أعادتني برقية ورقية ـ بالبريد الورقي ـ تحمل الأمنيات الطيبة بالأعياد من الصديق المطرب المرهف إيهاب توفيق، أعادتني إلى الوراء أكثر من 20 عاما، حيث كانت تجمعنى صداقة بصاحب التهنئة الورقية فى وقت أصبح فيه الفنانون يلهثون خلف حفلاتهم ومناسباتهم الخاصة في زمن الدولار واليورو، وإن تذكروا عبارات المجاملة فإنهم يفضلونها "إلكترونية" لا طعم لها ولا رائحة من خلال ضغطة "ماوس"، وربما يزيد من حجم المأساة أنهم يفوضون مكاتب متخصصة في العلاقات العامة، لا يعرفون لمن أرسلوا برقياتهم، فتأتي خالية من المشاعر ومن الدفء، كنا قبل 20 عاما أو يزيد ـ طبعا يزيد ـ تجمعنا الأمسيات مع حشد من النجوم: عمرو دياب، محمد الحلو (في حال عدم وجود رحلة صيد يفضلها على كل مشاغل الدنيا)، محمد فؤاد، علاء عبد الخالق، محمد محيي، ينضم إلينا إيهاب بالطبع، كانت اللقاءات شبه اليومية تأتي في الساعات المبكرة من الصباح على رصيف أحد المحال بشارع جامعة الدول العربية وسط جمهورهم ومعجبيهم في بساطة وتواضع يحسدون عليهما، ولكنه سمة ذلك الزمان القريب، ولذلك فإن العبد لله يرفض بشدة ألقاب تاريخية باتت أقرب إلى الأكليشيهات تطلق على حقب زمنية معينة يفضلها مطلقوها على غيرها من الأزمنة التي تحمل نفس الملامح الرائعة ولكننا نعشق جلد أنفسنا.. ما علينا، كان غالبا ما ينطلق الموكب بعد تناول الشاي والينسون إلى الصالة المغطاة بستاد القاهرة الرياضي، حيث يكون في انتظارهم فريق رياضي مكون من بعض الشخصيات السياسية والفنية؛ لتبدأ مباراة يتنافس فيها الفريقان بحماس منقطع النظير.. وكان إيهاب توفيق وعمرو دياب ومحمد الحلو ومحمد فؤاد ومحمد محيي ينافسون أمهر لاعبي كرة القدم في زمانهم في صالة خالية من الجمهور حيث عقارب الساعة لم تقترب من السادسة صباحا!! أيام كلها حب وذكريات مفعمة بالشجن؛ ولذلك اسمحوا لي أن أصفها أيضا بالزمن الجميل تكشف سوءات عصر اليورو والإيميل والسوشيال والمجاملات بالـ "لايك"!!