تحتفل القوات المسلحة فى التاسع من مارس كل عام بيوم الشهيد والذى يعكس اعتزاز الوطن بأبنائه ويجسد أسمى معانى العطاء والروح الوطنية المخلصة لجنود مصر الأوفياء المدافعين عن أمنها وسلامتها عبر تاريخها الطويل، حيث تخلد هذهالذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق أثناء متابعته تنفيذ خطة تدمير خط بارليف برفقة اللواء عدلى حسن سعيد، قائد الجيش الثانى آنذاك، وفى عملية خسيسة مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية انطلقت نيران العدو على موقع الفريق لتستمر المعركة التى قادها أكثر من ساعة ونصف،لكن شاء القدر أن تسقط إحدى الدانات بالقرب من الحفرة التى قاد منها البطل المعركة ليستشهد القائد وسط جنوده إثر إصابة قاتلة ويصاب قائد الجيش إصابة خطيرة استدعت إجراء أكثر من عملية جراحية.
ووسط جنازة عسكرية حرص مختلف أطياف الشعب على حضورها ودع المصريون الفريق عبد المنعم رياض، وتخليدا لذكراه أعلن 9 مارس يوم الشهداء تعبيرا صادقا عن الروح العسكرية المصرية والتى تتطلب من كل قائد مهما كانت رتبته أن يضرب القدوة والمثل حتى الاستشهاد بين جنوده، وقد كان هذا المبدأ وهذه الروح واضحة بأجل معانيها وصورها فى حرب أكتوبر 1973، حيث كان القادة قدوة لجنودهم واستشهدوا فى الخطوط الأمامية.
في يوم الشهيد يذكر الناس مآثر الأبطال، ويرون فيهم قدوة لهم وللأجيال من بعدهم، فكل الأمم تفتخر بشهدائها وتعتبرهم أيقونة التميز والخير الذي لا يزول، ويكفي الشهيد شرفاً أن الله يغفر له جميع خطاياه مع أول دفقة من دمه، كما أنه يشفع في سبعين من أقاربه، ويظل بالنسبة لهم فخراً على مدى الأيام ليتعطروا بذكره ويسردوا سيرته متباهين فيه في كل زمان ومكان، كما يعد الشهيد أنبل الناس وأكثرهم كرما لأنه قدم روحه رخيصة لأجل الحق والفضيلة.
ولأن الشهيد نبراس الأمل المضيء الذىيرشد الناس إلى طريق النصر والتحرير، خصصت العديد من الدول يوماً في العام وأسموه يوما له ليكون رمزاً للاحتفال بذكرى الأبطال الذين زُفت أرواحهم إلى السماء، رغم أن يوماً واحداً في العام لا يفي للشهيد حقه أبداً، لكن يكفيه قول الله سبحانه وتعالى:"وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".
لولا تضحية الشهيد لما علا صوت الحق أبداً، ولا ارتفعت راية الأوطان، ولانتصر الباطل والظلم على الحق والعدل، فرسالة الشهيد تحمل في طياتها كل معاني الشرف والإباء، وتضرب أروع الأمثلة في التضحية، ولهذا جاءت الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تُمجد الشهيد وتعلي من مكانته وتُعظم في أجره.
إن فكرة تخصيص يومللشهيد يُعتبر شيئاً عظيماً فيه الكثير من الاحترام والتبجيل لذكراه العطرة، وهذا يزرع في نفوس الشباب والأطفال حب الشهادة وتمنيها، ويجعلهم يُفكرون في أن يكونوا شجعاناً مثل الشهيد الذي لم يكترث لمغريات الحياة، وإنما اختار رضى الله تعالى واستجاب لنداء الشهادة الخالد، لتعانق روحه عنان المجد في كل لحظة، ولينقش اسمه في صفحات الشرف والعزة والكرامة، فلا حياة لأمة دون تضحية شهدائها، ولا ثبات على الحق إن لم يكن فيه من يُدافعون عنه ويحملون همه ويُضحون بأغلى ما يملكون لأجله.
ساحة النقاش