"الزيادة السكانية تحد كبير أمام الدولة المصرية، وإذا ظللنا على هذا الوضع لن يكون هناك أمل أو تحسن للواقع"، هذا ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي، في خطابه الذي حذر فيه من خطورة الكثافة السكانية على الدولة حيث تقف حائلا أمام عملية التنمية، ما يتوجب ضرورة التحرك السريع من قبل أجهزة ومؤسسات الدولة لإيجاد الحلول الفعالة لتحجيم هذا الخطر، وعلى الجانب التشريعي هناك العديد من المساعي حيال الأمر من خلال إصدار تشريعي دستورى يلزم المواطنين بتنظيم النسل.
فى البداية تقول النائبة غادة عجمي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب: تقدمت بمشورع قانون للمجلس وتم مناقشته، وقد نص على أن يشمل تنظيم الأسرة إنجاب الأطفال بأعداد قليلة متفق عليها ويُفضل على فترات متباعدة وفى حالة زيادة عدد الأطفال لدى الأب الواحد عن ثلاثة أطفال يتم حرمان الأبناء بعد الثلاثة من أى دعم حكومى يتلقونه والمتمثل فى الإمدادات المالية التى ترصدها الدولة لصالح تغطية جزئية أو كلية لتكاليف تقديم خدمات أو منتجات عامة من خلال كافة هياكل وقطاعات الجهاز الإدارى للدولة، إلى جانب كافة أشكال الدعم النقدى والعينى المباشر وغيره.
وتضيف: يعطى القانون الحق لكل أسرة بإنجاب عدد غير محدد من الأبناء، بينما يتمتع أكبر ثلاثة أبناء بكافة أشكال الدعم الحكومى المستحق، فيما يحرم الابن الرابع ومن بعده من الدعم فى شتى المجالات الحكومية الخدمية والإنتاجية سواء كان تعليميا أو اجتماعيا أو صحيا أو اقتصاديا، وكذا الحال بالنسبة إلى الأطفال الذين يُولدوا خارج جمهورية مصر العربية لأب أو لأم مصريين ويحملون جنسية دولة أجنبية مع الجنسية المصرية، مشيرة إلى أن الهدف من مشروع القانون الحث على تنظيم الأسرة ومواجهة سوء استغلال الدعم في الفترة الحالية، مؤكدة أن مشروع القانون تم مناقشته والخروج بعدة توصيات تشمل ربط تنظيم الأسرة باستحقاق الدعم فى كافة الخدمات التى تقدمها الدولة للمواطن، وتفعيل التوعية في كافة وسائل الإعلام بالإضافة إلى الدور المجتمعي لنشر التوعية على نطاق المجتمع خاصة الريف والصعيد.
الأسرة المتميزة
من جانبه تقدم النائب محمد المسعود، بمشروع قانون مكون من 13مادة يلزم الدولة بوضع وتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو والموارد المتاحة من خلال عدم استفادة الطفل الثالث من كافة صور الدعم الذى تقرره الدولة، ويقول: نص مشروع القانون على مصطلح "الأسرة المتميزة" التى لا يزيد عدد أفرادها عن أربعة، وقرر لها بعض الميزات العينية إلى جانب القروض للمشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى إنشاء مجلس قومى لرعايتها يهدف إلى اقتراح الحوافز والتيسيرات المادية والمعنوية التى تشجع الأسرة على تنظيم النسل، والتشريعات والقرارات التى من شأنها الحد من الزيادة السكانية، ووضع السياسات الإعلامية والتثقيفية التى من شأنها تحقيق هذا الهدف من خلال التنسيق مع الأجهزة القومية والمحلية.
