كان النبى «صلى الله عليه وسلم » يمتاز بجمال خَلقه وكمال خُلقه بما لا يحيط بوصفه البيان، وكان من أثره أن القلوب فاضت بإجلاله، والرجال تفانوا فى إكباره بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره، فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام ولم يبالوا أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر، وما أحبوه كذلك إلا لأن أنصبته من الكمال الذى يحبب عادة لم يرزق بمثلها بشر.

وعن جمال الخلق قالت أم معبد الخزاعية عن رسول الله «صلى الله عليه وسلم » وهى تصفه لزوجها حين مر بخيمتها مهاجراً، ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق لم تعبه ثجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم، قسيم فى عينيه دعج، وفى أشفاره وطف، وفى صوته مهل وفى عنقه سطع، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق.

وقال البراء: كان أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا، وسئل أكان وجه النبى «صلى الله عليه وسلم » مثل السيف؟ قال لا بل مثل القمر، وفى رواية كان وجهه مستديراً، وقالت الربيع بنت معوذ لو رأيته رأيت الشمس طالعة. وقال أبو هريرة ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله «صلى الله عليه وسلم » كأن الشمس تجرى فى وجهه، ما رأيت أحداً أسرع فى مشيه من رسول الله كأنما الأرض تطوى له وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث.

وقال أبو جحيفة: أخذت بيد الرسول «صلى الله عليه وسلم » فوضعتها على وجهى فإذا هى أبرد من الثلج وأطيب من رائحة المسك.

وكان النبي «صلى الله عليه وسلم » يمتاز بفصاحة اللسان وبلاغة القول، وكان الحلم والاحتمال والعفو عند المقدرة والصبر على المكاره صفات أدبه الله بها، قالت عائشة - رضى الله عنها - ما خير رسول الله «صلى الله عليه وسلم » بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه، وكان أبعد الناس غضباً وأسرعهم رضاً، وكان من صفته الجود والكرم على ما لا يقاد قدره، قال ابن عباس كان النبى «صلى الله عليه وسلم » أجود الناس وأجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه فى كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، ورسول الله «صلى الله عليه وسلم » أجود بالخير من الريح المرسلة وما سئل شيئاً قط فقال لا.

وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذى لا يجهل كان أشجع الناس، وكان أشد الناس حياء وإغضاء، وقال أبو سعيد الخدرى كان أشد حياء من العذراء فى خدرها، وإذا كره شيئاً عرف فى وجهه، وكان لا يثبت نظره فى وجه أحد، وكان أشد الناس تواضعاً وأبعدهم عن الكبر ويجالس الفقراء، وكان أوفى الناس بالعهود وأوصلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورأفة ورحمة بالناس، أحسن الناس عشرة وأدباً وأبسط الناس خلقاً لم يكن فاحشا ولا متفحشاً ولا لعاناً ولا صخاباً فى الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، وكان لا يدع أحداً يمشى خلفه وكان لا يترفع على عبيده وإمائه فى مأكل ولا ملبس، ويخدم من خدمه، ولم يقل لخادمه أفا قط ولم يعاتبه على فعل شيء أو تركه.. وكان فى بعض أسفاره فأمر بإصلاح شاة فقال رجل علي ذبحها، وقال آخر علي سلخها، وقال آخر علي طبخها، فقال «صلى الله عليه وسلم “وعلي جمع الحطب، فقالوا نحن نكفيك فقال: قد علمت أنكم تكفونى ولكنى أكره أن أتميز عليكم، فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه، وقام وجمع الحطب، كان النبى «صلى الله عليه وسلم » محلى بصفات الكمال المنقطعة النظير أدبه ربه فأحسن تأديبه، حتى خاطبه مثنياً عليه فقال «وإنك لعلى خلق عظيم ،» اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد رسول الله.

المصدر: بقلم : فاتن الهوارى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 728 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,822,349

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز