من يتابع الإنتاج الدرامي والسينمائي خلال الأيام الماضية ـ والحالية ـ يدرك أن هناك قدرا من العنف لا يستهان به ولا بتأثيره على أطفالنا وشبابنا وتوجيههم صوب العنف ـ ولا أقول الخشونة ـ بل والدموية، وما من شك أن العنف موجود داخل كل منا، وهذا أمر طبيعي أى فسيولوجي لأنه يشكل تكامل حلقة الوجود الإنساني، والذي يعتمد استمراره على الصراع والتحدي سواء داخل الإنسان، أو بين الإنسان وأخيه الإنسان، وأيضاً بين الإنسان والطبيعة، فالصيد في البحر والبر وزراعة الأرض ومواجهة تقلبات الجو يحمل في طياته صراعاً وتحدياً يريد الإنسان أن يحقق في نهايته انتصاراً، وهذا يتطلب أن يكون في داخله قدر من العنف، وهذا هو ما تعبر عنه بعض الرياضات مثل الملاكمة والمصارعة و"الكونغ فو".
والمدهش في الأمر أن عشاق مشاهدة هذه النوعية من الرياضات كثيرون، وأعرف أنه في بعض الدول تهدأ حركة المرور في الشوارع عندما يذيع التليفزيون هناك مباريات المصارعة الحرة العنيفة، وأن أكثر مقاطع الفيديو مشاهدة هي مشاهد العنف، والسبب أن مشاهدة هذه المباريات تحدث صدى يتجاوب مع قدر العدوان والعنف الكامن في نفس كل منا، فنتوحد تارة مع المنتصر وبذلك نلبي نوازعنا تجاه التفوق ونتوحد تارة مع المهزوم فنلبي نوازعنا تجاه نصرة المظلوم.
والأعمال الدرامية التليفزيونية هي أقرب إلى الواقع وأقرب إلى حقيقة الإنسان المعاصر، ولهذا فإن الأعمال التي تتضمن خيراً مطلقاً أو رومانسية مطلقة لا تلقى إقبالاً بل أصبحت الشخصية التي تجسد هذا الخير المطلق أو هذه الرومانسية المفرطة شخصية غير جذابة، إلا أن الأضرار من هذه الأعمال الدرامية لا يستهان بها، لأنها تقوم بعملية تدعيم أو تعزيز، أي التكرار والإلحاح، هذا التأثر يصل إلى أقصاه في حالة المرأة غير العاملة والتي تشاهد ساعات أكثر وكذلك في حالة الطفل لأنه سريع وعميق التأثر بما يسمع ويرى.
والحل ليس في منع أو تقليل عرض المسلسلات التي تنطوي على عنف وإنما بعمل مسلسلات مضادة تؤكد قيم الخير.. ولكن ابحثوا عن الخير في داخلكم أولا!!
ساحة النقاش