مواجهة الكثافة السكانية
يعد مشروع القانون الذي تقدم به النائب د. محمد العماري، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، آخر القوانين المقدمة في البرلمان بهذا الشأن والذى يتم مناقشته داخل أروقة البرلمان، حيث أكد د. العماري على أن الزيادة السكانية أصبحت خطرا على النمو الاقتصادى للدولة، ويجب التحرك لمواجهتها عبر إعادة تنظيم المجلس القومى للسكان والتنمية، مشيرا إلى وجود صعوبات فى وضع عقوبات على الأسرة التى لن تلتزم بتحديد النسل لمخالفة النصوص التى وردت فى الدستور، لكن ستكون هناك حوافز إيجابية لكل من التزم بالتنظيم المنصوص عليه فى هذا المشروع. ويقول: سيتم طرح المشروع للحوار المجتمعى كما سيتم إرساله إلى المؤسسات الدينية للتأكد من عدم مخالفة مواده للأديان، داعيا الأزهر والكنيسة بضرورة تغيير الخطاب الدينى فى التعامل مع قضية تنظيم النسل حتى لا يكون إحدى عقبات تنفيذ المشروع، موضحا أن مواده تنص على أن يتم إسناد المجلس القومى للسكان والتنمية إلى رئاسة الجمهورية بدلاً من وزارة الصحة، وسيتم تشكيله من وزارات معينة بموازنة مستقلة، مشددا على أن مشروع القانون يختلف جملة وتفصيلا عن التجربة الصينية ولا يوجد بند في مواده يخالف الشريعة الإسلامية بل ينحصر الأمر في تنظيم عملية الإنجاب والالتزام بطفلين لضمان حياة كريمة لهما وللمجتمع بأسره.
برامج تنظيم الأسرة
أكد النائب تادرس قلدس، نائب محافظة أسيوط، على ضرورة تفعيل دور برامج الأسرة لتنظيم النسل خاصة فى ظل تراجع استخدام وسائل تنظيم الأسرة ودور الإعلام فى التوعية ونقص عدد مقدمي الخدمة خاصة من النساء فى ظل صعوبة الوصول للأماكن النائية وانتشار المعتقدات المغلوطة المرتبطة بوسائل منع الحمل.
ويقول: يعد ارتفاع نسبة الأمية بمصر أحد الأسباب الرئيسية التى تؤدي إلى فشل برامج تنظيم الأسرة، بسبب غياب الوعي، لذا أطالب بضرورة إطلاق مبادرات وحملات تطوعية مكثفة على مستوى الجمهورية للقضاء على الأمية ومحاربتها، وإيجاد حلول جديدة من قبل الجهات المعنية تهدف إلى محو الأمية.
وأكد أن برامج تنظيم الأسرة لها العديد من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي تعود على الفرد والعائلة والمجتمع، حيث إنها تهدف إلى تحسين الوضع الصحي والغذائي للمجتمع، والوضع الاقتصادي وتخفيف الفقر، وحماية البيئة بتقليل الطلب على الموارد الطبيعة، وتخفيض الطلب على الخدمات العامة مثل "السكن، والماء، والطاقة، والتعليم، والخدمات الصحية والاجتماعية".
الرائدات الريفيات
فيما قدمت د. شادية ثابت، عضو مجلس النواب رؤية لمواجهة الزيادة السكانية تعتمد على تفعيل دور رائدات الريف وحملات طرق الأبواب لتقديم النصيحة إلى الأهالى والسيدات، مع عودة التنويهات التليفزيونية بالصحة الإنجابية ومخاطر الحمل المتكرر، بالإضافة إلى ضرورة تخصيص رائدة داخل مراكز الأمومة والطفولة ومنافذ صرف الألبان للأطفال لتوعية المواطنين بمخاطر تكرار الإنجاب بما يساعد على خفض معدلات النمو.
وتقول: يجب تحسين الخصائص السكانية للمواطنين والتعامل مع الزيادة السكانية الحالية للاستفادة منها من خلال تحويلهم لثورة بشرية من خلال تدريبهم على المهن المختلفة والتوسع فى المشروعات الصغيرة بما يزيد من التنمية.
حملات التوعية
من جانبها دعت النائبة كارولين ماهر، عضو لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، إلى ضرورة تنظيم وزارة الصحة حملات التوعية الخاصة بتحديد النسل والتعريف بأهمية الصحة الإنجابية التى انتشرت فترة التسعينيات وحققت نجاحات كبيرة وذلك عبر الوسائل المرئية والمسموعة للتوعية بمخاطر كثرة الإنجاب في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الدولة، إضافة إلى دور المؤسسات الدينية لتغيير المعتقدات خاصة في محافظات الصعيد التي تعتبر أن تحديد النسل مخالف للشريعة.
ساحة النقاش