أعرف عمرو دياب منذ بداياته في الثمانينيات، أول ما لفت انتباهي إليه أنه لم يكن يريد أن يكون مطربا، بل يحلم بأن يكون "عالميا"، وكنت أشفق عليه من أحلامه؛ فهي قد تكلفه أرق النهار وسهر الليل، كثيرا ما سألته عن وسيلته للتحليق في سماء العالمية، فأسكتني بالتعليق التالي: "أشعر أن توفيق الله يرعاني"، مضيفا: وعندي الدليل، لاحقته بالسؤال: أرجوك قوللي، فقال بإيمان حقيقي: "اكتشفت أني كل ما أعمل حاجة غلط.. تطلع صح"! وراح يحكي باستفاضة ما ملخصه أنه تعاقد مع أحد مطاعم الجيزة لتقديم فقرة ليلية واكتشف أنه لا يملك "بدلة" يقدم بها فقرته؛ فصعد على المسرح بقميص مشجر وحيد كان يملكه، يغسله ويجففه صباحا ويغني به مساء، هو كان يفترض أن مظهره سيكون عائقا على طريق انتشاره، وإذا بالمفاجأة تكون في انتظاره ويقلده باقي المطربين الشبان ويتخففوا من حلتهم الرسمية وتصبح موضة الغناء، الأمر الثاني عندما علم بأن شخصيات فنية كبيرة ستحضر للاستماع إليه، كان متوترا، مرتجفا، ففكر أن يطمئن نفسه بالحركة على المسرح، وهذا لم يكن من أدبيات الغناء الكلاسيكي الذي كان ينتهجه أستاذه عبد الحليم حافظ، ومرة أخرى يصبح خطأه "موضة" بين نجوم الغناء الشبابي.. كل ما يعمل حاجة غلط تطلع صح.
هذا الأسبوع تابعت "الهضبة" كما يحلو لجمهوره أن يسميه في حفله الخيري الضخم لصالح مشروع "تحيا مصر" وهو أحد أحلام عمرو دياب أن يغني لصالح الناس طالما تحدث معي حوله منذ سنوات؛ حيث كان يحلم بتخصيص حفل لكل محافظة مصرية، وأخيرا مع هذا الحفل رأيت عمرو يغني بالزي الرسمي الكامل، كما أنه رحب بمشاركة "اللطيفة" نجمة الغناء الجميلة "لطيفة" وهو ما كان يعتذر عنه دياب من حيث مشاركة نجم آخر معه.. وكله من أجل "تحيا مصر"..
مبروووك عودة دياب إلى أحد أحلامه لمصلحة وطنه وناسه.
ساحة النقاش