شهد وما زال يشهد التاريخ المصرى القديم والحديث بطولات وإنجازات وتفوق المرأة المصرية، فقد شاركت جنبا إلى جنب مع الرجل فى كافة مراحل النضال الوطنى وحركات التحرر والثورات الشعبية ضد المستعمر والطغاة، ويتضمن تاريخ مصر العديد من قصص البطولة والتضحية والفداء فى مقاومة الإستعمار الفرنسى والإنجليزى، وكذلك أدوارها المجيدة فى تقديم كافة أوجه الدعم اللوجيستى لرجال المقاومة وقد تعاظم دورالمرأة المصرية فى هذا الشان على مر العصور خلال حروب أعوام »1973-1967-١٩٥٦ « من مشاركة إيجابية غير مسبوقة وحمل السلاح للدفاع عن الوطن وقيادة وإدارة العديد من الأنشطة الوطنية والاجتماعية لتقديم كافة أوجه الدعم للمقاتلين وإسعاف وعلاج المصابين وكذلك الأنشطة الأدبية والفنية الداعمة للوطن.
ولا يمكن أن نغفل جهود المرأة فى اقتحام العديد من مجالات العمل المختلفة والتى كانت مقصورة على الرجال بحكم طبيعة المجتمع و العادات والتقاليد، ولكن بتصميمها و كفاحها و صبرها تمكنت من الحصول على كافة حقوقها الإنسانية والدستورية وأصبحت شريكا قويا على قدم المساواة مع الرجل فى الكثير والكثير من الحقوق والواجبات وحققت نجاحات باهرة فى شتى ميادين العمل التى خاضتها وأثبتت جدارة فائقة فى كافة المناصب القيادية والسياسية التى تبوأتها فى كافة قطاعات الدولة.
كل هذا يجعلنا نعول الكثير على المرأة فيما يتعلق بمتابعة التأثيرات المختلفة للتكنولوجيا على حياتنا وبخاصة ما يتعلق منها بتأثيراتها السلبية على أبنائنا، خاصة وأن المهام التربوية والتوعوية المنوطة فى المقام الأول المرأة الأم والمربية تتعرض للعديد من التهديدات والمخاطر بسبب الانعكاسات السلبية المتزايدة لاستخدام شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى بين أفراد المجتمع والأسرة الواحدة.
فمع التطور التكنولوجى الذى يشهده المجتمع تعاظم اعتمادية الأفراد من كافة الفئات العمرية وخاصة من صغار السن والشباب على الاستخدامات التكنولوجية الحديثة خاصة شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى فى الكثير من تيسير كافة مناحى الحياة والتفاعل بكثرة مع تلك المواقع الإلكترونية المستحدثة وخاصة فى عمليات التواصل وتبادل المعلومات بأنواعها لما تحققه لهم من سرية وخصوصية بعيدا عن أى رقابة مجتمعية أو أسرية، كما أنها تحقق لهم كل متطلباتهم المعلوماتية والثقافية والوظيفية وغيرها «أيا كانت دقتها ومشروعيتها وصحتها » وبسرعات فائقة وتكاليف منخفضة دون أى اعتبار لأى حدود جغرافية أو زمنية أو أمنية أو غيرها، بلا أى ضوابط ومعايير قانونية وأخلاقية وأمنية، ويزيد من سلبيات هذا الوضع ما تسمح به الأسرة المصرية من حرية شبه مطلقة للأبناء فى التفاعل مع شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى المتعددة ليلا ونهارا من داخل وخارج المنزل، ما قد يسمح باستخدامهم لعدد من المواقع الإلكترونية غير المشروعة وغير الآمنة كالمواقع الإباحية والمتطرفة بل ويساعد أحيانا بصورة ما فى تسهيل استغلالهم من جانب العديد من التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة ووكالات الاستخبارات العالمية فى الحصول على المعلومات.
كما أنه فى كثير من الأحيان ونتيجة عدم الإدراك والوعى المعلوماتى والأمنى يتعرضون لانتهاك خصوصياتهم والسطو الإلكترونى على بياناتهم ومعلوماتهم وكذلك للإيقاع بهم كضحايا للعديد من الجرائم التكنولوجية التى تقع عبر شبكة الإنترنت.
وعلى صعيد آخر أكثر خطورة نجد أن مستخدمى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى قد أصبحا من أهم مصادر تكوين الرأى العام دون أي اعتبارات، ما سمح بانتشار العديد من المغالطات والشائعات والادعاءات غير الحقيقية والتى يمكن أن تشكل توجهات فكرية أو عقائدية غير مشروعة وغير آمنة، تتسبب فى العديد من المشاكل المجتمعية والأسرية الضارة بأمن واستقرار الدولة والمجتمع والأسرة.
لكل هذا فإننا ندق ناقوس الخطر بكل قوة للانتباه إلى تلك المخاطر والتهديدات السابق الإشارة إليها حفاظا على أمن واستقرار الدولة وسلامة المجتمع وكيان الأسرة المصرية صاحبة القيم والمبادئ منذ قديم الزمان، ولاستعادة وتقوية الدور التربوى والتوعوى والإشرافى للمرأة الأم والمربية والذى يشكل العمود الفقرى فى صلاح المجتمع بما تقدمه له من شباب ورجال وسيدات صالحين يفخر بهم ويكونوا عونا له فى مسيرة التنمية والتقدم بكافة مجالاته والتى تعيشها مصرنا الحبيبة فى الوقت الراهن، وندعو الدولة والمجتمع والأسرة كل فيما يخصه لاتخاذ الإجراءات والتدابير الواجبة لتعظيم الاستفادة والمنفعة والمعرفة الضرورية من تلك الاستخدامات التكنولوجية لشبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى مع تجنب أو تقليل المخاطر والتهديدات المصاحبة لها بقدر الإمكان.
ساحة النقاش