التقيت بهن أكثر من مرة، وفي كل مرة لم أكن أملك سوى أن أحاول أن أشد من أزرهن وأدعمهن ببعض الكلمات البسيطة التي قد تساعدهن في اجتياز أزمة لم يكن يتصورن في يوم من الأيام أن يكن طرفا فيها، إنهن حاملات الأسى والألم من الغارمات، نعم أراهن كذلك فلسن بمذنبات من وجهة نظري فهل تعد من اضطرت للاستدانة لشراء فراش لابنتها المطلقة تنام عليه بعد انفصالها ولم تقوَ فيما بعد على سداد أقساطه مذنبة؟
وهل تعد من استدانت لشرء جهاز لابنتها العروس وعملت ليل ونهار لسداد أقساطه ولم تقوَ على هذا في الموعد المحدد مذنبة؟، ثم ماذا عمن استدانت لشراء ماكينة للخياطة تعمل عليها لتنفق على أبنائها وزوجها المريض؟ وماذا عمن اضطرت لهذا لشراء جهاز يساعد ابنها المعاق على الحركة والعمل؟
هؤلاء النساء لسن سوى ضحايا يحتجن الدعم والمساعدة بل والوقوف بجوارهن بكل السبل، لذا فقد كانتتوجيهات سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال عيد الفطر المبارك بالإفراج عن جميع الغارمات وتسديد ما عليهن من ديون من خلال صندوق تحيا مصر، بمثابة العلاج الذي انتظرناه طويلا لمداوة هؤلاء الضحايا ومساندتهن، بل ومواجهة واحدة من الظواهر الاجتماعية التي تلقى بالعديد من الظلال السلبية على أوضاع واستقرار الأسرة المصرية ككل، وهو أمر عهدناه دائما في قيادتنا السياسية التي تشعر بآلام كل مواطن - وبخاصة المرأة المصرية - بل وتضع مصلحته نصب أعينها.
وبالرغم من أن هذا القرار يعد بالفعل نهاية لمأساة حقيقية وتحديدا نهاية لعصر ومشكلة الغارمات التي كثيرا ما تبنتها جهاتعدة محاولة البحث لها عن حلول جذرية، إلا أننا ما زلنا نحتاج إلى مواجهة هذه المشكلة من جذورها قبل أن تتكرر مرة أخرى، وفي رأيي أن حزمة القرارات التي أصدرتها القيادة السياسية من قبل لدعم المرأة المعيلة من خلال تكليف وزارة التضامن الاجتماعى بالتنسيق مع كافة الأجهزة والمؤسسات المعنية بالدولةبإطلاق مبادرة قومية للمشروعات متناهية الصغر، تمول من صندوق "تحيا مصر" ومن خلال بنك ناصر الاجتماعى لتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة المعيلة والفئات الأكثر احتياجا، على أن يتم تخصيص مبلغ 250 مليون جنيه لصالح هذه المبادرة، بالإضافة إلى تكليفها بدعم أسر المرأة المعيلة والأسر الأكثر احتياجا من خلال برامج دعم ميسرة يقدمها بنك ناصر الاجتماعى بقيمة 50 مليون جنيه وذلك لإتاحة البنية التحتية التى تيسر على المرأة حياتها اليومية فى القرى الأكثر احتياجا، وهو ما تم تنفيذه فعليا فيما بعد على أرض الواقع، يعد البداية لمواجهة مشكلات هؤلاء النساء وغيرهن من النساء المعيلات من خلال خلق فرص عمل فعالة لهن بل وتعود عليهن بعائد مادي يكفي حاجتهن وحاجة أسرهن وفي نفس الوقت تحميهن من الوقوع تحت براثن التعثر وصعوبات سداد القروض، وبالتالي طائلة القانون، هذه البداية لاشك أنها تشكل مظلة الحماية للكثير من النساء وتحميهن من جدران السجون، وإن كانت تحتاج حتى تكتمل كمنظومة إلى حماية مضاعفة من خلال دعم مطالبة عدد من نواب البرلمان بسرعة إصدار قانون الغارمات والخاص باستبدال عقوبة الحبس لهن في حالة تعرضهن لهذه المشكلة بالاشتغال بالخدمة العامة سدادا لهذا الدين وهو ما يعود بالنفع عليهن من جهة وعلى جهة العمل من ناحية أخرى بل ويكسبهن خبرة يمكنهن توظيفها فيما بعد، فبهذين الشطرين يمكننا مواجهة أزمة الغارمات والحد من حدوثها منذ البداية ثم معالجتها بطريقة إيجابية في حالة الحدوث، ويبقى لنا أخيرا أن نحمل رسالة غارمات مصر إلى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي" شكرا سيادة الرئيس.. فدائما ما كنت السند للمرأة المصرية".
ساحة النقاش