فى التاسعة من عمره تعرض عمر لحريق تسبب فى إحداث بعض التشوهات بوجهه ما جعله محل سخرية من زملائه بالمدرسة، سنوات عديدة عانى خلالها من تنمر أقرانه عليه حتى التحاقه بالجامعة.
عمر كغيره من الطلاب الذين يعانون التنمر المدرسى والذين التفت إلى معاناتهم المجلس القومى للطفولة والأمومة ليطلق حملته «أنا ضد التنمر » بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومنظمة «اليونيسف » ودعم الاتحاد الأوربى.
فى جولتنا التالية حاولنا معايشة معاناة عدد من الطلاب التنمر، وإلى أى مدى يمكن أن تسهم تلك الحملة فى القضاء على تلك الظاهرة التى تؤثر على نفسية الطلاب وتتسبب فى عزوفهم عن الدراسة، وكيف تتعامل الأم عند تعرض ابنها للتنمر..
البداية مع رقية أحمد التى تحكى معاناة ابنها تنمر زملائه عليه فتقول: عانى ابنى السمنة منذ طفولته ما جعله محط سخرية من الجميع حتى بعض الأقارب، وكان يبكى كثيرا لهذا السبب حتى امتنع عن الطعام والشراب إلا أنه كان يخرج كل طاقته فى المذاكرة ما جعله يتفوق على زملائه، وهذا العام سيلتحق بكلية الهندسة.
وتقول نورا أبو العينين: عانيت كثيرا من سخرية زميلاتى بسبب لون بشرتى، ورغم تخرجى فى الجامعة إلا أننى لا أنسى ما كانت تفعله معى زميلاتى من شد لشعرى ونعتى بالمحروقة.
مسئولية المدرسة
يقول د. رشاد عبد اللطيف، أستاذ علم الاجتماع بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان: يعد التنمر مشكلة يجب على المجتمع مواجهتها لما له من آثار سلبية على نفسية الطفل قد تمنعه من مواصلة حياته بشكل طبيعى فيما بعد، وهناك العديد من العوامل التى تؤدى إلى تفاقم المشكلة وأهمها تناول الدراما والسينما والمسرح لها وهو ما حدث بالفعل فى مسرحية "مدرسة المشاغبين" التى صدرت العديد من القيم الخاطئة لدى الطلاب، بجانب عدم تناول الأم لهذه المشكلة بشكل إيجابى، لذا عليها أن تربى ابنها على ألا يسمح بالإهانة أو السخرية من زملائه، بالإضافة إلى أن على الأخصائي الاجتماعى وإدارة المدرسة اتخاذ موقف صارم من المتنمرين، وألا يسخر المدرس من أى طالب لأنه يعتبر قدوة للطلبة .
تعزيز الثقة
عن الآثار النفسية التى يتعرض لها الطفل بسبب التنمر وكيفية التعامل معها تقول د. رحاب العوضى، أستاذ مساعد علم النفس السلوكى بإحدى الجامعات الخاصة: من الآثار السلبية التى قد يتعرض لها الطفل جراء التنمر مصاحبة أصدقاء السوء أو من يتمتعون بسطوة على أقرانه من أجل الحصول على الحماية منهم، وللحد من تلك الآثار على الأم أن تستجيب لشكوى طفلها وعدم الاستهانة بالأمر والعمل على تعزز ثقته بنفسه ومساندته نفسيا، بالإضافة إلى اتخاذ خطوة إيجابية بالذهاب إلى المدرسة والتحدث مع المسئولين ليتم عقاب المتنمر ومعرفة خطئه جيدا حتى لا يتكرر مرة أخرى .
وترجع د. رحاب سلوك التنمر لدى بعض الأطفال إلى أسلوب التنشئة الذى يتبعه الوالدين حيث تشعر الأم ولدها بالتميز والتفوق على أقرانه ما يولد لديه الغرور ويدفعه للسخرية من زملائه، إلى جانب اتباع أحد أفراد الأسرة ذلك السلوك مع الأقارب ما يجعله يتخذه قدوة فيقلد أفعاله خاصة إذا كان الأب أو الأخ الأكبر.
مسئولية الأسرة
تنصح د. سهير صالح، الأستاذ بقسم الإعلام التربوى بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة بالمصارحة والمكاشفة بين الأبناء والأم، لافتة إلى أن ذلك لن يتم إلا باتباع الأخيرة أسلوبا تربويا سليما يعزز الثقة بالنفس لدى الأبناء ويعوده المشاركة والحوار، وتقول، فى حال تعرض الطفل لتنمر أحد زملائه يجب مصارحة أمه بذلك لتتخذ الإجراءات اللازمة والتى تتمثل فى التواصل مع المدرسة لحل المشكلة ومعاقبة الطالب المتنمر، أو التواصل مع ولى أمره لحل المشكلة بشكل ودي، لافتة إلى أن التنمر قد يتولد لدى الطفل بسبب تعرضه للعنف الجسدى أو الأسرى، أو من خلال مشاهدة الأعمال الفنية التى تعرض ذلك السلوك بأسلوب كوميدى، أو رؤية أحد أفراد الأسرة يعتاد السخرية من زملائه أو أقاربه ما يجعله يتخذ هذا السلوك أسلوب حياة، ناصحة بتفعيل دور الأسرة وعدم انشغال الأبوين عن أطفالهم، إلى جانب نشر التوعية بخطورة المشكلة بين طلاب المدارس.
ساحة النقاش