منذ أيام مضت مرت الذكرى الـ 118 لميلاد محرر المرأة التونسية الطاهر الحداد، ولمن لا يعرف هذا المناضل التونسي هو ببساطة شديدة "قاسم أمين" تونس، الذي حرر المرأة التونسية من الجهل والتخلف وطالب بحقوقها كإنسان يشعر ويتألم.. يفكر ويقرر.. يتعلم ويربي ويشارك بشكل فعال في بناء المجتمع التونسي.
هو من طالب بأن تخرج المرأة التونسية من بوتقة العبودية والرق إلي مشارف الحرية والأمل وكانت مهمته صعبة والطريق أمامه مليئا بالأشواك والتي جعلته يذوق المر والعذاب على أيدي معارضيه، مما جعله يعيش في حزن واكتئاب ويموت قبل أن يكمل الـ 38.
وعلى الرغم مما قدمه الطاهر الحداد للمرأة التونسية إلا أن تونس ظلت على ظلمها له ولم تفيه حقه إلا في بداية الألفية الثالثة وبالتحديد حينما قررت أن تزيل الغبن عنه وأن توفيه حقه الذي لم ينله في حياته، فكانت الاحتفالية الكبرى بمئويته ــ والتي شرفت بحضورها في ذلك الحين ــ وكانت خير دليل على تقدير تونس حكومة وشعبا لهذا الرجل الذي كان صاحب الفضل الكبير فيما حققته المرأة من تحرر وانطلاق بالحياة وما اكتسبته من حقوق وامتيازات، ولم تكتفِ تونس بهذا بل قامت بجمع أعماله وطبعها بطبعة جميلة تليق باسمه حتى تتعرف الأجيال الشابة على حياة هذا المناضل الكبير.
ولكن بمصر ــ وللأسف الشديد ــ لا يعرف هذا المناضل إلا بعض المثقفين الذين يعرفونه اسما فقط ولكن لا يعلمون شيئا عن تاريخه ومشواره المليء بالنضال، وربما يكون نفس الأمر بباقي الدول العربية، فهذا المناضل الذي ولد عام 1899 بحي شعبي فقير تعلم القرآن ومبادئ القراءة والكتابة في أحد الكتاتيب، ثم عمق ثقافته الإسلامية بجامع "الزيتونة" والتحق بصفوف طلابه ليتأهل لشهادته الوحيدة المتاحة في ذلك الحين وهي شهادة "التطويع" وهي توازي الثانوية العامة لدينا، وانشغل الطاهر الحداد بالنشاط السياسي والنضال الاجتماعي والنقابي، واهتم بقضايا الإصلاح والنهضة في ذات الوقت كان اهتمامه بكتابة الأدب والشعر وكان كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" سببا في اضطهاده وعزلته ووفاته.
ومما طالب به الحداد من حقوق في كتابه الثوري.. حق المرأة في اختيار زوجها وعدم زواجها دون الـ 17، وطالب المجتمع حينها بألا يتم طلاق الرجل لزوجته إلا في وجود محاكم مختصة بالطلاق تنظر في الأسباب وتحاول الإصلاح أولا قبل الطلاق، وطالب أيضا بضرورة الفحص الطبي للرجال قبل الزواج من أجل حماية الأجيال القادمة، وكانت من أكثر دعواته جرأة وشجاعة محاربته لتعدد الزوجات، وعلى الرغم من الهجوم عليه بسبب مطالبته هذه الآن تونس قد أقرت هذا المبدأ في قوانينها عام 1957 وأصبح القانون التونسي يمنع ويجرم تعدد الزوجات، ليصبح الطاهر الحداد بذلك صاحب الفضل فيما حصلت عليه المرأة التونسية من حقوق.
ساحة النقاش