فى الخامس والعشرين من أبريل عام 1982 تم رفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي، وكان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصرى الإسرائيلى انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للعسكرية المصرية، وكانت الخطوات الأولى على طريق التحرير بعد أيام معدودة من هزيمة 1967 قبل أن تندلع شرارة حرب أكتوبر بأكثر من ست سنوات، حيث شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
كان من أهم نتائج حرب أكتوبر 1973 استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس وجزء من الأراضى فى شبه جزيرة سيناء، بالإضافة إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975، كما أسفرت حرب التحرير الكبرى عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمي والمحلي كانقلاب المعايير العسكرية في العالم شرقا وغربا، وتغيير الاستراتيجيات العسكرية، والتأثير على مستقبل كثير من الأسلحة والمعدات، إلى جانب عودة الثقة للمقاتل المصري، وإظهار الوحدة العربية في أروع صورها، والتي تمثلت في تعاون جميع الدول العربية، إلى جانب ذلك فقد مهدت حرب أكتوبر الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد على خلفية مبادرة السادات التاريخية وزيارته للقدس.
وبعد اليوم السادس عشر من بدء حرب أكتوبر بدأت المرحلة الثانية لاستكمال تحرير الأرض عن طريق المفاوضات السياسية، حيث تم إصدار القرار رقم 338 والذي يقضي بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءا من 22 أكتوبر 1973 بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن، إلا أن خرق القوات الإسرائيلية للقرار أدى إلى إصدار مجلس الأمن قراراً آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والذي التزمت به إسرائيل ووافقت عليه، بعدها وصلت قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء.
عقب اتفاقية وقف إطلاق النار تم توقيع عدد من الاتفاقيات منها فض الاشتباك والذى كان من أهم بنوده أن النزاع في الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية، وبعد زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس والتى أعلن عنها أمام مجلس النواب المصرى تم عقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، وتم التوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978 والتى احتوت على وثيقتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربى الإسرائيلى.
أسفرت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبة جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها، وقد تم تحديد جدول زمني للانسحاب المرحلى من سيناء حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المصرى المكثف، وتم أخذ أمر طابا على محمل الجد من رجال القوات المسلحة والدبلوماسية المصرية, وخلال سير القضية كانت هناك محاولات لتسويات ودية من الجانب الإسرائيلي إلا أنها فشلت, واستمرت القضية من خلال تبادل للحكم النهائى بإثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة وتم إعادة طابا إلى مصر.
"ما ضاع حق وراءه مطالب" كان هذا أبرز الدروس المستفادة من معركة تحرير سيناء, وقد تجلى ذلك فى مقولة أحد أعضاء الفريق الإسرائيلى كنا نعرف أن طابا مصرية منذ البداية، لكن كان لدينا شك فى إرادة المفاوض المصرى واستمراره حتى النهاية بهذا الإصرار والعناد، إلى جانب تحسن الدفاع عن هذا الحق وحتمية الاعتماد على الخبراء والمتخصصين، وهو ما دعا إلى تشكيل اللجنة القومية لطابا ومعرفة الخصم وطرق مناوراته، وأخيرا حسن إدارة الأزمات وإيجاد التجانس بين فريق العمل الذى يتكون من عقليات مختلفة تجتمع على الوازع الوطنى من أجل الوصول إلى الهدف.
ساحة النقاش