بعد أن ينجح فى الخروج من ظلمة الإدمان إلى نور الحياة ليمارسها بشكل طبيعى ينعم فيها بالصحة والعافية، يرغب المتعافي من ويلات المخدرات فى تقديم يد العون لغيره من المدمنين الذين لاتزال العقارات المخدرة تتحكم بحياتهم وقدرتهم على التعايش مع المجتمع بشكل سليم، ولأن هناك ثأر بينه والمخدر فإنه بمساعدته فى علاج مدمن آخر يشعر أنه هزم المخدر وساعد مجتمعه فى التصدى لذلك الخطر الذى يهدد شبابه.
"حواء" التقت عددا ممن هزموا المخدرات بقوة إرادتهم، واستمعت لتجاربهم، وتعرفت منهم كيف يمكنهم تقديم يد العون والنصيحة لغيرهم من الراغبين فى العلاج؟
البداية مع عبدالعزيز سمير,الذىأدمن المخدرات بجميع أنواعها لمدة 17 عاما عانى خلالها العديد من المشكلات الصحية والأسرية خاصة بعد إنفاق ماله كله على شراء الهيروين، ويقول: بعد إدمانى الهيروين تحول حياتى لإلى جحيم حتى أصبحت أبحث عن المال لشراء الجرعات وليس لرعاية أبنائى، حتى نصحنىأحد الصيادلة بالاتصال بالخط الساخن لعلاج الإدمان، فأخذت قرارا بالإقلاع عن تعاطى هذا المخدر وساعدنىعلى ذلك صندوق مكافحة الإدمان، وكانت مدة برنامج العلاج الذى وضعه أطباء مستشفى الخانكة والتى يتعامل معها المركز ثلاثة أشهر، والآن أتردد على الصندوق كل أسبوع تقريبا لعقد جلسات مع المتعافين والأخصائيين النفسيين.
وتابع: أجلس مع المريض تحت إشراف الأخصائى كصديق ليس أكثر أوضح له بعض المعلومات التى لا يعرفها، فالمدمن دائما ماتكون لديه الرغبة فى الإنكار وعدم مواجهة المرض ما يجعل المتعافى أكثر شخص على علم كامل بما يجعل المريض يعود للإدمان وأسباب إنكاره للمرض.
وعن تحديد الجلسات التى تتم بين المتعافىوالأخصائى أو الطبيب قال:لا يتم تحديد وقت للقاء بينالأخصائى والمتعافى أو المريض، فعندما يطلب المريض الاستشارة يلبى المتعافى طلبه فى أى وقت ويكون الاتصال عن طريق الهاتف ويأتى ذلك بسبب تواجد بعض الأفكار التى تطرأ على عقل المريض التى لايمكن أن يستوعبها أفراد أسرته، ويكون الطبيب أو الأخصائى هما الأقرب فى ذلك التوقيت،وهنا يقدم المتاعفى الدعم للمريض الذى لايخشى كشف فكرة العودة إلى جرعة المخدر بنسبة قليلة أو فى توقيت معين من خلال شرح خطورة العودة إلى الجرعة على نتيجة العلاج بشكل عام.
المجاملات بداية التعاطى
يقول رفعت رمضان:العادات الاجتماعية فى الحى الذى أقطن به هى ما قادتنىإلى طريق الإدمان، حيث الأفراح الشعبية التى يتم توزيع المخدارت على المدعويين من باب المجاملة، وبعد إدمانى المخدرات لسنوات طويلة اقترح علي ابنىتلقى العلاج إلا أننى كنتأنكر تعاطى للمخدرات، إلى أن نجحفى إقناعى بالاتصال بالخط الساخن لصندوق مكافحة الإدمان واصطحبنىإلى مستشفى الخانكة وهناك تلقيت العلاج الكامل دون مقابل، وتعافيت من تعاطى المخدرات منذ أربع سنوات.
