إذا نظرنا إلى ذلك العدد المحدود من الأعمال السينمائية والمسرحية والإذاعية التى تناولت بجهد مشكور ومبادرات فردية من جانبها بطولات الجندى المصرى العظيم وإن جاءت بطريقة يشوبها أحيانا البساطة وعدم العمق، وجب علينا فى «حواء » نطرح سؤالا يهمنا كثيرا ليس تعصبا لجنس دون الآخر ولكن إقرارا لواقع نحياه ألا وهو ألم ينتبه السينمائيون لتضحيات الأم المصرية التى قدمت أغلى ما عندها الإبن والأب والزوج؟ ففى كل بيت قصة كانت تصلح عملا سينمائيا، فأين هى هذه البطولات من الشاشة..

بعد ست سنوات من نكسة 67 المشئومة تجرعنا فيها مذاق الهزيمة المرة، رغم أنها فترة لم تخل من بطولات، ورغم صفعات حرب الاستنزاف التى كانت تهوى على وجه العدوإلا أن الشعب المصري كشرفجأةعن أنيابه وتوحد مع قيادته فحققوا المستحيل وقهروا الأساطير التى كانت تتحدث عن خطوط النابلم التي ستتحول إلى جحيم، وخط بارليف الرهيب، ووهم أسطورة الطيران الإسرائيلي والصلف الصهيوني، وبقية الخرافات التى كان يروجها لنا العدو ضمن ما يعرف بالحرب النفسية، فى ذلك الوقت كانت الأم المصرية تربي صغيرها على البطولة والثأر لوطنه، هذه موضوعات كانت تنتظر السينما بل وتناديها لكن السينما خلفت وعدها، فملحمة أكتوبر باعتراف العالم تستحق مائة فيلم على الأقل، وكل جندي مصري كانت له أسرة تحارب وتتوحد معه بقلوبها، والأم  هي صانعة الرجال وملهمة الأبطال وشريكة الانتصار.

أغنية على الممر

من أبرز الأفلام التى قدمت عن فترة ما قبل معارك 73 ومازالت عالقة فى وجدان المصريين فيلم "أغنية على الممر" إنتاج عام 1972، سيناريو وحوار مصطفى محرم، وإخراج على عبد الخالق،وبطولة محمود مرسى، صلاح قابيل، محمود ياسين، أحمد مرعى وصلاح السعدنى، والذى تدور أحداثه حول فصيلة مشاة مصرية يتم حصارها أثناء حرب 1967 وهم يدافعون عن أحد الممرات الاستراتيجية فى سيناء ويرفضون الاستسلام فى بسالة.

أبناء الصمت

من الأفلام المهمة للغاية فى التعرض لحرب أكتوبر"أبناء الصمت" لمحمد راضى والذى تعرق لفترة ما بعد المعركة مباشرة (1974) عن قصة الأديب الكبير مجيد طوبيا، ومصدر الجودة فى هذا الفيلم تناوله لتفاصيل حياة عدد من الجنود فى موقع عسكرى واحد قبيل حرب أكتوبر، ورغم أن الفيلم كان معدا للتصوير قبيل الحرب إلا أن معوقات إنتاجية حالت دون تصويره حينئذ، وبعد النصر تمت إضافة عدد من المشاهد لتواكب وتوثق الانتصار.

وقد شهدت الساحة السينمائية خلال سنوات ما بعد الحرب إنتاج عدد من الأفلام التى سجلت كفاح الشعب وتلاحمه مع الجيش لتحقيق هذا الانتصار منها: "الرصاصة لا تزال فى جيبى" و"الطريق إلى إيلات"، في حين لم تحظ أفلام مثل "حائط البطولات، وأسد سيناء" وغيرها بنجاح يذكر.

رصاصة لا تزال فى جيبى

من أبرز الأفلام التى تناولت الحرب،وهوإنتاج عام 1974 بطولة محمود ياسين وحسين فهمى ويوسف شعبان وصلاح السعدنى ونجوى إبراهيم، وتدور قصته حول لجوء المجند الشاب محمد إلى غزة عند أحد الفلسطينيين من الذين يساعدون المقاتلين على الاختفاء حتى تتاح لهم سبل الفرار والعودة إلى أوطانهم

بدور والوفاء العظيم

يأتى من بين الأفلام المهمة "الوفاء العظيم" إنتاج عام 1974، تأليف فيصل ندا وإخراج حلمى رفلة، بطولة نجلاء فتحى ومحمود ياسين وكمال الشناوى وفيه يقوم "حسين" بقتل سها التى تفضل الزواج من رؤوف رغم حبه لها، يتبني رؤوف الطفلة اليتيمة ولاء ليربيها حتى تشغله عن أحزانه، تمر السنوات ويعجب بها عادل ابن صديق العائلة، بينما يربط الحب بينها وصفوت ابن حسين، إلا أن رؤوف يرفض زواجهما ويعقد قرانها على عادل، وتنشب حرب أكتوبر 1973 ويشارك فيها عادل وصفوت وتربط بينهما الصداقة، يكتشف عادل حب صفوت لولاء، وبعد عودتهما بالنصر ينسحب عادل من حياة ولاء ويقنع روؤف بزواجها من صفوت.

أما فيلم "بدور" إنتاج 1974، تأليف وإخراج نادر جلال وبطولة نجلاء فتحى ومحمود ياسين ومجدى وهبةفتدور قصته حول العامل "صابر" الذى يتعرف على "بدور" التى تقرر التوبة عن السرقة، يدعى لأهل الحارة أنها ابنة عمه ويقيم فى منزل المعلمة نوسة، يتوصل إليها ميمو - أحد أفراد العصابة ويشي بحقيقتها لأهل الحارة لكنهم لم يتخلوا عنها،وبعد انتصار الجيش المصرى فى حرب أكتوبر يعود صابر من المعركة مصابا ويحتفل أهل الحارة بزواجه من بدور.

يوم الكرامة

وأخيراً فيلم "يوم الكرامة" الذى أنتج عام 2004 حول دور القوات البحرية المصرية فى الفترة التى أعقبت حرب 1967، الفيلم من بطولة: أحمد عز، سمية الخشاب، خالد أبو النجا وروجينا.

ونعيد طرح ما أثرناه فى بداية هذه الجولة ألا وهو أين هي بطولات وتضحيات الأم المصرية من شاشة السينما؟