نتحدث كثيرا عن المستقبل وكلنا أمل في أن يكون جميلا مشرقا يتناسب مع أحلامنا وطموحاتنا، ولكن نظل ننسى أو نتناسى أن هذا المستقبل الذي نحلم به لكي يتحقق في أبهى صوره علينا أن نغير الكثير من سلوكياتنا في الحياة وبما يتناسب مع المرحلة التي نعيشها والطموحات التي نحلم بها، فمن غير المعقول أن نحلم بالتقدم والازدهار بين شعوب العالم ونظل كما نحن على عاداتنا الخاطئة والسلوكيات غير السوية التي تتنافى مع ما نطمح إليه.
والسلوكيات الخاطئة التي نرتكبها كثيرة ـ للأسف ــ ومن أبرز هذه السلوكيات ما نقوم به من إسراف وتبذير في المياه، تلك النعمة العظيمة التي أنعم بها الله علينا ولكننا للأسف الشديد نتعامل معها بإهمال ولا ندرك قيمتها حتى الآن، على الرغم من كل المخاطر التي تحيط بنا بعد بناء سد النهضة وما سوف ينتج عنه من قلة حصتنا في مياه نهر النيل وما يتبعه من مرحلة فقر بالمياه.
ولا أحد ينكر الجهود المضنية التي تبذلها الدولة للحد من الإسراف والمبالغة في استخدام المياه في جميع أمور حياتنا، وكانت هناك خطوات جادة من جانب أجهزتها المعنية للحد من الفاقد من المياه في مجال الزراعة، وربما تكون هذه المحاولات قد أثمرت نتائج طيبة وملموسة على أرض الواقع، ولكن يبقى الشق الأكثر أهمية في هذا الموضوع هو الإسراف والتبذير من جانب المواطنين أنفسهم من خلال حياتهم الشخصية والتي لا يراعون فيها تعاليم ديننا الحنيف الذي نهانا عن الإسراف والتبذير في كل نواحي الحياة، ألم ينهنا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - من الإسراف في المياه وطالبنا بالحفاظ على كل قطرة فيها؟!، ولكن تبقى سلوكياتنا الخاطئة هي المتحكم الأول فينا.
وإذا تحدثنا عن أسباب تفاقم المشكلة نجد أن من أهم الأسباب انعدام ثقافة الترشيد وغياب الوعي اللذين أدا إلى وضعنا الحالي، فلا الأسرة تملك الوعي ولا المدرسة تقوم بدورها في التحذير والحث على الترشيد ولا المساجد والكنائس يقومون بدورهم الديني تجاه هذه القضية، ولكن.. يبقى الأمل الوحيد في التركيز على تعديل سلوك الأفراد وتربية النشء الصغير على كيفية الحفاظ على مياه الشرب والتحذير من مخاطر ندرة المياه، وهذا يتطلب أن تكون قضية المياه قضية مجتمع بأكمله يلتف حولها الجميع حتى يتم التغيير المطلوب في السلوكيات.
ويبقى هناك دور مهم للإعلام من خلال الحملات الإعلامية، ولكن الحملات وحدها لا تكفي لنشر الوعي بأهمية وضرورة الحفاظ على مياه الشرب، فلابد من مشاركة منظمات المجتمع المدني لكي يتم تحقيق الهدف المنشود.
ساحة النقاش