دوام الحال من المحال ولا دائم فى هذه الدنيا سوى وجه الله الكريم.. وقد عشت طوال حياتى أؤمن بالحسد والعين السيئة لأن الحسد ورد فى قرآننا الكريم فى سورة الفلق، بسم الله الرحمن الرحيم «قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات فى العقد، ومن شر حاسد إذا حسد « » صدق الله العظيم »، وحكاية اليوم تدعونا إلى التأمل والتساؤل هل ما حدث نتيجة لعين زرقاء سيئة تلك العين التى قيل فى أمثالنا الشعبية أن العين فلقت الحجر أم هو «القر »، أى الكلام بغيرة وحقد عن الأسرة السعيدة الوحيدة بين عشرات الأسر التعيسة التى تم تفككها بالموت أو السفر أو الطلاق البغيض أم أنه القدر والمقدر والمقسوم والمكتوب فى صحائف الغيب، لكن المحصلة النهائية هى أن الأسرة السعيدة تحولت حياتها إلى مأساة تدمى القلوب!

***

قالت قارئتى السيدة نبيلة صديق 44« سنة » وهى حاصلة على ليسانس اللغة الإنجليزية ودبلوم الدراسات التربوية من الجامعة الأمريكية، وتعمل فى مدرسة لغات معروفة بالتجمع الخامس وأم لولد وبنت فى سن 15،12 سنة، وهى سيدة جميلة وأنيقة رقيقة ومحترمة وقد أوجعت قلبى بحكايتها التى جعلتنى أحيل موضوعها إلى خالقى وخالقها فهو صاحب الأمر والنهى فى كل مقدرات البشر!

***

قالت السيدة نبيلة ودموعها تسيل مدرارا على خديها ودموع حنونة هادئة مؤمنة بالله سبحانه وتعالى، قالت ماذا أقول لك.. إن الله سبحانه وتعالى منعنا من أن نعترض على قضائه وأنا راضية بما يرضى ربى لكننى أحببت أن أفضفض لك كأم وكواحدة من قارئات هذه الصفحة، فمنذ تعلمت القراءة وكانت أمى هى التى تشترى المجلة ونقرأ المجلة سويا وهذه الصفحة بالذات ونتأمل ما يجيء بها من حكايات.. أبدأ لك منذ البداية فقد كنت الابنة الثالثة لأسرة شبه موسرة يعنى كنا من الطبقة المتوسطة المرتفعة الدخل إلى حد ما، أبى كان تاجرا وصاحبا لمصنع أثاث كبير فى دمياط ثم انتقل بمعرضه ومصنعه إلى القاهرة بعد زواجه من أمى وهى ابنة تاجر أثاث أيضا صديق لأسرة أبى وهى متعلمة أيضاً لكنها لم تعمل لأن والدى آثر أن تهتم ببنتها الثلاث وبمنزلها، وكنا أسرة سعيدة بمعنى الكلمة لم أشعر يوما واحدا أن والدى حزين على خلفة البنات فقد كان يقول للناس كلهم بناتى عندى فى قلبى وفى عيونى وهم أهم عندى من ألف ولد وكان يعاملنا بمنتهى الحب والثقة ويعهد إلينا بإنجاز بعض أعماله بل كان يصطحبنا إلى المصنع والمعرض لكى نتعلم كيف نتعامل مع العمال وندير العمل، وكنا فعلا عند حسن ظنه لكنه لم يقصر فى تعليمنا فى الجامعات حتى حصلنا على الشهادات الجامعية.

واستطردت السيدة نبيلة .. كنت جميلة وأنيقة وأحب الجمال فى كل شىء وأرسم لوحات جميلة وأكتب الشعر البسيط وأقرأ روايات الحب ولا أترك الكتاب إلا بعد أن أتم قراءته، وقابلت إنسانا جميلا.. هادئا وسيما جدا .. يحرص على أن يصفف شعره بطريقة لطيفة رجولية، عيونه معبرة، قابلته عند إحدى صديقاتى فهو شقيقها وكان الواضح جدا هو أناقته ووسامته حتى أننى قلت لها ضاحكة .. هو ياسر أخوكى عاوز يبقى نجم سينما سوبر ستار، قالت ضاحكة: هو مهندس ناجح لكنه يعتز بمظهره منذ صغره، وجلست مع ياسر وأحببت جماله وفكره الناضج ونظافته ووسامته وأحبنى وخطبنى وتزوجنى بعد ثلاثة شهور من لقائنا عند أخته ولما كنا تجار أثاث فقد أثثنا أحلى فيلا فى مصر كلها فرشناها بأثاث حديث وعملى وخفيف، وكانت شقيقتاى ما زالتا فى الجامعة أما أنا فقد كنت قد تخرجت فى كلية الآداب قسم الإنجليزى حبا منى فى قراءة الأدب الإنجليزى، وكان بيت الزوجية فى التجمع الخامس فأصبح عسيرا على مباشرة أعمال مصنع ومعرض والدى الذى كانت صحته قد أصبحت ليست على ما يرام دائماً!

***

واستطردت السيدة نبيلة.. لا يمكن أن أصف لك حياتى مع زوجى فالكلمات لا تسعفنى ! إنها حياة حب وجمال وتكامل وسعادة دائمة.. هو يحب كل ما أحبه وأنا أحب كل ما يحبه هو .. وجاء أولادنا أقمارا مثل أبيهم ومثلى وكان الكل يقول.. إيه أحلى من كده فى الدنيا ؟ مال وبنون وحب وسعادة ؟ يا بختك يا نبيلة !! عندك كل ما هو حلو فى الدنيا مين فى الدنيا قدك ؟

***

واستطردت نبيلة .. تتبسمل أمى وتحوقل وتقول يارب يكفيكم شر العين الوحشة.. القر نازل عليكم زى المطر !فابنة خالتك طلقت من زوجها بعد شهرين من الزواج وابنة عمتك فسخوا خطبتها بعد أن اكتشفوا أن العريس ليس لديه مؤهل عال وربنا يستر كلهم بيقروا ليل نهار!

 

وكنت أقرأ المعوذتين كل صباح ومساء كما أوصتنى أمى وكنت قد بدأت العمل فى إحدى مدارس اللغات المجاورة لمنزلنا بعد أن ألحقت بها ابنى وابنتى وكان زوجى يذهب إلى عمله فى الشركة ويعود ليأخذنا نحن الثلاثة من المدرسة إلى البيت لكى نتغدى ونقضى باقى اليوم معه فى البيت إلا لو كان مرتبطا بلقاء أو عشاء عمل خاص بشركته، وكانت حياتنا كسمفونية رائعة مكتملة حتى أصيب زوجى بنزلة برد عادية رقد على إثرها فى الفراش عدة أيام لكنه ظل يشكو من آلام شديدة فى الجزء السفلى من بطنه، ورجحنا أن تكون آثار نزلة البرد قد أثرت على المثانة أو القولون أو الكلى، وأجريت التحاليل فورا وكانت المفاجأة التى قلبت حياتنا رأساً على عقب وأحالت حياتى السعيدة إلى مأساة الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.

المصدر: بقلم : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 496 مشاهدة
نشرت فى 17 يناير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,692,055

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز