«الأبطال دائما يصنعون التاريخ » مقولة جسدت بسالة رجال الشرطة فى حربهم ضد الإرهاب، حيث قدموا بطولات يعجز القلم عن سردها، وتضحيات أعادت لهم مكانتهم فى قلوب الشعب بعد أن حاول الإرهاب الأسود تشكيك المصرين فى قدرتهم على حماية الوطن والمواطنين.
بطولات وتضحيات رجال الشرطة فى مواجهتهم للإرهاب سجل مشرف سطرت صفحاته بأحرف من نور ليظل التاريخ شاهدا على الملحمة الرائعة التى خاضها هؤلاء الأبطال ضد قوى الظام، وفى عيدهم «حواء » تقدم لهم تحية إعزاز وتقدير وتستعرض دورهم المثمر فى القضاء على الإرهاب وكسر شوكته والتصدى لكل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر والمصرين.
لم يسلم رجال الشرطة من يد الغدر والخيانة خاصة بعد نجاحهم فى فض اعتصام جماعة الإخوان الإرهابية فى «رابعة » عام 2013 ، فقد دفعوا ثمن حربهم على الإرهاب وحفظ الأمن الوطنى غاليا، حيث تعرضوا إلى الكثير من العمليات الإرهابية التى أودت بحياتهم والتى كان أكثرها خسة وندالة ما حدث على طريق الواحات جنوب الجيزة، حيث تعرض أبطال الداخلية أثناء توجههم لإلقاء القبض على خلية تابعة لحركة «حسم » لهجوم مسلح أسفر عن استشهاد 16 شرطيا، بالإضافة إلى «مذبحة كرداسة » التى راح ضحيتها نحو 13 ضابطا، كما شهد شارع الهرم صباح الجمعة 9 ديسمبر 2016 انفجار عبوة ناسفة استهدفت كمينا أمنيا بجوار مسجد السلام نتج عنه استشهاد 6 من رجال الشرطة، واستهل المصريون عامهم المنصرم 2017 بواحدة من الجرائم التى استهدفت قوات الشرطة والتى راح ضحيتها 8 شرطيين فى هجوم على نقطة تفتيش أمنية بمحافظة الوادى الجديد، فيما أسفرت عملية إرهابية فى الـ 11 من سبتمبر من نفس العام عن مقتل 18 شرطيا.
ضربات استباقية
على الرغم من ضراوة الهجمات الغادرة التى استهدفت جهاز الشرطة إلا أنها لم تنل من عزيمة وإصرار رجاله على تعقب الإرهابيين والقضاء عليهم، فقد نجحت وزارة الداخلية فى توجيه العديد من الضربات الاستباقية للجماعات الإرهابية وإحباط عدد كبير من عمليات كان من المقرر لها استهداف منشئات حيوية ومدنيين لإحداث الفتنة بين المصريين، ففى 14 فبراير من العام الماضى تم ضبط 6 إرهابيين بمنطقة كفر طهرمس بالهرم، وفى نفس الشهر تم استهداف وكر بمدينة نصر وضبط 8 عناصر تابعين للقيادى محمد كمال، كما ضبط 19 عنصرا منهم بالإسكندرية، وفى أبريل تم تصفية 3 إرهابي ن فى إحدى المناطق الجبلية بمحافظة أسيوط أثناء تجهيزهم عبوات متفجرة، بالإضافة إلى 7 من المتهمين فى حادثى تفجير كنيستى الإسكندرية وطنطا، وفى السادس عشر من نفس الشهر تم ضبط 13 عنصرا إرهابيا قبل تنفيذهم سلسلة من التفجيرات والعمليات العدائية.
وفى يونيو نجحت الشرطة فى تصفية 32 من العناصر الإرهابية بمحافظتى الإسماعيلية وأسيوط، أما فى يوليو فقد تم تصفية 6 عناصر إرهابية أثناء تجهيزهم مخططا لاستهداف عدة أهداف بالدولة فى مداهمة لشقة بمحافظة أسيوط، وفى الـ 15 من نفس الشهر تم مصرع 4 آخرين بالإسماعيلية، وبعدها بعدة أيام تم تصفية 8 آخرين بإحدى المناطق الصحراوية بنطاق محافظة الفيوم، وفى 7 أكتوبر تم ضبط 13 إرهابيا من أعضاء حسم بمحافظة المنوفية أثناء تدريبهم على استخدام السلاح استعدادا لتنفيذ عدة عمليات إرهابية، وفى الـ 24 من نفس الشهر ضبط 12 من عناصر «طلائع حسم » الإرهابية بالفيوم وبحوزتهم 13 قطعة سلاح مختلفة الأنواع وعبوتين معدتين للتفجير، وفى السابع والعشرين تم تصفية 13 تكفيريا بإحدى مزارع الاستصاح بالكيلو 47 بطريق أسيوط، إلى جانب 15 عنصرا فى 16 نوفمبر فى رد من الشرطة على حادث الواحات، وفى نهاية العام الماضى وأثناء استعداد المصريين للاحتفال بأعياد الميلاد استهدفت مجموعة مسلحة كنيسة مار مينا بحلوان إلا أن بسالة رجال الشرطة أحبطت مخطط قوى الشر فى إفساد فرحة المصريين باحتفالات العام الجديد.
السلاح الأقوى
هذا هو مجرد جانب من أبرز العمليات الإرهابية التى تعرض لها جهاز الشرطة خلال السنوات الماضية، وما تم إحباطه منها بفضل جهودهم، عن هذا يقول اللواء مجدى البسيونى، مساعد وزير الداخلية الأسبق: لا شك أن عقيدة رجال الشرطة هى الدفاع عن الوطن وتوفير الأمن والسلامة لمواطنيه، أما غايتهم فهى النصر وكسر شوكة الجماعات المتطرفة التى تهدد أمن المصريين أو نيل الشهادة، لافتا إلى أن استراتيجية الضربات الاستباقية التى تتبعها الأجهزة الأمنية أفقدت الكيانات الإرهابية توازنها.
ويضيف: تؤكد مؤشرات العمليات الإرهابية خال السنوات الأخيرة وعدد الضبطيات الأمنية للعناصر التكفيرية أن تلك الاستراتيجية تعد السلاح الأقوى لدى جهازى الشرطة والجيش فى منع الجريمة قبل وقوعها حيث نجحت فى إحباط العديد من المخططات الإرهابية ضد الدولة وكسر شوكة المتطرفين، كما منعتهم من تنفيذ جرائمهم ما يعد انتصارا محققا على تلك الجماعات، ويؤكد ذلك العدد الكبير للإرهابيين الذين تم ضبطهم خلال مداهمات وحملات استباقية كان أهمها القبض على خلايا المزرعة والدلنجات بالبحيرة، وأبيس بالشرقية ومقابر 15 مايو.
وشدد البسيونى على أن العمليات الإرهابية التى يتم تنفيذها من وقت لآخر ويروح ضحيتها عدد من رجال الشرطة وجنود القوات المسلحة لا تقلل من عزيمة العيون الساهرة لكنها تزيد من إصرارهم على المضى قدما فى حربهم على الإرهاب، مؤكدا أن مصر بجيشها وشرطتها وشعبها قادرة على دحض الإرهاب ولفظ الجماعات المتطرفة، لافتا إلى أن حالة السعار – على حد وصفه - التى تشهدها العمليات الإرهابية ما هى إلا رد على الضربات الاستباقية التى تقوم بها قوات الشرطة ضد الكيانات الإرهابية، معتبرا الحادث الأخير الذى استهدف كنيسة حلوان شهادة نجاح لوزارة الداخلية ودليل على أن قوات الأمن قادرة على حماية الوطن والمواطنين.
تعاون المواطنين
من جانبه قال اللواء علاء عبد الجواد بازيد، الخبير العسكرى والاستراتيجى: إن الدولة المصرية تمتلك كافة المقومات والقدرة والإرادة التى تكفل لها حماية مواطنيها والدفاع عن مكتسباتهم الوطنية، وأن التاريخ سيشهد للجهود المخلصة التى يبذلها رجال الشرطة والقوات المسلحة وصمودهم فى مواجهة المخططات الإرهابية خلال تلك الفترة للحفاظ على كيان الدولة وكسر شوكة الإرهاب الأسود الغاشم، مشيرا إلى أن المخططات الإرهابية تحاول بكافة السبل شق الصف وزعزعة الاستقرار لإظهار عدم قدرة مؤسسات الدولة على حماية المواطنين، مؤكدا أن عناصر الشر لن تنال من إرادة الشعب المصرى وعزيمة رجال الشرطة وإيمانهم الراسخ بالدفاع عن الوطن وحفظ أمنه واستقراره.
وتابع: إن العمليات الاستباقية التى قامت بها قوات الشرطة بالتعاون مع الجيش ضد الإرهابين وأوكارهم أحبطت 90 % من العمليات الإرهابية وذلك بفضل المعلومات التى يتيحها تواصل المواطنين مع أجهزة الأمن وحرصهم على مقاومة الإرهاب وإجهاضه، ما يجعل من المواطن رجل الشرطة الأول فى مواجهة هذا الخطر الذى يهدد أمن الوطن، داعيا إلى زيادة الوعى لدى الشعب بأهمية دوره فى حرب الدولة ضد الإرهاب، بالإضافة إلى زيادة الوعى الدينى لدى الشباب وتصحيح المفاهيم الخاطئة التى تستند إليها الجماعات المتطرفة فى استقطاب الشباب إليها.
حرب ضروس
يقول المهندس ياسر قورة، مساعد رئيس حزب الوفد للشئون البرلمانية والسياسية: إن المواجهات التى تقع من وقت لآخر والتى يروح ضحيتها عدد من خيرة شباب مصر الذين هم خير أجناد الأرض دليل واضح على أن الحرب ضد الإرهاب ضارية، وأن الشرطة المصرية لا تأل جهدا فى التصدى لها بحسم وجسارة، كما أنها قادرة على دحض الإرهاب وكيده وتلقينه درسا لن ينسى، مشيدا بدور الداخلية فى توجيه الضربات الاستباقية للجماعات الإرهابية والقضاء على بؤرها، مؤكدا أن مواجهة خفافيش الظلام تعتمد على تصفية هذه الجماعات والتصدى للدول التي تمولها فى المنطقة.
دعم برلمانى
من جهته ثمن النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، جهود الشرطة فى مواجهة الإرهاب والزود عن الوطن ضد مخططات إسقاطه، مؤكدا أن جميع أعضاء البرلمان بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية يدعمون الشرطة فى حربها على الإرهاب، ويقول: نجحت وزارة الداخلية فى حربها وبلا هوادة ضد الإرهاب أن تبعث برسالة للعالم أجمع مفادها أن مصر وحدها ومن خلال التعاون بين جميع مؤسساتها ووحدة وتماسك شعبها استطاعت هزيمة الإرهاب والتخلص من شروره وأهدافه الخبيثة، مؤكدا أن جموع المصريين على يقين أن جهاز الشرطة الوطنى لن يتوانى لحظة فى مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة مهما كلفه ذلك الأمر من تضحيات، داعيا الشعب المصرى إلى استكمال دوره فى مساندة الأجهزة الأمنية فى التصدى لإرهاب لأن مسئولية مواجهة هذا الخطر لا تقع على عاتق الدولة فقط بل يعد الشعب شريكا أساسيا فى مشاطرة حكومته فى تحملها.
******
البداية من الإسماعيلية
كتبت : هدى إسماعيل
تحتفل مصر فى الـ 25 من يناير بعيد الشرطة والذى يحمل معه ذكرى التضحية والفداء لرجالها البواسل الذين قدموا أرواحهم للدفاع عن محافظة الإسماعيلية ضد الاحتال البريطانى الذى ثار عقب إلغاء معاهدة 1936 التى كانت تفرض على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا بعد مطالبة الحركة الوطنية بإلغائها وتحقيق الاستقلال، وما إن أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس نقض المعاهدة أمام
مجلس النواب فى أكتوبر 1951 إلا وهب شباب مصر لضرب المعسكرات البريطانية ودارت معارك ساخنة بين الفدائين وبين جيوش الاحتلال.
شهدت هذه المعارك تحالف قوات الشرطة مع أهالي القناة، وأدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة، فعملوا على تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من المدنيين ويقوموا بتجريدهم من أى غطاء أمنى، إلا أن قوات الشرطة رفضت تسليم المحافظة.
وفى صباح الجمعة 25 يناير عام 1952 أنذر القائد البريطاني «البريجادير أكسهام » قوات الشرطة المصرية بتسليم أسلحتها وانسحابها إلى القاهرة، إلا أن فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية آنذاك رفض هذا الإنذار وطالب رجاله بالصمود والمقاومة، ليشتد غضب القائد البريطاني ويأمر قواته البالغ عددها 7 آلاف جندي بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية، ولمدة 6 ساعات وبمنتهى الوحشية أطلق البريطانيون نيران مدافعهم على قوات الشرطة المصرية وكان عددهم 850 جنديا فقط، وكانت آنذاك لا تملك من الأسلحة إلا بنادق قديمة الصنع، ما جعلها معركة غير متساوية القوة حتى سقط منهم خمسون شهيدا والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم.
وفي السابعة صباحا تكررت المجزرة الوحشية وانطلقت مدافع الميدان من عيار 25 رطلا ومدافع الدبابات لتدك مبني المحافظة، وبعد أن تقوضت الجدران بدماء البواسل خير الجنرال «أكسهام » رجال
الشرطة بين الاستسلام أو استئناف الضرب بأقصى شدة، وما كان من البواسل إلا أن قالوا «لن تتسلموا منا إلا جثثا هامدة ،» ليستأنف البريطانيون المذبحة دون رحمة، وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة أمام المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفذت ذخيرتهم وسقط منهم 50 شهيدا و 80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلا و 12 جريحا وأسر البريطانيون من بقي منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا في فبراير 1952 .
الإسماعيلية الآن
تحرص مديرية أمن الإسماعيلية على تنظيم احتفالية فى هذا التاريخ لاستعراض كافة المعدات والأسلحة للإدارات المختلفة، فى طابور عرض يبدأ من أمام مبنى المديرية فى شارع «محمد علي » حتى ميدان السادات فى نهاية الشارع، وتعزف الموسيقى العسكرية السلام الوطنى بحضور قيادات الشرطة والقوات المسلحة ومحافظ الإسماعيلية.
يذكر أن الاحتفال توقف لمدة عامين عقب ثورة 25 يناير، ثم عاد مع بداية 2014 ، وكانت المحافظة تحتفل بعيدها القومى فى اليوم نفسه، حتى تم تغييره إلى 16 أكتوبر حتى تظل الاحتفالية خاصة بالشرطة فقط.
ساحة النقاش