بكل الاعتزاز والحب والتقدير نحتفى بذكرىالرائدة والمبدعة الكاتبة الصحفية أمينة السعيد التى أيقظت ضمير الأمة..وأجبرت المجتمع على احترام حقوق المرأة لنعرف أجيالنا الجديدة بواحدة من القمم المصرية المشرفة, فقد أدارت دفة الحياة كعلامة ثالثة بعد قاسم أمين, وأستاذتها هدى شعراوى, رواد تحرير المرأة والنضال من أجل نيل حقوقها.
أمينة السعيد كانت أول فتاة مصرية تلتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة المصرية, وهى أول رئيسة لمجلة حواء أعرق مجلة للمرأة المصرية والعربية وذلك منذ صدورها فى يناير 1955, وأيضا هى أول سيدة مصرية وعربية تعين رئيس مجلس إدارة لمؤسسة صحفية كبرى هى دار الهلال عام 1976, ورئيس تحرير مجلة المصور كبرى المجلات السياسية, فتحت الباب بقوة دفاعا عن حقوق المرأة ضد العادات والتقاليد السائدة فى المجتمع التى تتنافى مع ما أقره الخالق لها, وأخذت على عاتقها توعية الأسرة المصرية والعربية فى مواجهة الجهل والتمييز بين البنت والولد, فنادت بحقها فى التعليم والعمل, وقد كان لدور والدها الطبيب الشهير بفكره الوطنى المستنير والذى شارك فى ثورة 1919, والذى دفع ببناته الأربع لمراحل التعليم الجامعى سابقا زمانه بفكره المتطور, فبعث بابنتيه الكبيرتين للداراسة بالجامعة بإنجلترا, وسارع بإلحاق أمينة وشقيقتها الصغرى بالجامعة المصرية, وقد أوصى بناته على ألايتممن زواجهن إلابعد إتمام دراستهن الجامعية..فى الوقت الذى عارضت فيه الأم بشدة وأصيبت بأزمة قلبية مع التحاقهن بالجامعة.
كانت الأمور بالغة الصعوبة بالنسبة لفتاة تمارس حقها فى الحياة وتنادى بالمساواة, فقامت الدنيا ولم تقعد عند ممارستها رياضة التنس مع مدرب الفريق الجامعى, هذه الواقعة التى كرمت من أجلها بعد سنوات عديدة من تخرجها في جامعة القاهرة وكان لها السبق فى الجمع بين أهمية ممارسة الفتاة للرياضة مع التعليم, كان لبابها الشهير "اسألونى" الذى تقدم به الحلول لكل مايواجه المرأة من مشاكل الحياة تبثها حواء من مختلف الطبقات, ولكن فوجئت بإقبال كبير من الرجال يدفعون بمشاكلهم إليها فى رسائلهم بحثا عن الحلولنتيجة لثقتهم فى حكمتها ونضج آرائها, باب للرأى والحوار يرصد سلوك المجتمع بكل متغيراته بأسلوبها الشيق, من خلال هذا الباب استطاعت أمينة السعيد أن تضع يدها على ثغرات قوانين الأحوال الشخصية التى تتنافى مع مبادئ الإسلام السمحة مثل إجبار المرأة بيت الطاعة فى إهانة بالغة, فنادت بتعديل هذه القوانين وغيرها والتى تضر بالمرأة والأبناء والأسرة..وقد تم عمل الكثير من البحوث والدراسات ورسائل الدكتوراه عن التطور الاجتماعى فى مصر منذ الأربعينيات وحتى الآن لدراسة مشاكل باب "اسألونى" كما قامت الجامعة الأمريكية بنشر كتاب عن هذه الدراسة كمرجع لتطور الحياة الاجتماعية فى مصر أثناء هذه الفترة, فكان صراع المرأة من أجل حصولها على الحرية خاصة حقها فى التعليم, وبعدها بدأ صراع المرأة العاملة مع الرجل فى الجمع بين هذه المسئوليات العديدة المرهقة.
اختارها الزعيم جمال عبد الناصر كأول كاتبة صحفية تسافر فى مهمة رسمية مع وزيرى الثقافة والتعليم كبعثة من أجل قضية مصر بعد العدوان الثلاثى عليها,كانت أمينة السعيد تعتز بدور المرأة والرجل معا فى الحياة من أجل الأسرة وصالح المجتمع وتنادى بأن نجاح المرأة فى عملها لابد أن يسبقه نجاحه فى بيتها, ولن يكون ذلك إلابدعم شريك الحياة, وعلى الزوجة أن تحتوى بذكائها وحبها كبرياء الرجل مهما وصلت إلى أعلى المناصب, وكانت تضرب المثل بحياتها وتعتز دائما بدور زوجها فى حياتها ونجاحها, وقد توجت رحلة كفاحها بوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الزعيم جمال عبد الناصر, وجائزة الكوكب الذهبى الدولية عام 1979, وأول سيدة عربيةتحمل عضوية مجلس السلام العالمى, وأول مصرية تنشر جريدة"صنداى تايمز" تاريخ حياتها كصورة مشرفة, كما منحت وسام الجمهورية من الرئيس محمد أنور السادات ووسام الثقافة والأدب, وقد صدر كتاب "أمينة السعيد الرائدة المبدعة" عن دار الهلال للكاتب جلال الصياد فى ذكرى رحيلها 1995فى الشهر الماضى..فتحية إلى روحها بعمق مانادت به وتحقق.
ساحة النقاش