على الرغم من أن العلاقات الأسرية والاجتماعية تتميز برباطها القوى إلا أنها لا تسلم من القيل والقال، حيث يحرص الكثيرين على إفسادها بدافع الغيرة أو الانتقام العاطفى، فكيف يمكن مواجهة الشائعات التى قد تتسبب فى هدم أسرة أو إنهاء علاقة صداقة أو حب أو زواج؟ وما الأهداف التى يسعى مروجها إلى تحقيقها من وراء نشر أخبار كاذبة؟ وهل للأسرة دور فى التصدى لها؟ تساؤلات عديدة حاولنا البحث عن إجابات لها خلال جولتنا التالية حتى يمكنك الحفاظ على علاقاتك الاجتماعية من مخاطر الشائعات..

فى البداية تقول دينا المرشدى، صيدلانية: أنهتشقيقتى خطبتها الثانية بسبب شخص أخبر خطيبها أنها ما زالت تحب خطيبها السابق، وبدون أن يتأكد أصدر حكما على شقيقتى بالخيانة وطلب شبكته وكافة الهدايا التى قدمها أثناء فترة الخطوبة، ما سبب لنا جميعا صدمة كبيرة لأن زفافها كان من المقرر أن يعقد بعد العيد.

وتقول رانيا مجدى، محاسبة:تسببت غيرة حماة إحدى قريباتى فى طلاقها، حيث كانت تتصيد لها الأخطاء فى كل مناسبة وتنشر عنها كلاما لا صحة له، وقد ساعدها فى ذلك إضافتها لقريبتى على حسابها الشخصى بفيس بوك، فكانت تراقبها من خلال كل إعجاب أو تعليق أو منشور يرفع على صفحتها الشخصية وتوقع بينها وزوجها حتى صدق الأخير اتهامات أمه وانفصل عن زوجته.

أما هناء سعد، محامية فتحكىقصةإحدى وكيلاتها التى اتهمها طليقها بسوء السمعة ليحصل على حضانة أبنائه، ولأنها تسكن فى مجتمع ريفى انتشر الخبر وكثرت الأقاويل حولها حتى حكم أحد المجالس العرفية التى يعقدها أهل القرية بأحقية الأب فى حضانة أبنائه، علما بأن كلام الزوج لم يستند إلى دليل يؤكد ما يروجه من شائعات حول الزوجة.

كرة الثلج

يعلق د. مدحت أبو النصر،أستاذ علم الاجتماع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان على الحالات السابقة ويقول: تشبه الشائعة كرة الثلج التى كلما تدحرجت فى الثلج كبر حجمها، وكذلك الأخبار الكاذبة كلما تناقلتها الألسن زادت تفاصيها حيث يضيف كل شخص معلومة جديدة لها، وتعد الشائعات ظاهرة اجتماعية سلبية خطيرة تهدد استقرار المجتمع وتشوه سمعة الأشخاص وتهدم علاقات اجتماعية وأسرا وتنهي صداقات،وتخيف الناس وتمنع العمل وتعيق الإنتاج لذا يجب مواجهتها بكل السبل والطرق.

ويضيف: أما عن أسباب انتشارها فترجع إلى ارتفاع نسبة الأمية والجهل، حيث تزداد فى المجتمعات التى تنخفض بها مستوى الوعى والتعليم الثقافة، بينما تتضاءل فى الدول المتقدمة، ما يجعل من رفع مستوى الوعى والثقافة والقضاء علىالأمية والجهل أهم آلياتمحاربة الشائعات واقتلاعها منجذورها.

الإعلام

تقول د. منة عبدالحميد، المدرس بقسم علوم الاتصال والإعلام بجامعة عين شمس:تعد الشائعات من أقدم وأكثر المشكلات التى يواجهها الإعلام خاصة إذا تعلقت بمشكلة أو حدث قومىأو شخصية مشهورة، ويتمثل دور الإعلام فى تكذيب الشائعة أو تجاهلها، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعى انتشرت الشائعات بشدة، وبدأالمواطن يتفاعل معها حيث يرد عليهاويفندها، ومما لا شك فيه أن التحديات كثيرة أمام الإعلام فى هذا الصدد ومنها تكذيب الجمهور لما يقال عبر القنوات الحكومية، لذا يجب على المؤسسات الإعلامية اتخاذ خطوات جدية لمواجهة الشائعات ووضع دلائل قاطعة على صدقهاأو كذبها، كما ينبغى على الإعلامين أصحاب المصداقية الجماهيرية أن يوصلوا المعلومة ويرفعوا الوعى تجاه التأكد من صحة الخبر.

شعب عاطفى

أما عن الأبعاد النفسية لمروج الشائعة فيقول د. محمد سمير،أستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة أسيوط سابقا وعميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية: لا يعتبر مطلق الشائعة مريضا نفسيا لكنه يطلقها لغرض معين وهدف يريد الوصول إليه سواء كان اجتماعيا أو سياسيا أو اقتصاديا، وتعد الشائعات أبرز أسلحة الإرهاب لمحاربة الدول بهدف إحداث بلبلة وإثارة الرأى العام، ومن أسباب انتشار الشائعات بين المصريين أنهم شعب عاطفىيحكم على الأمور بالعاطفة وليس بالعقل لا يتأكد مما يقال.

وينصح د. سمير الأباء باتباع أسلوب المناقشة في تربية أبنائهم وإشراكهم فى اتخاذ القرارات التى تخص الأسرة والتحدث فى الأمور العامة السياسية والاقتصادية لخلق جيل لديه من الوعى والثقافة ما يمكنه من تجنب آثاء ومخاطر الشائعات، مؤكدا أن هذا الأسلوب أحد آليات محاربة الشائعات والتصدى لها.

إسقاط نفسى

وترى د. إيمان عبدالله، استشارى العلاقات الأسرية أن مروج الشائعة التىتتسبب فى إنهاء علاقة زوجية أو صداقة يعانى عيوبا كثيرة فى شخصيتهما يدفعه إلى إسقاط عيوبه على الآخرين، وتقول: الشخص الذى يريد إنهاء خطوبتهأو الانفصال عن زوجته فيعدد عيوبها غالبا ما تكون هذه العيوب إسقاطا نفسيا نابعا من نقص داخلى أوبغرض الانتقام من زوجته، وهذا ما أوضحه عالم النفس الشهير فرويد حيث رأىأنها حيلة دفاعية تقلل التوتر، فيضع الطرف ميوله وأفكاره فىالآخر ويروج أنها صفاته،خاصة فى وضع مبررات لإنهاء علاقة أو إفساد سمعة شخص، كما تعد الغيرة والانتقام العاطفى من أسباب الشائعات ودوافعها المهمة، أما بالنسبة لمن يصدق الشائعات ويتداولها فهو شخص قليل الوعىفاقد الثقة فى نفسه والآخرين،وعلى الجانب الآخر فالشخص المقصود به الشائعة من الممكن أن تحدث له صدمة عصبية ليس فقط جراء هذه الشائعة لكن بسبب أن شخصا مقرباصدق هذا الكلام.

وتنصح د. إيمان بتحري صحة الأخبار وعدم الانسياق وراء أى كلام يردد والبحث عن دلائل صحته أو كذبه، وفى حالة عدم وجود دلائل وبراهين تؤكده يجب ألا نتداول هذه الأقاويل دون اى سند حفاظا على الترابط الأسرى والمجتمعى.

المصدر: كتبت : إيمان عبدالرحمن
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 948 مشاهدة
نشرت فى 5 سبتمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,752,328

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز