليه من جانب الفني أخبرني أن العطل يحتاج لنقل الجهاز للمركز، وثقت بكلامه وأعطيته الجهاز، ولكن المصيبة أن التكييف بعد إصلاحه بعدة أيام تعطل مرة أخرى وبعد الكشف عليه وجدتهم سرقوا أجزاء منه ما دفعني إلى الاستغناء عنه وبيعه بالثمن الذي دفعته لمركز النصب والاحتيال.
2
جمعيات حماية المستهلك.. طريق التحدي والصعاب!
سعاد الديب: نعمل في ظل قانون لم يلب مطالبنا!
د. سامية الجندي: تواجهنا مشكلات عديدة ونعالجها بالجهود الذاتية!
اللواء أحمد عبد الجواد:الجمعيات تعمل في ظل ظروف صعبة وغياب تام لدعم الدولة!
حماية المستهلك مسئولية من؟ سؤال يفرض نفسه علينا ونحن نفتح هذا الملف وإجابته لدى الكثيرين منا، هو مسئولية الدولة ولكن قد يجهل البعض منا أن المسئولية تتحملها أطراف عديدة، الدولة والمجتمع المدني والمستهلك ذاته، ومن منطلق مبدأ حماية المستهلك تكونت جمعيات حماية المستهلك ـ والتي توحدت بعد ذلك وكونت الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك، ثم جاء قرار وزير التموين بتشكيل المجلس الاستشاري الأعلي لحماية المستهلك، كل هؤلاء يعملون تحت شعار واحد مصلحة المستهلك أولا وأخيرا ولكن هل استطاعوا أن يطبقوا هذا الشعارعلى أرض الواقع؟
البداية كانت مع سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك وعضو المجلس الاستشاري الأعلى لحماية المستهلك أسألها عن مدى نجاح هذه الجمعيات في آداء دورها فتقول:
ــ بصراحة لم تؤد دورها بالشكل الذي يرضينا نحن القائمون عليها ولأسباب خارجة عن إرادتنا أهمها عدم وجود الدعم المادي والفني لنا، وكل منا يعمل بمجهودات فردية وفي ظل ظروف صعبة ووسط عدم دعم الدولة لنا، وعلى الرغم من ذلك مازلنا نحاول جاهدين آداء رسالتنا تجاه المستهلك.
ولأتحدث معك بصراحة أكثر, وأعود إلى الوراء في منتصف التسعينيات عندما فتحت الدولة لنا أبوابها وشجعتنا على تكوين هذه الجمعيات، وصاحب الفضل في هذا وزير التموين في ذلك الوقت د. أحمد جويلي"رحمة الله عليه" هذا الرجل قدم لنا الدعم الكامل ولبى لنا العديد من مطالبنا ومعه استطعنا أن نحقق الكثير من أحلامنا، وأهمها خروج قانون حماية المستهلك عام 2006، ولكن يبقى هناك فارق كبير بين وزير يعرف دورك ويقدره ويستفيد منه بجانب وجود أجهزة الدولة الرقابية وبين وزير يتجاهلك ولا يمكنك من آداء رسالتك.
تكونت الجمعيات ثم بعدها بسنوات طويلة يصدر تشريع لحماية المستهلك أليس هذا الأمر غريبا وغير معتاد؟
ـــ هناك دول كثيرة نهجت طريقا مخالفا بمعنى أصدرت قانون حماية المستهلك أولا ثم سمحت بتكوين الجمعيات، وهذا من الناحية العملية أفضل بكثير، ولكن المشكلة ليست في ترتيب الخطوات فقط بل في الزمن المستغرق في الإنجاز، فنحن كوّنا الجمعيات وانطلقنا بالعمل دون وجود قانون ينظم، وبعد عشر سنوات تقريبا أصدرنا القانون والذي لم يلب في مجمله مطالبنا، فالقانون الذي يحتوي على 24 مادة فيه 8 مواد فقط خاصة بحماية المستهلك، أما باقي المواد فهي تتناول المسائل الإجرائية والمنظمة للعمل، وأسوأ ما فيه السماح باستقدام خبرات من الخارج لعمل ندوات وورش عمل للجمعيات من أجل إكسابهم خبرات في مجال العمل المدني، علي الرغم من أننا نمتلكها ولا تنقصنا وسابقة أعمالنا بالعمل الخدمي تثبت ذلك.
هناك عدم فهم!
د. سامية الجندي العميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، رئيس إحدى جمعيات حماية المستهلك، وعضو المجلس الاستشاري الأعلى لحماية المستهلك تضع يدها على بيت الداء في تعثر آداء جمعيات حماية المستهلك تقول:
هناك عدم فهم لطبيعة وأدوار تلك الجمعيات وعدم فهم الفرق بينها وبين إدارات حماية المستهلك في الوزارات الحكومية، لذا ثمة اعتقاد أنها تمارس سلطة توازي سلطة الدولة بينما حقيقة دورها تمثيل المستهلكين في مقابل سلطة الدولة وتدخلاتها.. بمعنى أن هذه الجمعيات من أهم أهدافها الوقوف بقوة أمام أي إجراء من جانب الحكومة يضر بمصلحة المستهلكين، مثل رفع أسعارالسلع والخدمات دون مبرر أو سوء حالتها أو نقص في المعروض منها.
الظروف التي واكبت إشهار هذه الجمعيات اختلفت وتغيرت بفعل تغير المناخ الاقتصادي للمجتمع، هل أدى ذلك إلى اختلاف الدور الذي تقومون به؟
ـــ عندما بدأنا في جمعيات حماية المستهلك عام 1995 كان المجتمع المصري في مرحلة تحول من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الحر وفيها تم إلغاء ما يسمى بتسعير السلع وتركها للعرض والطلب، وكان عمل الجمعيات موجه إلى حماية المستهلك بعد إلغاء التسعير من طمع وجشع التجار، فكنا ننزل إلى الأسواق نتابع السلع وأسعارها ونتأكد من توافرها للمستهلك، ووسط هذه الظروف الاقتصادية نشأت ما يسمى بظاهرة مصانع بير السلم التي تنتج سلعا دون متابعة أو رقابة وتحصل على امتيازات دون وجه حق من خامات وخدمات مدعمة، فكان علينا أن نواجه هذه الظاهرة من أجل حماية حقوق المستهلك وحقوق أصحاب المصانع المرخصة في عدم منافسة هذه المصانع لهم، وفي تلك الفترة شهدت الأسواق المصرية دخول شركات الاتصالات للخدمة والتي واكبتها شكاوى كثيرة من جانب المستهلكين، من حيث سوء الخدمة والمبالغة في أسعارها، وكان معظم عملنا ينصب في تلقي هذه الشكاوى والعمل علي حلها عن طريق رفعها للأجهزة الرقابية للدولة، هذا هو دورنا الذي مازلنا نؤديه حتى الآن، وإن كان زادت عليه مهمتنا الثقيلة في مواجهة الغش التجاري والصناعي التى باتت ظاهرة مخيفة منذ سنوات.
وهل نجحتم في التصدي لها؟
ـ نجحنا بنسبة كبيرة في مواجهة هذه الظاهرة، ومن الممكن أن أقول لك أن 90 بالمائة من الشكاوى التي وصلت للجمعية استطعنا أن نحلها ونحافظ على حقوق المستهلكين، أما باقي الشكاوى التي لم تحل قمنا بإحالتها إلى جهاز حماية المستهلك لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاهها.
مجلس لابد منه!
لم يقتصر دور المجتمع المدني على جمعيات حماية المستهلك فقط بل امتد ليشمل المجلس الاستشاري الأعلى لجمعيات حماية المستهلك، والذي تم تشكيله منذ عامين تقريبا بقرار من د. علي أبو شادي وزير التموين الأسبق، ويتكون المجلس من رئيس وعشرة أعضاء وجميعهم ممثلون لجمعيات حماية المستهلك بكافة محافظات مصر، والسؤال الآن هل هذا المجلس بتشكيلته هذه له دور جديد ومخالف للدور الذي تقوم به الجمعيات؟!
ـ اللواء أحمد عبد الجواد يجيب قائلا: المجلس له دور بكل تأكيد ودوره مكمل لدور الجمعيات، لأنه حلقة الوصل بين وزارة التموين وجمعيات حماية المستهلك المنتشرة بجميع محافظات مصر، ومهمته معاونة الوزارة في آداء مهامها ومشاركتها في بسط رقابتها على الأسواق، أي أنه مجلس استشاري يدرس ويدقق ويضع الرؤى المختلفة لكل ما يحتاجه المستهلك المصري، ثم يقدم رؤيته للوزارة للعمل بها على أرض الواقع.
نعطي أمثلة!
ــ أهم هذه المهام والتي أصبحت واقعا مطبقا على الأرض كل السياسات الخاصة بإيصال الدعم الغذائي لمستحقيه عن طريق ربط كل السلع الضرورية على البطاقات التموينية بما فيها رغيف الخبز ومنع تسرب هذا الدعم لمن لا يستحقه، بالإضافة لإحداث توازن بين المعروض في الأسواق والأسعار، وذلك عن طريق تفعيل دور الجمعيات الاستهلاكية ومشاركتها الفعالة في الحد من جشع التجار، كل هذا انصب في صالح المستهلك وساعد الدولة على بسط سطوتها على الأسواق.
ليس هذا فحسب بل للمجلس دور آخر هام وخطير وهو التنبؤ بالأزمات التي من الممكن أن تصيب الأسواق بسبب نقص بعض السلع وإبلاغ الجهات المعنية من أجل تداركها ومنع الوقوع فيها.. كذلك له رؤية مستقبلية لم يجب ان تكون عليه سياسة الدولة ممثلة في وزارة التموين، من حيث تلبية تطلعات المستهلكين وخاصة الفئة الأكثر احتياجا والتي تشملهم الدولة برعايتهم اجتماعيا.
** البعض كان له اعتراض علي تشكيل المجلس بهذه الصورة لأن أعضاءه جميعهم من الجمعيات، على عكس الماضي حينما شكل د. جويلي مجلساً دائماً لحماية المستهلك مكونا من جمعيات وإعلاميين وخبراء وأصحاب الاختصاص كل له دور مكمل للآخر!
ــ تشكيل المجلس وسياساته يخضع لرؤية الوزير ومن معه من المستشارين القانونيين، وأنا أعتقد أن د. علي أبو شادي عندما شكل المجلس بتركيبة أعضائه الحالية كان يؤمن بأن الدور الأساسي لهذا المجلس هو الرقابة الشعبية على الأسواق، وهذا الدور هو في الأساس دور جمعيات حماية المستهلك، لذلك كان اختيار جميع أعضاء المجلس من الجمعيات هو الأكثر جدية وواقعية، فهم الأقدر على تحقيق الأهداف والسياسات التي يتبناها، وعلى الرغم من ذلك للمجلس الحرية الكاملة في الاستعانة بأصحاب الرأي والخبرات في إعداد الدراسات والأبحاث التي يحتاج إليها بين الحين والآخر.
** ولكن هناك صعوبات ومشكلات تواجه هذه الجمعيات وبالتالي تواجه المجلس!
ــ في مصر الآن 43 جمعية تمثل جميع محافظات الجمهورية وتعمل بالفعل على أرض الواقع، هذه الجمعيات وجميعها تعاني من عدم دعم الدولة والمجتمع لها، على عكس الخارج نجد الدولة والأجهزة المعنية سواء كانت رسمية أو غير رسمية حتي المستهلك ذاته، كل هؤلاء يدعمون جمعيات حماية المستهلك لإعانتها على آداء رسالتها بقوة وثبات، أما في مصر فالجمعيات تعمل في ظل ظروف صعبة، لا ميزانية ولا متطوعين ولا دعم مادي من أي جهة يساعدها على آداء دورها، وما يتحقق على أرض الواقع من نتائج هو محصلة عملنا التطوعي، فنحن نعمل بالمجلس وبالجمعيات بلا أجر، إيمانا منا بأن الرسالة التي نؤديها رسالة إنسانية بالمقام الأول ولا نبغي من ورائها إلا خدمة مصر وشعبها!
3
حوار الملف:
تصوير: مسعد سيف
رئيس جهاز حماية المستهلك
لا أحد فوق القانون.. ولا مكان لأصحاب النفوذ والمال!
** أي سلعة غير مرخصة هي والعدم سواء!
** سياستي مع السلع الصينية المغشوشة.. الوقاية خير من العلاج!
** لا مهادنة ولا تهاون والمخالفون بيني وبينهم القضاء!
** قانون جديد لحماية المستهلك يحقق العدالة لكافة الأطراف!
سلع مغشوشة.. أغذية فاسدة.. مياه غير صالحة للشرب.. خدمات رديئة ودون المستوي.. بضائع مضروبة ومهربة من الخارج.. إعلانات وهمية وخداعة.. مراكز صيانة غير مرخصة، وغيرها الكثير من المشكلات التي تتصدى لها الدولة بأجهزتها الرقابية المختلفة، ولكن يبقي جهازحماية المستهلك هو الجهاز الأكثر قوة وفاعلية في تحقيق الحماية المطلوبة للمستهلك المصري
والسؤال الآن هل استطاع هذا الجهاز أن يؤدي دوره على الوجه الأكمل محققا الحماية الكاملة للمجتمع المصري؟
إجابة هذا السؤال وغيره من الأسئلة تأتي في هذا الحوار الكاشف مع اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك فإلى تفاصيل الحوار:
**ضبط الأسواق وتحقيق الأمان في التعاملات التجارية هدفان للدولة في كل زمان ومكان.. هل تمكن الجهاز من تحقيقهما؟
ــ بنظرة منطقية لا يمكن لأي عمل بالحياة أن يحقق أهدافه مائة بالمائة، ولكن عندما أتحدث بالأرقام ومن خلال الواقع الذي يشهد على تحركنا كجهاز رقابي له قوته، أقول لك إن أكثر من ثمانين بالمائة من الأهداف قد تحقق بالفعل وفي شكل إنجازات محسوسة وملموسة من عامة المواطنين.
وهذه الإنجازات التي أتحدث عنها ليست ممثلة في حل مشكلات المستهلكين مع التجار والصناع فقط وحماية حقوقهم، بل امتدت على كافة المحاور الهامة التي يتبناها الجهاز، منها نشر الوعي الثقافي لحماية المستهلك لدى جميع فئات المجتمع، فكانت استجابة وزارة التربية والتعليم لمطلبنا بإدراج مفاهيم حماية المستهلكـ من ترشيد الاستهلاك والمشاركة المجتمعية ومعرفة الحقوق والواجبات ـ ضمن المناهج الدراسية لمرحلة التعليم الأساسي، وهذا المطلب يعكس مدى إيماننا بأهمية النشء الذي يشكل قاعدة المستهلكين المستقبلية، ليس هذا فحسب بل اتجهنا إلى الجامعات والنوادي لنشر الوعي الثقافي من خلال تكوين أسر لحماية المستهلك، ولم نكتف بذلك بل تبنينا حملة"اعرف" باللغتين العربية والإنجليزية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، والهدف منها تقديم النصح والإرشاد للمستهلك قبل وبعد عملية الشراء، وتدريبه على مواجهة أي مشكلة تواجهه بعد الشراء.
**تحقيق كل هذه الإيجابيات لا يمنع من وجود سلبيات.. البعض يأخذ علي الجهاز غض النظر عن المخالفين من أصحاب النفوذ والمال؟!
ــ ينفي بشدة ويدلل على ذلك قائلا: لو كان هذا صحيحا لما رفعت دعوى قضائية على شركات المحمول الثلاث، لعدم أحقيتها في فرض رسم دمغة على الخدمة، ولما أحلت بعض أصحاب توكيلات السيارت الكبرى إلى النيابة نتيجة عدم امتثالهم لقرارات الجهاز الصادرة باستبدال المنتجات المشكو منها، ولما أحل ـ للنيابة أيضا ـ عدداً كبيراً من أصحاب المصانع الذين يقدمون منتجات غير مطابقة للمواصفات، ومن بين هؤلاء مصنع مياه معدنية، ومصنع منظفات صناعية، ومصنع طفايات حريق، هؤلاء وغيرهم ليسوا فوق القانون والكل لدينا سواسية، ولا شبهة مجاملة أو محابة في عملنا، ولكن هناك فهم خاطيء من جانب بعض المستهلكين الذين يجهلون أن كل حق يقابله واجب، وإذا كان القانون قد أعطى الحماية للمستهلك فهذا لا يعني أن أظلم الطرف الآخر لحسابه، مدام هذا الطرف التزم بواجباته ولم يخل بها، وأدلل على ذلك بمثل بسيط، المستهلك الذي يشتري سلعة ما ولا يلتزم بشروط الضمان لا يمكن أن يكون له حق الاسترجاع أو الاستبدال لهذه السلعة إذا وجدت بها مشاكل، هذا المستهلك عندما يلجأ إلينا شاكيا ونواجهه بأن حقه قد سقط، لا يرضى بهذا ويحاول النيل من الجهاز والعاملين به.
** وما هي واجبات المستهلك من وجهة نظركم كجهاز رقابي؟
ـ الواجبات كثيرة أهمها: التأكد من مصدر السلعة التي يشتريها فلا ينساق وراء السلع مجهولة المصدر، وعدم الانسياق وراء الإعلانات المضللة والبحث عن السلع ذات المواصفات والجودة العالية، الاحتفاظ بفاتورة الشراء وشهادات الضمان مع الاطلاع عليها والالتزام بالشروط الخاصه بها، التأكد من تاريخ الصلاحية للسلع وخاصة السلع الغذائية.
** الإعلانات الوهمية والمضللة والسلع الصينية الرديئة، وبضائع الرصيف، كل هذه القضايا تمثل خطورة قصوى علي المستهلك والمجتمع.. والسؤال الآن كيف تكون المواجهة.. وما هي آليات عمل الجهاز؟!
ــ اسمحي لي أن أبدأ من حيث انتهيت، وأقول لك إن أهم آليات العمل لدى الآن هي الـ34 ضبطية قضائية التي حصلت عليها من وزير العدل، هذه الضبطيات جعلتني أنزل إلى ساحة المعركة بكل قوة وحماس، فلا مهادنة.. ولا تهاون مع المخالفين وكل من لا يلتزم بالقانون أحيله إلى النيابة فورا، لذلك أقول لك إن كل من يعمل بالسوق المصري بشكل غير قانوني سوف يكون مصيره المحاكمة، وكل منتج يعرض بدون ترخيص هو والعدم سواء، ونحن كجهاز رقابي نسخر كل ما لدينا من إمكانيات في تلقي الشكاوى من المواطنيين والتحقيق فيها من جانب اللجان المختصة ونحاول حلها مع أصحاب المصانع والمتاجر بشكل ودياً أولا، فمن يستجيب له منا كل تقديرواحترام، أما من لا يستجيب فبيننا وبينه القانون.
ــ أما عن غزو السلع الصينية الرديئة وغير المطابقة للمواصفات للسوق المصري، فإني أتبع الآن أسلوب الوقاية خير من العلاج، بمعنى لن أنتظر دخول هذه البضائع لكي أراقبها ثم أصادرها بل سأمنع دخولها من الأساس، ومن أجل تحقيق هذا الهدف التقيت مؤخرا بوفد من كبارالمسئولين بإدارة مكافحة الغش التجاري وتزويرالعلامات التجارية بوزارة التجارة والصناعة الصينية، وذلك من أجل التعاون بيننا في مجال منع هذه السلع المقلدة والمغشوشة من دخول الأسواق المصرية، وإتاحة الفرصة فقط للسلع الجيدة والمطابقة للمواصفات.
ــ وإذا تحدثنا عن ظاهرة الإعلانات المضللة فهي تعني بالنسبة لي كل المفردات السيئة في حياتنا من غش و نصب واحتيال وإسفاف وابتذال، لذلك كان لدي رغبة قوية في الترصد لها بكل قوة ومن أجلها أنشأت ـ أخيراـ إدارة المرصد الإعلامي بالجهاز، مهمة هذا الإدارة رصد جميع القنوات التي تقدم إعلانات من هذا النوع على مدار الـ24 ساعة وتقديمهم للنيابة، وحتى هذه اللحظة رصدنا 540 إعلانا مضللا حولنا منها 145 للنيابة والباقي في طريقنا لتحويله أيضا.
** وعقوبة هؤلاء!
ــ العقوبة التي ستطبق عليهم وفق قانون حماية المستهلك الذي نعمل به الغرامة من خمسة آلاف إلي مائة ألف جنيه.
** وهل هذا العقاب يكفي؟!
ــ نحن الآن بصدد تغيير قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنه 2006، لأن هذا القانون لا يتناسب مع المرحلة الحالية وشابه قصور كبير، لذلك طالبنا لجنة الإصلاح التشريعي التي شكلها السيد الرئيس بإصلاح هذا القانون وتعديله، وقد تم بالفعل عمل قانون جديد ناقشنا بنوده مع هذه اللجنة.
** أهم ما يتضمنه هذا القانون!
ــ أولا عالجنا قصور القانون القديم والذي كانت مواد حماية المستهلك فيه ثماني مواد فقط من مجمل 24 مادة، القانون الجديد يحتوي على 90 مادة وجميعها تحقق الهدف منها وهي حماية المستهلك في كل شئون حياته ومنع سياسة الاحتكار، وحرص القانون أيضا على مضاعفة الغرامات، فمثلا في حالة الإعلانات المضللة كل مرة إذاعة للإعلان تفرض غرامة من مائة الف حتي نصف مليون جنيه.
**وماذا عن إغفال القانون القديم لأحقية جمعيات حماية المستهلك في تخصيص ميزانية لها تمكنها من آداء عملها؟!
ــ كنا حريصين على علاج هذا القصور وراعينا بالقانون الجديد على وجود مادة خاصة برصد نسبة من الغرامات التي يحصلها الجهاز وتخصيصها كميزانية لهذه الجمعيات، ونحن الآن ننسق مع وزارة التضامن الاجتماعي من أجل دعم هذه الجمعيات ماديا، حرصا من الدولة على الدور الذي تؤديه في خدمة المجتمع.
ساحة النقاش