شاهدت
من يمنعنا ليس منا
كتبت : ماجدة محمود
اللافت للنظر فى احتفالات المولد النبوى الشريف هذا العام ، تناقص مظاهر الإحتفاء كما الأعوام الماضية ، فالشوادر التى تعرض الحلوى ، عروس المولد والحصان ، تراجعت أعدادها بشكل ملحوظ ، وبنظرة سريعة على شارع السلسلة بالسيدة زينب والذى كان يكتظ من أوله لآخره بشوادر الحلوى ، والعرائس ، تجد وعلى استحياء عدد لايتعدى أصابع اليدين ، وعلى الرغم من ذلك فإن حركة البيع جيدة ، وهذا ماشاهدته طوال أسبوع تابعت خلاله نوافذ البيع فى رحلة ذهابى اليومى للعمل ، وقد إزدادت حركة البيع أكثر مع صرف الموظفين لرواتبهم الشهرية .
هذه الملاحظة لم تتوقف عند حى السيدة زينب فقط ، بل وصلت لأحياء أخرى مثل المنيل ومصر القديمة ، وعندما سألت أحد المحلات عن أسباب عدم بيع حلوى المولد هذا العام ، على الرغم من أنه عرضها العام الماضى وسط ظروف وأحداث غاية فى الصعوبة ، كانت إجابته بأنه خائف من أعمال السطو والبلطجة التى تؤدى فى النهاية ليس فقط لفقد البضاعة ، بل أيضا لتدمير واجهه وديكورات المحل ، وهذا نفس السبب الذى كرره على مسامعى آخرون فى أماكن مختلفة ، فقد أردت أن أقف على السبب الجوهرى لعدم انتشار منافذ بيع حلوى المولد النبوى ، خاصة وأننى أعرف عن المصريين عشقهم للمناسبات والاحتفالات وبالذات الدينية ، وإصرارهم على إتباع نهج الفاطميين فى الاحتفاء والتى دائما ماترتبط بالأطعمة والمأكولات ، فالكنافة والقطائف لرمضان ، والكعك للعيد ، والحلوى للمولد النبوى الشريف . أيضا أعلم أنهم لايتوانون عن شرائها رغم أى ظرف اقتصادى، حبا فى رسول الله إلا أن هناك بعض الخبثاء أشاروا إلى إعتراض تيارات بعينها على هذه النوعية من الاحتفالات لكونها عادة وليست عبادة ، ولأنهم ينتمون لهذا الفكر رفضوا عرض الحلوى أو تقديمها للزبائن . وأصدقكم القول إن هذا الفكر مر بخاطرى خلال متابعتى لهذا الموضوع لكننى سرعان ما استبعدتها لسبب بسيط ، وهو أن المصريين لايعبدون من يحتفون بهم ، لكنهم يذكرونهم فى هذا اليوم بالاحتفال وأيضا بالصلاة والصيام ، لأنه يوم إهتزت له السماوات ، وسعدت به الملائكة ، أمام مايدور فى أذهان البعض من معتقدات هى فى الأصل تعقيدات لانستحسنها ولا تطيب لنا ، لأننا بطبيعتنا نميل للفرح والابتهاج ، واستبشار الخير ، وكلها معانى خرجت إلى النور مع ميلاد الرسول ، فمن يمنعنا عن الاحتفاء وذكر الرسول ، ليس منا ولنتذكر قوله :
«فرجوا عن القلوب ساعة ، فإن القلوب إذا تعبت ، كلت» ، ولنتذكر أيضا موقف أهل المدينة حينما جاءهم الرسول مهاجرا ، واستقبلوه بالدفوف والغناء مهللين، طلع البدر علينا .. من ثنيات الوداع .. وجب الشكر علينا .. مادعا لله داع .. أيها المبعوث فينا . جئت بالأمر المطاع .. جئت شرفت المدينة .. مرحبا ياخير داع.
وقتها لم تخرج فتوى ، أو حديث شريف على لسانه الكريم ، يشجب الاحتفاء به بالغناء أو الطعام لهذا كان وسيظل لنا أسوة حسنة ، وفى يوم مولده لا يسعنا إلا أن نصلى ونسلم عليه، فهو أشرف خلق الله .
ساحة النقاش