جهود شاقة تبذلها الزوجة المصرية خلال رحلتها اليومية منذ استيقاظها وحتى خلودها إلى النوم ما بين رعاية الأبناء وإعداد الطعام والقيام على شئون المنزل، ورغم إعفاء بعض علماء الشرع الزوجة من هذه الأعمال إلا أنها تؤديها دون كلل أو ملل لتعبر بأسرتها إلى بر الأمان دون أن تدخر جهدا لتحقيق ذلك، ألا تستحق راتبا شهريا حماية لها من أي ظروف طارئة؟

مبادرة تطرحها «حواء » على ربات البيوت والأزواج، وتستطلع آراء علماء النفس حول تأثير هذه الفكرة على العلاقة بينها وزوجها، وتبحث مع البرلمانيات سبل تنفيذها فى هذا التحقيق..

فى البداية تؤيد إيمان أحمد، ربة منزل الفكرة قائلة: تؤدى المرأة الأعمال المنزلية بصفة يومية دون أجر مقابل ذلك بينما يتقاضى الرجل أجرا شهريا مقابل عمله لذا أرى أن من حق الزوجة الحصول على راتب شهرى من زوجها مقابل ما تقوم به من أعمال منزلية ما لم يحرم الدين ذلك، لكن على المستوى الشخصى أفضل القيام بذلك بشكل ودى لأن زوجى من طباعه العند فإذا شعر أنهمجبر على ذلك سيمنع عني مصروف المنزل.

وتتفق معها مي موريد، حاصلة على ليسانس حقوق قائلة: تحصل المرأة بالفعل على مرتب شهرى من زوجها وهو المتمثل فى مصروفها الشخصى بعيدا عن مستلزمات المنزل، لكننى أرفض تسميته بذلكلأن رعاية المرأة لزوجها وبيتها لا يقدر بثمن، لذا أنصح السيدات بالاتفاق مع أزواجهن على تخصيص مبلغ شهرى لقضاء مستلزماتها الشخصية فهذا ينعكس على حالتها، لافتة إلى أن زوجها يعطيها مصروفا شخصيا يزيد مع كل ترقية أو علاوة يحصل عليها.

أما آية شافعي، خريجة كلية طب الأسنان جامعة المنصورة فترى أن من حقها طلب راتب شهري من زوجها خاصة بعد تخليها عن عملها مقابل رعاية أسرتها قائلة: زوجي فرض عليه أن يلبي احتياجاتي، فقد كنت طبيبة أسنان وتخليت عن مهنتي مقابل تربية الأطفال بعدأن طلب مني ذلك،فمنالمنطقي أن يكون لى دخل ثابت كتقدير منه على مجهودي وليس فرض أو إجبار، وفي الحقيقة هو يفعل ذلك عن طيب نفس.

وتختلف نوران يوسف مع الآراء السابقة قائلة: لا أقبل أن يعطيني زوجي راتبا مقابل أعمالي المنزلية ،بل أعمل من المنزل لأساعده على الظروف المعيشية، ومقابل ذلك أجد منه تقديرا لهذه المساعدة، فالكلمة الطيبة أفضل من أى راتب قد تحصل عليه الزوجة.

بالتراضى وليس جبرا

هكذا اختلفت آراء ربات البيوت حول أحقيتهن فى الحصول على راتب شهرى من أزواجهن مقابل قيامهن بالأعمال المنزلية، فكيف يرى الرجال مبادرتنا؟ يقول محسن عبدالمجيد، محامي: تفرض الظروف المعيشية علينا الأسلوب الذى نتعامل به مع زوجاتنا، فلا يوجد رجل ميسور الحال يمتنع عن إعطاء زوجته مبلغ من المال بخلاف المصروف الشهرى لمستلزمات المنزل، كما أننى لا أعترض على هذه الفكرة خاصة وأن الزوجات هن من يدخرن من مصرفهن الشهرى لمساعدة أزواجهن على مواجهة صعوبات الحياة.

أما محمد حسن فيرفض أن يجبر على إعطاء زوجته راتبا شهريا سواء كان ذلك بحكم شرعى أو قانون وضعى فيقول: لابد أن تقومالعلاقة بين الزوجين على التراضي والمودة ،فأنا أعطي لزوجتي مصروفا شهرى قد يزيد أو ينقص وفقا لمستلزمات المنزل، وعند تعرضي لضائقة مالية أجد ما ادخرته زوجتى من مصروف المنزل، لذلك لا أبخل على إعطائها أضعاف مصروفها الشهرى طالما وضعى المالى يسمح بذلك.

غير ملزمة

بعد التعرف على آراء الأزواج والزوجات حول فكرتنا المطروحة كيف يراها المختصون؟

يقول الشيخ خالد الجندي: اختلف أهل العلم حول ما إذا كانت المرأة ملزمة بأعمال المنزل أم لا، وما يطمئن إليه القلب أنها غير ملزمة بها وعلى هذا فيجوز لها أن تتقاضىأجرا مقابل العمل، وعلى الرغم من إباحة الشرع لذلك لكن الأفضل أن يتعاون الزوجان فى الأعمال المنزلية وتربية الأولاد, فإن أفضل الخلق محمد عليه الصلاة والسلام كان يتعاون مع أمهات المؤمنين، كما أن الزوجة إذا قامت بهذه الأعمال دون مقابل مادي فإنها تثاب على ذلك، وفى المقابل على الزوج أن يقدر ما تتحمله الزوجة من مسئولية كبيرة فى القيام على شئونه وأولاده إلى جانب أعمالها المنزلية.

شراكة مادية

ترىد. سهير صفوت،أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس أنه إذا وجد قانون يلزم الرجل بدفع راتب شهري لزوجته مقابل أعمال المنزل ستتحول مؤسسة الزواج لشراكة مادية بحتة وتفقد الأساس التي تقوم عليه منمودة ورحمة ومعاملة طيبة، وأرجعت تأييد بعض السيدات للفكرة إلى تغاضى أزواجهن عن احتياجاتهن الشخصية، وتقول: لا نحتاج لسن قانون لذلك بقدر احتياجنا إلى تصحيح المفاهيم الاجتماعية، فثقافة المجتمع المصري حصرت دور المرأة في الأعمال المنزلية وتغاضت عن دورها الأساسي في صنع المجتمع وتربية النشء، وجعلت من الرجل ديكتاتورا يرىأن مجرد تعاونه مع المرأة إذلال لنفسه وذلك عكس ماتعارفه الأديان من ود وتراحم ومحبة بين الأزواج، لذا أدعو وسائلالإعلامإلى نشر ثقافة التعاون بين الزوجين من خلال تسليط الضوء على الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج التى ينظمها الأزهر الشريف والهيئة الإنجيلية.

نفقة شهرية

يوضح د. عادل عامر، أستاذ القانون العام بجامعة طنطا أن الأصل في القانون والشريعة دخل الزوج وهي كلمة أشمل من المرتب لأنها تنطبق على كل ربح يحصل عليه الزوج ، ويقول: ألزم الشرع الزوج بالتكفل بأولاده وزوجته وتوفير احتياجاتهم حتى وإن كانت الزوجة عاملة، كما نص القانون على عقوبة مفادها إلزام الزوج بنفقة شهرية حال إثبات زوجته بخله عن طريق إحضار أوراق للمحكمة بدخلهوإشهاد الجيران أو العائلة علىذلك، ولا تشترط المحكمة فى ذلك أن تكون عاملة أم لا، فالأولى لها ذمتها المالية ولا تطالب بالإنفاق على المنزل.

المشاريع الصغيرة

بينما ترى النائبة البرلمانية منى منير أن تقاضى الزوجة راتب شهري مقابل الأعمال المنزلية يقلل من قيمتها ويساويها مع الخادمة، قائلة: على المرأة ألا تجعل من نفسها عالة على الرجل أو المجتمع، فهناك العديد من الطريقالتى تمكن المرأة من تحقيق ذلك كالمشروعات الصغيرة التي توفرلها دخلال ثابتا يمكنها من مساندة زوجها ومواجهة صعوبات الحياة.

أما د. مها السعيد ، رئيسة وحدة مناهضة التحرش والعنف ضد المرأة بجامعة القاهرة فتؤيد الفكرة واصفة إياها بالعبقرية،لكنها تعلق تنفيذها على آليات عدة أهمها تخلى الزوج عن دخل زوجته العاملة، وجعل احتياجاتها الشخصية فى مرتبة متقدمة فى أولوياته ، بالإضافة إلى اعترافه بأن المرأة صانعة حياة لا يجب اختزال دورها في الإنجاب والأعمال المنزلية ، وترى أن تطبيق الفكرة يقع تحت المثل الشعبي "العيار اللي ميصبش يدوش" لعله يكون رادعا لإهمال الزوج ويجعله يعترف لها بجميلها فهناك سيدات كثيرات داخل البيوت المصرية تتمنى من أزواجها فقط كلمة طيبة فقط.

المصدر: كتبت : ابتسام أشرف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1505 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,801,667

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز