مع ارتفاع معدلات الطاق لتحتل مصر المرتبة الأولى عالميا بمعدل حالة طلاق كل ٤ دقائق، حاول الكثير من الخبراء والمتخصصين البحث عن السبب وراء هذه المشكلة التى باتت تشكل خطرا على المجتمع، فهل ما يحدث بسبب التسرع فى الزواج هروبا من العنوسة وتحت شعار «ضل راجل ولا ضل حيطة »، أو الرضوخ إلى رغبة الأهل بالزواج من أجل الحصول على لقب «زوجة » أو الهروب من كلام الناس، أم أنه اختيار خاطئ ومتعجل دون تخطيط سليم للمستقبل، هذا هو ما حاولنا أن نتطرق إليه فى جولتنا التالية بحثا عن أسباب هذه المشكلة.
فى البداية تقول هند السيد: للأسف تزوجت لمجرد إرضاء أهلى حتى لا يتقدم بى العمر أكثر وأصبح عانسا، بعد أن أجبرنى أبى على الزواج من شخص لم أكن أرتاح إليه بالمرة، ومع زواجى منه عانيت الكثير من الإهانات والخيانة والخلافات التى لا تنتهى، ورغم كل هذا رفض أهلى مبدأ الطلاق لفترة طويلة وكأننى سأعيش كل حياتى خائفة من لقب عانس أو مطلقة، ولكنني أصررت على الطلاق حيث لم أجن سوى التعاسة من هذا الزواج.
وتروى آلاء عبد السلام قصتها قائلة: تقدم لخطبتى شخص لا أعرفه ولكن أمى اقتنعت به وقررت أن تزوجنى منه لأنه ميسور الحال وخوفا من لقب عانس، وبالفعل وجدت كل من حولى يجبرنى على الموافقة عليه لأتزوج منه دون مشاعر أو رغبة منى فى ذلك وقد أصبحت حياتى ليست أكثر من روتين يومى قاتل، إلى أن انفصلت عن زوجى بعد زواج لم يدم أكثر من عامين .
حلم الأمومة
دفع حلم الأمومة مها، طبيبة، للزواج من شخص أقل منها في المستوى المادى والثقافي فتقول: تزوجت من مساعدى فى عيادتى الخاصة بعد أن تقدم بى العمر لكن بعد إنجابى لطفلنا الأول لم تستمر الحياة بيننا كثيرا فقررنا الانفصال.
وتقول مى . م: كنت مضطرة لقبول خطبتي من شخص لا يناسبنى اجتماعيا وتعليميا هروبا من حديث الناس، وحاولت كثيرا إنجاح الخطبة وإتمام الزواج إلا أن عدم التوافق بيننا حال دون ذلك، وبعد إنهاء الخطبة ما زالت محاولات أهلى مستمرة لأحصل على لقب "متزوجة" مهما كان الاختيار لا يلائمني ومهما كانت التجربة مؤلمة فى كل مرة.
«ما المشكلة فى الزواج والإنجاب ثم الطلاق فالمهم ألا يتهمنى المجتمع أننى عانس »، بهذه الكلمات بدأت أمنية مرعى، مدرسة بإحدى المدارس الخاصة، حديثها وتقول: المجتمع لا يرحم رجلا أو امرأة لم تتزوج وكأن قرار الزواج من عدمه سيظل وصمة عار لابد أن نمحيها بقسيمة الزواج ولا يهم نتيجة تلك الزيجة وهذا ما حدث معى، فقد تزوجت إرضاء لأهلى وما زلت أحاول إنجاح هذا الارتباط، ولكن دون فائدة!
بيزنس الزواج
بعد الاستماع إلى قصص عدد من الفتيات والسيدات اللائى تضارهن نظرة المجتمع ولقب العنوسة فيدفعهن إلى الزواج لمجرد الهروب منه تحدثنا إلى د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس فتقول: يعانى المجتمع المصرى من خلل فى المفهوم الصحيح للزواج والأسرة، وقد يعود ذلك للضغوط الاقتصادية والنفسية الكثيرة، فلم يعد تأسيس الأسرة رمز الألفة والاستقرار بل تحول إلى بيزنس يبحث فيه كل طرف عن أهدافه الشخصية للحصول على شكل اجتماعى معين أمام الجميع، وهذه أفكار خاطئة لابد من تصحيحها فلا يصح أن ننظر للزواج تلك النظرة السطحية فهذا قرار يحتاج للتأنى ومراجعة اختياراتنا ومعرفة ما إذا كان هذا الزواج سيضيف إلى حياتنا أم لا, لذا أنصح كل شاب وفتاة أن يقوما بتحديد أهدافهما مهما تقدم بهما العمر، وأن يتأكدا أن قرار الزواج سيضيف إلى حياتهما شيئا ما إما تحقيق الأمان والاستقرار أو تكوين أسرة وتحقيق حلم الأمومة فى أجواء مستقرة .
دور الأهل
من جانبه يرفض د. شحاتة زيان، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، زواج الحصول على اللقب ناصحا الفتاة بالاهتمام بحياتها الشخصية جنبا إلى جنب مع الدراسة والعمل، فيقول: يجب أن يكون من اهتمامات الشاب والفتاة الاختيار السليم لشريك الحياة وأن يكون ذلك فى وقت مبكر ومناسب لكل منهما، وبالتالى تسير الأمور وفق وضعها الصحيح، لكن للاسف هناك نماذج تضحى بحياتها على حساب تكوين أسرة واختيار زوج مناسب وهذه النماذج قد تضطر مع الوقت أن تختار اختيارات غير لائقة بها وهذا أمر مرفوض تماما لأن الاختيارات الخاطئة سينتج عنها إما امرأة مطلقة أو إنسانة تعيسة.
وترى آية العزب، استشارى صحة نفسية، أن هناك فئة تعتبر الزواج إنجازا لابد من تحقيقه تحت أى ظرف، وتقول: هناك العديد من الأفكار المغلوطة عن الزواج حيث يعتبره البعض وسيلة وهدفا لتحقيق صورة اجتماعية معينة دون الاهتمام بقدسيته وأهميته فى تأسيس أسرة وبناء حياة جديدة، فلا يعيب الفتاة أبدا تأخرها عن الزواج وكذلك الأمر بالنسبة للرجل، لكن يعيبهما الاختيار الخاطئ منذ البداية، لذا أنصح كل فتاة وشاب أن يكونا أصحاب رأى وإرادة فى اختيار شريك حياتهما وألا يستجيبا لضغوط من حولهما.
ساحة النقاش