ويحكى أيمن حسن أحمدتجربته مع الإدمان قائلا: بدأت تعاطى المخدرات بسبب خلافى المستمر مع والدى فقررت ترك المنزل والعيش مع جدتى, وكنت فى تلك الأوقات أعمل فى مجال "الحلاقة" الذى كان يوفر لي دخلا شهريا جيداكنت أشترى به المخدر مع أصدقائى بالمنطقة التى أعمل فيها حتى تطور الأمر إلى مخدر الهيروين الذى أدمنته ما يقرب من عامين، حتى علم والدى بالأمر فاصطحبنى إلى طبيب إلا أننى لم أبتعد عن الإدمان أكثر من شهر أو اثنين، إلى أن اتصل والدى بالخط الساخن للصندوق وذهبت إلى مستشفى الخانكة التى قضيت فيها ثلاثةأسابيع، وبعد إقلاعى عن المخدرات ساعدنى الصندوق فى تعلم مهنة أخرى وقدم لى قرضا استطعت من خلاله شراء تروسيكل أنقل به البضائع لتجار الجملة.
أما سيد صبحى فيقول: بدأت العمل فى مجال المعمار منذ عمر الثانية عشرإلى أن سقطت ذات يوم عن"السقالة"فنصحنىأحد العاملين بتناول نصف قرص من مخدر التامول الذى أشعرنى بالنشاط ومع الاستمرار فى تناوله تطور الأمر إلى تعاطى الهيروين حتى نقلنى والدىإلى مستشفى خاصة قضيت بها 10 أيام لكننى لم أشعر بتحسن،فتواصل مع صندوق مكافحة الإدمان الذى نقلنىإلى مستشفى الخانكة, وبعد تماثلى للشفاء أتواصل مع الصندوق لعقد جلسات أسبوعيا مع الأخصائيين والمتعافيين.
نماذج إيجابية
عن رحلة العلاج ودور المتعافى فى ايصال رسالة إيجابية للمريض يقول د. سيد شعبان، أخصائى مكافحة الإدمان:يرسل المتعافى رسالة للمدمن أنه قادر على تخطى الإدمان والتعافى منه بكونه نموذجا على ذلك،ويكون دور المتعافى على مرحلتين الأولى قبل بداية علاج المدمن بتقديمه كنموذج يجذب المدمن للعلاج من خلال عرض حالته منذ بداية الإدمان حتى تعافيه، والمرحلة الثانية تكون أثناء العلاج ويعمل فيها المتعافى على التقرب من المريض حسب تعليمات الأخصائى والتعرف على أوقات احتياجه للعودة إلى المخدر وهى ما تسمى الزلات, ويصارح المريض المتعافى بتلك الزلات أكثر مما يتحدث مع الأخصائى،كما يساعد المتعافى المريض فى تحديد الهدف الذى يرغب فى الوصول إليه من خلال المدة الزمنية التى أمضاها دون العودة للمخدر ومدى قدرة المتعافى على التعايش والسعادة والاندماج داخل مجتمعه دون تعاطيه.
ويتابع:رغبة المريض تساعده على الإقلاع عن الإدمان وعدم العودة إليه مرة أخرى، فمدة انسحاب المخدر من جسم المريض لاتتعدى الثلاثةأيام، بعدها تبدأ مرحلة التأهيل النفسي الذى يستغرق 6 أشهر أو أقل،حيث يجعل المخدر المدمن فى حالة تسمى بالاعتمادية وهى التى لايقدر الشخص فيه ممارسة أى نشاط إلا تحت تأثيره, وهنا يكون العارض نفسى أكثر منه جسدى.
مراحل التأهيل
أما عن محاور التأهيل فيقول د. شعبان: هناك محاور ثلاثة يتم خلالها تأهيل المدمن نفسيا للإقلاع عن المخدر وهى الأشياء والأماكن والأشخاص حيث يتم إبعاد المتعافى عن جميع الأدوات والأغراض التى كان يستخدمها فى تناول الجرعات المخدرة، وكذا كافة الأماكن المتعلقة بالجرعات المخدرة، والأشخاص المتعاطين أو تجار المخدر، وهناك طرق نقوم بتدريب المتعافى عليها حتى يصبح له القدرة على المقاومة وصد هؤلاء الأشخاص وإحراجهم حتىإن كانوا أحد أقاربه أو أخواته.
ساحة النقاش