نسعد معا بأيام وليالى الشهر الكريم.. الذى أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. الشهر الذى يتسابق فيه كل منا إلى مرضاة الله ومغفرته وعفوه بالتقرب بالعبادات من صيام وقيام وقراءة القرآن وحسن المعاملات.. وهنا علينا أن نعيد تقييم حياتنا وأسلوب تواصلنا وحوارنا مع الناس من حولنا.. وهو ما يدعونا إليه رب العزة من أجل استمرار الحياة وإسعاد البشرية، فتعاون الناس فريضة وتبادل الخدمات بينهم ومساعدة بعضهم البعض ضرورة من أجل أن نحيا بأمان وسلام وإعمار دنيانا.. فمن الجميل التفانى  فى العبادات ولكن الأجمل ألا ننسى حسن معاملاتنا لمن معنا.. فالخالق عز وجل أكد فى كتابه العزيز أنه قد يعفو ويتسامح فى عباداته فهى علاقة خاصة بين الإنسان وربه ولكنه لا يعفو ولا يتسامح فى التعدى على حقوق البشر أو الإساءة إليهم بدون وجه حق حتى تستقيم الحياة بالحب والسلام والتسامح والتعاون لتقوى المجتمعات.. ولهذا علينا أن نبدأ ولا ننتهى من خلال هذا الشهر الفضيل بأن نعيد تقييمنا لأنفسنا فى هذه الأمور ونتعلم صحيح ديننا ونغرس فى أبنائنا وأجيالنا ما دعانا الله إليه من حسن التعامل مع كل من حولنا.. فقد جعلنا الله مختلفين وكان بقدرته عز وجل أن يجعلنا أمة واحدة، فحكمته الإلهية يؤكدها فى آياته الكريمة: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ».. وهى دعوة ربانية للتآلف والتعارف وحسن التعامل والحوار والتصالح مع الآخر دون تمييز.. وكانت دعوة الخالق لنا إلى أدب الحوار مهما كان الاختلاف: «ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن « ،» وما عليك إلا البلاغ »، هكذا كانت دعوة رب العزة لرسولنا الكريم «عليه أفضل الصلاة والسلام » ليكون المثل والقدوة للمسلمين فى تعاملهم مع كل خلقه.. هكذا علينا أن نعلم أبناءنا كيف يكون الحوار.. فديننا دين حب بعيد عن التطرف والتعصب، دين سماحة وسلام.. وقد كرم الله بنى آدم جميعا عندما خلقهم من نفس واحدة ونفخ فيها من روحه.. ولهذا حق على الجميع تكريم الإنسان والحفاظ على حياته وعدم التعدى على ممتلكاته، وكان رسولنا الكريم بما أرساه من مبدأ المآخاة والمساواة بين الناس مهما اختلفت دياناتهم أو أصولهم عجميا كان أو عربيا، رجلا كان أو امرأة، فقيرا أو غنيا.. الكل متساوون فى الحقوق والواجبات ما داموا يحافظون جميعا على أمن وخير مجتمعهم، كما كان فى وثيقة المآخاة بالمدينة حين هاجر إليها وهى أول الأسس التى أقام عليها دولة الحق وأكد موضحا ومتسائلا: أتدرون من هو المفلس؟.. قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: المفلس من أمتى يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وضرب هذا وسفك دم هذا، فيعطى هذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم حتى طرح فى النار.. وبهذا يعرفنا رسولنا الكريم «عليه الصلاة والسلام » حقيقة ديننا التى يدعونا إليها الله.

ومع هذا الشهر الكريم نتعلم الحكمة من الصوم وهى الرحمة لكل من حولنا من التواصل الأسرى والتحابي وبر الوالدين وصلة الأرحام، وأن نسارع إلى تلمس أبواب الخير بالأعمال الصالحة.. ونمد أيدينا إلى كل من يحتاج إلينا لنتكاتف ونتكافل جميعا فى سد احتياجات فقرائنا.. ونعين امرأة ترعى أسرتها دون عائل لتكمل مسيرة أبنائها فى الحياة، وأن نتعاون على أن نعين شبابنا على الحياة الكريمة ونساهم فى تزويج فتياتنا الفقيرات واليتيمات.. فلنرحم عباد الله حتى يرحمنا الخالق الكريم.

المصدر: بقلم : إيمان حمزة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 777 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,827,566

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز