يبدو أنه موسم شكاوي الأبناء والبنات من بعض أحوال أمهاتهم، فقد بدأ الأمر ببكاء حار واستغاثة إلى الله سبحانه وتعالى من أبناء أم لا تريد أن تعيش بعد وفاة زوجها الحبيب ورفضها الطعام والشراب والاستحمام والخروج من المنزل ورفضها الكلام مع أهلها ورفضها وتذمرها من اهتمام أولادها بشأنها، والآن أنهي إلى قرائي وقارئاتي حسب متابعتي لحالتها أنها والحمد الله بدأت طريق التحسن بأن وافقت على تناول بعض المشروبات مثل النعناع واليانسون وبعض الأطعمة مثل الزبادي والخبز الجاف بعد أن كانت ترفض كل شيء يصل إلى جوفها، الحمد الله، وكانت الشكوى الثانية أن الأم قد بدأت الحياة السعيدة فعلا بعد وفاة الأب فأصبحت تهتم بنفسها أكثر وأكثر وتخرج كثيرا وتضحك بصوت عال، ثم صارحت أولادها بأنها تزوجت زواجا عرفيا حفاظا على معاش والدهم وكان ذلك بعد وفاة الوالد بستة شهور فقط!!
لكنها لم تفرط في أولادها وظلت تدير البيت وتنفق عليهم من وسع ولا تلتقي بزوجها العرفي إلا ساعتين مرتين في الأسبوع، وبالطبع.. هناك فرق فالأولى كانت زوجة سعيدة تركز كل حياتها على شخص زوجها، أما الثانية فقد كانت زوجة مقهورة مكبوتة المشاعر وتقول إنها لم تشعر بالسعادة يوما واحدا مع زوجها رغم كرمه وطيبته، فرأت أن تعيش ما بقي لها من الحياة-  كما تقول - مع رعايتها لأولادها الثلاثة الذين ليسوا صغارا لكنها متكفلة بهم طول العمر، هكذا قالت لي، وفي النهاية أقول لكل إنسان ظروفة الخاصة التي يجب أن نضعها في الاعتبار.. أما الابن الأخير صاحب حكاية اليوم - والحكاية عن أمه أيضا – فسوف أحكيها لك كما رواها لي ثم نفكر ونتدبر الأمر سوياً ما رأيكم ؟
...................................................
قال الابن نور الدين (24 سنة):
تعودنا أن نجد مجلة حواء كل يوم سبت صباحا على مائدة الأنتريه، فنقلب صفحاتها مع فنجان القهوة وعندما نعود من العمل نقرأها بالتفصيل صفحة صفحة، فقد تعودنا عليها منذ أن كانت جدتي تحرص على قراءتها كل أسبوع بانتظام لكن لفت نظري حكايات الأبناء والبنات الذين يشكون من أحوال بعض الأمهات، فانتحيت
جانبا وقرأت الشكوى والرد قبل أن أخرج للعمل وقبل أن تصادر أمي المجلة، وتأثرت كثيرا بما جرى لهؤلاء الشباب ورأيت أن أحكي لك حكياتي وهي مختلفة تماماً عن الحكايتين.
...................................................................................
واستطرد الابن نور الدين.. بداية أقول لك إنني الابن الأكبر لأسرة ميسورة الحال مرموقة لها شركة معروفة في مصر، وكان والدي - رحمة الله عليه - هو الذي كافح وتعب وعرق حتى شيدها من العدم، ولم يكن أنانيا بل كان بعيد النظر، فقد كتب الشركة باسم زوجته أم أولاده الذين هم أنا ( 24 سنة) خريج كلية التجارة، وأختاي الصغيرتان ناهد ونهال ( 20 سنة) وهما ما زالتا في الجامعة، أعني أن كل شيء محسوم، أبي رئيس مجلس الإدارة وأمي نائبته وأنا العضو المنتدب والشريك وأختاي نفس الشيء، وكان رحمة الله عليه يدرب أمي على العمل ومراجعة الأوراق والحسابات، وكانت هي إلى حد ما تهتم جزئياً بأمور الشركة، أما اهتمامها الأول فكان بالبيت والأولاد وراحة زوجها وتفوقنا في المدراس والجامعات !
...........................................
واستطرد نور الدين..  كانت حياتنا سلسة وهادئة وكانت شخصية أمي قوية في البيت والعمل لكنها لم تظهرها أبداً في وجود أبي، فقد كانت جملتها المعهودة والمتكررة دائما لزوجها الأمر أمرك والشورة شورتك، وللأسف الشديد مرض أبي بالسرطان ولم يعرف بالمرضة إلا بعد أن تغلغل في الغدد والكبد والكلى وأجرى عدة عمليات جراحية كان يبدو بعدها سليما معافيا ثم نفاجأ بظهور المرض في مكان آخر بجسده ثم وافتة المنية بعد علاج طويل، ولم يكن هناك إرث غير معروف فقد كان له أرض زراعية حوالي 40 فداناً في بنها يزرعها بعض أقاربه، والفيلا التي نسكن فيها ومبالغ في البنك وأسهم وسندات وشهادات في البنوك أيضاً، وكان هو يحيط أمي علما بكل ما يملك حتى قبل أن يمرض فلم تكن هناك مشاكل لكن المشكلة الكبيرة التي حدثت بعد وفاة أبي هو التحول الكبير الذي حدث في شخصية أمي والذي أذهلنا جميعاً، فقد تحولت من حال إلى حال حتى أصبحنا نسأل بعضنا البعض هل هذه هي السيدة فوزية أمنا، كيف حدث هذا وما هو ذلك التحول؟ الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.

المصدر: سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1007 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,813,902

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز