بين الفرح والقلق والرهبة والترقب شاهد العالم ظاهرة خسوف القمر.. وقد وصل البعض فى تخوفه من هذا الحدث وخاصة أنه ارتبط أيضا باقتراب كوكب المريخ من الأرض ورؤيته بالعين المجردة قريبا من الخسوف الدموى للقمر.. إلى التنبوء بنهاية للعالم وهاك الأرض والبشر التى روجت لها مواقع التواصل الاجتماعى الإلكترونية لهذه المزاعم والمخاوف.. فهرع الجميع إلى الخالق يتضرعون بالدعاء.. وامتلأت الجوامع بالمصلين الداعين ليل الجمعة.

فما هى ظاهرة خسوف القمر؟ القمر الذى تغنى به المحبون والشعراء وتغزلوا فىجمال البدر المشع بنوره وقت تمامه وتشبيه المحبوب به.. والتى تحولت إلى فكاهة مع إعلان حقيقة أن القمر معتم والتى أعلن عنها رواد الفضاء الذين هبطوا على أرضه.. لكن يظل رمزا للنقاء والجمال.

وفى ترقب جاءت اللحظة التى انتظر فيها العالم خسوف القمر لتسجيل هذه الظاهرة الفلكية التى لا تتكرر كثيرا إلا كل عدة عقود من السنين.. حيث أطول فترة خسوف كلى لما يطلق عليه القمر الدموى.. والسبب وراء هذا الخسوف الطويل أن القمر سيمر بمركز ظل الأرض وذلك على خط واحد مستقيم مع الشمس والكرة الأرضية تتوسط بينهما كل فى مداره «والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون ».. من إعجاز الخالق الذى يدعونا للتفكر والتأمل وإعمال العقل فى الكون وظواهره.

وبدى القمر صغيرا فى هذه الظاهرة التى حدثت يوم 27 من يوليو لأنه كان فى أبعد نقطة عن الأرض ولهذا استمر الخسوف لأطول وقت الذى حدد بساعة و 43 دقيقة.. والتى لا تتكرر إلا كل عدة عقود طويلة كما أشارت صحيفة «الإندبندت » البريطانية.. وقد شوهدت الظاهرة بوضوح فى مصر والشرق الأوسط وشرق أفريقيا وأستراليا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، وظهر القمر متوهجا باللون الأحمر الداكن مصطبغا بلون

الشمس، والبعض أرجع ذلك إلى اقتراب كوكب المريخ ورؤيته قريبا من القمر بالعين المجردة فى لحظة اقترابه من الأرض.

وخسوف القمر ظاهرة فلكية نادرة أثارت خيال البشر بين الدهشة والإعجاب والرهبة والانزعاج إلى حد الرعب عندما يقرنونها بالأساطير القديمة عن الرجل الذئب وتحول الإنسان إلى مصاص دماء مع اكتمال القمر الدموى، فقد فجرت هذه الأساطير خيال الكثير من كتاب العالم لصناعة المزيد من قصص أفام الرعب التى أصبحت تجذب إليها أطفال هذا الجيل وليس فقط الشباب والكبار يظهر بها الإنسان متحولا إلى ذئب مفترس يعوى بقوة فى أعلى منطقة من الأرض مواجهة للقمر عند اكتماله, ويزداد فيها ضراوته وقوة افتراسه التى يستمدها من قوة القمر كما تقول الأسطورة القديمة!

ولكن الغريب والعجيب أنه رغم خيال الأسطورة إلا أن الدراسات العلمية الحديثة أثبتت تأثر الذئاب بشكل كبير مع اكتمال القمر لتصبح أكثر شراسة وفتكا وهو ما روج له أصحاب هذه الأفلام.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أيضا تأثير الخسوف على الإنسان والكائنات الحية إلى جانب ما هو معروف من تأثير القمر على الطبيعة والمحيطات والبحار من ظاهرة المد والجزر.. والتى يكون فيها مد الماء فى أكثر ارتفاعه مع اكتمال القمر فى 13 و 14 و 15 من الشهر العربى, وحيث إن

الماء يشكل نسبة كبيرة من الجسم البشرى فقد لوحظ زيادة معدل ارتفاع ضغط الدم من المصابين به.

وأيضا زيادة الانفعالات وتهيج مشاعر الغضب وخروجها عن السيطرة وخاصة فى الأشخاص الأكثر عصبية، ولهذا تزداد المشاحنات والشجار بين الأزواج وترتفع معدلات الطلاق والجريمة، ولهذا يطلق المتخصصون من خبراء الطب النفسى دعوتهم الابتعاد قدر الإمكان عن أسباب الشجار داخل الأسرة والعمل وتناول المشروبات المنعشة والمهدئة للأعصاب والانطلاق إلى الطبيعة والشواطئ من أجل الترفيه واكتساب الطاقات الإيجابية.