حالة من الجدل أثارها المقترح الذى يطالب بتعديل تشريعى لحرمان الممتنعين عن سداد النفقة من الخدمات الحكومية بهدف تحقيق الاستدامة لموارد صندوق تأمين الأسرة ببنك ناصر الاجتماعى فى ظل الزيادة المضطردة فى عدد الأحكام الخاصة بالنفقة سنويا.

فى السطور التالية نلقى الضوء على معاناة عدد من ضحايا الطلاق مع النفقة، ونبحث مع عدد من المتخصصين فى قضايا الأسرة والأحوال الشخصية عن حلول لمشكلة النفقة التى تعانى منها الكثير من الأسر المصرية.

البداية من محكمة الأسرة بزنانيرى حيث لجأت منىالسيد إلى الطلاق من زوجها بعد أن اكتشفت بخله الشديد ورفضه تحمل المسئولية، فتقول: تنازلت له عن كل حقوقى مقابل الطلاق ورغم ذلك رفض الانفاق على ابنته، لذا تقدمت بدعوى نفقة، ورغم امتلاكه العديد من العقارات إلا أننى لم أتمكن من إثبات دخله وممتلكاته خاصة بعد أن قدم عدة شهادات مرضية وروشتات علاج تفيد إنفاقه جزء كبير من دخله على الأدوية،وفى النهاية قررت عدم استكمال طريق التقاضى الذى يستهلك ألوف الجنيهات وفى النهاية لن أحصل إلا على ٢٠٠ جنيه نفقة! 

أما سهام إبراهيم، موظفة، فرغم حصولها على النفقة من زوجها إلا أنها تعجز عن سد متطلبات أبنائها الثلاثة خاصة بعد أن نسى والدهم حقوقهم عليه ولم يعد يفكر سوى فى الانتقام منها لرفعها قضية طلاق بعد زواجه من أخرى دون علمها، والأكثر من ذلك رفضه دفع مصروفات المدرسة لأبنائه وعند مطالبته بذلك كتب كل أمواله باسم أبيه ليهرب من حكم النفقة.

وتقول "هالة . أ" طلبت الطلاق من زوجى بعد 15 سنة زواجبسبب خياناته المتعددة فهو ميسور الحال ويملك معرضا للسيارات، وبعد الطلاق قدم أوراق مزورة تفيد إفلاسه فلم يحكم لى القاضى إلا بـ 350 جنيها فقط.

قانون جديد

حول الصعوبات التى تواجهها المرأة فى سبيل حصولها على نفقة أولادها تقول المحامية أشجان البخارى:هناك عدة عقبات تزيد من معاناة المطلقة فى مشوار حصولها على النفقة منها الضوابط التى يتم على أساسها تحديد مبلغ النفقة،وطول فترة التقاضى، وصعوبة إثبات مدى يسر أو تعسر الحالة الاقتصادية للزوج، ومحاولات بعض الأزواج تشتيت النفقات لتقليل مبلغ النفقة المستحق للمطلقة وأبنائها، إلى جانب تهرب المطلق من تسديده بكل الحيل،بالإضافة إلىالصعوبة البالغة فى إثبات مصدر دخل الزوجإذا كان رجل أعمال أو يمتلكأراضى وعقارات، لذلك فمن الممكن أن يكون مقترح حرمان الممتنعين عن سداد النفقة من الخدمات الحكومية انتصارا لعدد كبير من المطلقات حيث يعد رادعا للكثير من الأزواج الذين يتهربون من سداد النفقة المقررة للزوجة والأبناء،فى الوقت نفسه لا يشكل المقترح فارقا لبعض الأزواج خاصة وأن عقوبة الحبس للممتنع وهى شهر واحد تعد بسيطة ، لذا أطالب بضرورة إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية يقضى على ثغرات القانون الحالى ومنها النفقة بتحديدها بنسبة النصف من دخل الرجل لصالح طليقته بما يحفظ كرامتها، إلى جانب ضرورة تقليل زمن التقاضى وغلق مكاتب تسوية المنازعات حيث يلجأ لها الزوج للمماطلة وزيادة أمد التقاضى أمام الزوجة التى ليس لها مصدر دخل سوى مساعدات الأهل والاقتراض.

