كما توجهت أنظار العالم فى السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ إلى مصر تقديرا واحتراما للنصر العظيم على إسرائيل وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلى التفتت أنظاره مرة أخرى فى السادس من أغسطس 2015 مع افتتاح قناة السويس الجديدة التى ستغير خريطة العالم الجغرافية والاقتصادية، وقد شاركنا العالم هذه الفرحة حيث طلبت 45 دولة نقل الاحتفال على الهواء مباشرة، ودقت موانئ العالم أجمع الأجراس وأطلقت أصوات النفير فى توقيت الافتتاح.
فى هذا الشهر من كل عام يحتفل المصريون بذكرى افتتاح قناة السويس الجديدة، ذلك المشروع الذي فجر طاقات الشعب وأثبت أن الإخلاص والوطنية والإرادة القوية قادرة على إنجاز المهمات الصعبة وتحقيق الأحلام, وعند قراءة المشهد نجد أن السادس من أغسطس له علاقة وثيقة بالسادس من أكتوبر حيث تحركت مركب المحروسة وعلى متنها القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس عبدالفتاح السيسي بالزى العسكرى لافتتاح قناة السويس الجديدة فى تمام الساعة 2 ظهرا وخمس دقائق وهو نفس توقيت العبور العظيم عام1973، وهذا يدل على أن اختيار التوقيت له مدلول علمى حيث تم حفر القناة الجديدة على مسافة 43 كيلو من خط برليف.
بعيدا عن الفوائد الاقتصادية التى حققها وسيحقها مشروع قناة السويس الجديدة إلى جانب إسهامه فى رفع أهمية مصر الإقليمية وفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات، فإن الانتهاء من المشروع خلال 12 شهرا بدلا من ثلاث سنوات كان بمثابة رسالة للعالم أجمع مفادها أن المصريين قادرون على تحقيق المستحيل بجهودهم المخلصة وأموالهم دون الاعتماد على أى تمويل خارجى، وأنه إعجاز لا يقدر عليه إلا المصريون الذين يبهرون الدنيا بكل ما هو جديد فى تاريخ البشرية.
لقد كانت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء توقيع وثيقة القناة الجديدة "بسم الله الرحمن الرحيم , وباسم شعب مصر, واستكمالا لمسيرة أجدادنا ومتوكلا على الله , نأذن نحن عبد الفتاح السيسي رئيس الحمهوري ببدء حفر قناة السويس الجديد.." بمثابة شرارة لبدء مشروع قومى يلتف حوله المصريون ويجمع شملهم، مشروع يؤكد ثقتهم فى قيادتهم السياسية لتخرص ألسنة أعداء الوطن والمتشدقين بالأكاذيب والمروجين للشائعات، مشروع يقطع الطريق على أهل الشر والمحاولات الدنيئة التى تحاك ضد مصر، بل كان إنجازا للمصريين يتباهون به أمام العالم أجمع خاصة بعد مشاركة ملوك ورؤساء العالم فى الاحتفالية الأسطورية التى نظمها شباب مصر حتى تليق بالإعجاز وتناسب الإنجاز العظيم.
سيبقى السادس من أغسطس 2015 نقطة تحول كبرى في تاريخ مصر المعاصر, فهو رمز لانتصار الإرادة المصرية وتحديها لكل الأزمات والصعاب التي واجهتها في مرحلة دقيقة وحساسة من مراحل العمل الوطني, هذا الانتصار تعبر عنه الحقائق والأرقام، ومن المهم الإشارة إلى المشاركة المجتمعية الوطنية في أسمى تجلياتها والتي تجسدت في لحظة تفجير الرئيس عبد الفتاح السيسي للساتر الترابي وسط حضور عدد كبير من القادة والزعماء، وقد تجلت ثقة المصريين فى قيادتهم بمساندتهم لوطنهم فى إقبالهم على شهادات استثمار قناة السويس وهو أمر ليس بجديد على المصريين, حيث تبين شواهد التاريخ عمق وتغلغل فكرة المشاركة في النسيج الوطني المصرى والتي برزت تجلياتها إبان بناء السد العالي, وتأميم قناة السويس.
وإذا كان يوم افتتاح القناة الجديدة هو نهاية عام من العزم الأكيد على بلوغ الأهداف الكبرى، إلا أنه في حقيقة الأمر يعتبر بداية لمرحلة جديدة من العمل الوطنى أساسها استثمار هذا الشريان الحيوى المهم في دفع عملية التنمية الشاملة، "وإذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر", وقد أراد المصريون الحياة لهم وللعالم أجمع، لتكون قناة السويس الجديدة "هدية أم الدنيا لكل الدنيا".
ساحة النقاش