غير كاف

من جانبها ترى النائبة عبلة الهوارى، عضو مجلس النواب،أن حرمان الممتنع عن النفقة من الخدمات الحكومية غير كاف لردع المتهربين من سدادها، مطالبة بتحويل ذلك التصرف إلى جريمة وليست مجرد مخالفة، وضرورة إسناد تحريات تحديد مصادر دخل الزوج إلى مكاتب حقوق الإنسان ومكافحة العنف والتمييز ضد المرأة بوزارة الداخلية لمواجهة العنفوالضغط الاقتصادى الذى يمارسه الكثير من الأزواج ضد زوجاتهم خاصة بعد الانفصال، مؤكدة أن ذلك يساعد فى أن تكون تحريات مصادر الدخل دقيقة وسريعة بعيدا عن تحريات شيخ الحارة والجيران التى يسهل التأثير فيها، لافتة إلى أن تحديد سقف للنفقة وهو 500 جنيه وفقا للمعمول به ببنك ناصر يمثل ظلما كبيرا ضد المرأة، متسائلة كيف يفى هذاالمبلغ الزهيد بمتطلبات مطلقة وأبنائها فى ظل ارتفاع الأسعار؟ معلنة تقديمها مشروع قانون جديد للأسرة يتضمن 224 مادة فى خمسة أبواب تتعرض لحل جميع مشكلات وقضايا الأحوال الشخصية ومن المنتظر مناقشته فى القريب العاجل.

الأطفال

يرى د. أشرف تمام الرئيس السابق لمركز دعم المعلومات واتخاذ القرار وأدمن المجلس القومى للأسرة، أن الأطفال هم ضحايا الصراعات القائمة بين الأزواج والزوجات، قائلا: يعد تهرب الأب من سداد النفقة نتيجة طبيعية لقيام الأم بحرمانه من شعوره بالأبوة تجاه أبنائه، فبعد الطلاق يجد نفسه محروما من الجلوس مع صغاره أو اصطحابهم فى أى مكان أو حتى مجرد رؤيتهم والمطلوب منه فقط أن يكون بالنسبة لهم ماكينة صراف آلى، لافتا إلى وجود 9 مليون طفل هم أبناء شقاق وتفكك أسرى يدفعون ثمن انفصال أبويهم مدى الحياة، مشيرا إلى أن مصر تتصدر دول العالم فى نسب الطلاق وفقا لآخر الإحصائيات التى أثبتت حدوث حالة طلاق كل دقيقتين، وأن 40% من حالات الطلاق تقع فى الخمس سنوات الأولى من الزواج ، مشيرا إلى استخدام بعض الآباء النفقة كعاملضغط لرؤية الصغار نتيجة لتخلف الزوجات عن جلسات الرؤية والامتناع عن اصطحاب الزوج لابنه فى نزهة عائلية، داعيا إلى ضرورة ضم جميع قضايا النفقة بفروعها فى قضية واحدة شاملة جميع المصروفات.

***

نشأ صندوق تأمين الأسرة بقرار جمهورى من الرئيس عبد الفتاح السيسى بالقانون رقم ١١٣ لسنة ٢٠١٥، بتعديل أحكام القانون رقم ١١ لسنة ٢٠٠٤، بإنشاء نظام تأمين الأسرة، حيث تلتزم الأسرة بالاشتراك فى نظام التأمين المنصوص عليه فى المادة ٧١ من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال شخصية الصادر بالقانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠.

وقد نصت المادة الثالثة منه على أن يؤدى بنك ناصر الاجتماعى النفقات والأجور تطبيقاً لأحكام المادة ٧٢ من القانون رقم ١ لسنة ٢٠٠٠، من حصيلة موارد الصندوق، كما يحق له تحريك الدعوى الجنائية باعتباره صاحب شأن وفقاً لنص المادة ٢٩٣ من قانون العقوبات لاستيفاء ما قام بأدائه، ويجوز بقرار من رئيس الجهورية إضافة خدمات تأمينية أخرى للأسرة يمولها الصندوق ويتضمن القرار تحديد فئات الاشتراك فيها.

المصدر: كتبت : شيماء أبو النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1174 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,703,551

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز