البعيد عن العين..قريب بال sms
كتبت :أسماء صقر
من زيارة إلي مكالمة هاتفية إلي رسالة SMS هذه مراحل مرت بها صلة الرحم.. الفريضة الغائبة عن المجتمع المصري في ظروفه الحالية الصعبة، فهي فريضة دينية، وواجب اجتماعى، حيث لم يعد يلتقي الأقارب إلا فى الافراح أو الأحزان، وقد تمر على قريب لك لا تعرفه ولا يعرفك، ويبقي أب حزين علي نكران ابنه وأم ثكلي بجحود أبنائها بعد رحلة عطاء طويلة ليكتفي البعض بمقابلة الكترونية علي الانترنت أو رسالة موبايل يذيلها راسلها «سامحيني الدنيا واخداني».. فما أثر غياب صلة الرحم علي المجتمع وهل تعد وسائل الاتصال الحديثة بديلا عن دفء اللقاء وحرارة المواجهة .. هذا ما حاولنا معرفته >>
فى البداية تقول راوية ابراهيم - ربة منزل - مشاغل وهموم الحياة كثيرة فالجميع يسعى لزيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة، وأزور أقاربى وأهلى من حين لآخر على فترات متباعدة ولكننا نتحدث تليفونيا أحيانا.
فى حين يذكر زكى إسماعيل - مدير عام سابق - أن صلة الرحم والود بين الأهل والأقارب اختلفت عن الماضى نظرا لضيق الوقت وقضاء ساعات طويلة فى العمل ولا تجمعنا إلا مناسبة سارة كالأفراح أو مناسبة حزينة كالعزاء.
ويشير إيهاب محمد (تاجر) إلى تغليب المصلحة ُفى الزيارات العائلية يقول : تغيرت النفوس فغالبا ما يتم ود الأقارب الذين يعملون فى مناصب قوية تفيد الأبناء فالغالبية الآن تسعى وراء مصالحها.
ويقول (أ - م) 62 عاماً على المعاش : لقد رزقنى الله بثلاثة من البنين وبنتاً وقد أنفقت عمرى فى تربيتهم على أحسن مستوى وعلمتهم تعليماً عالياً، وحينما سافر ابنى الكبير إلى ألمانيا لبعثة دراسية كانت فرحتنا كبيرة، وبدأنا نتبادل الخطابات وننتظر اليوم الذى سيصلنا منه خطاب ثم اخترنا له عروسة ، وسافرت إليه وبعد عودته من السفر قرر أن يستقل بحياته. ولا يزورنى إلا بعد فترات طويلة ولا أستطيع قضاء ليلة كاملة معه أو مع أولاده.
أما الحاج (م - ع) 65 عاماً موظف سابق فيقول توفيت زوجتى منذ سبع سنوات بعد أن كافحت معى كفاح الأبطال لنربى أبناءنا وبعد أن أنهوا تعليمهم وتسلموا وظائفهم وتزوجوا وبعد الزواج لا يسأل عنى أحد ولو حتى تليفونيا.
وتقول مروة جمال -ربة منزل- : قاطعنى أخى بسبب الميراث فى منزل أبى رحمه الله ورفضت بيع نصيبى خوفا من بيع بيت العيلة الذى يجمعنا فى الأعياد والمناسبات وأن تنقطع صلة الرحم بيننا.
وتختلف فوقية عيد - ربة منزل- حيث تقول: إن صلة الرحم الآن ازدادت بسبب تقدم الوسائل التكنولوجية والتواصل من خلال النت والفيس بوك، رغم أن هذا لا يعوض حرارة اللقاء والتحدث مع الأقارب وجهاً لوجه.
وبعد الاستماع لهذه القصص التى ترصد ما وصل إليه حالنا مع أرحامنا توجهت «حواء» للمتخصصين فى علم النفس والاجتماع لمعرفة آرائهم فى اضطراب صلة الرحم ومدى تأثير التكنولوجيا عليها.
تقول ماجدة القاضى أستاذة علم الاجتماع بجامعة المنوفية - :الوسائل التكنولوجية الحديثة كالمحمول والفيس بوك قربت المسافات بين الناس وبعضها، إلا أن البعض يتهمها بأنها باعدت بين الأهل والأقارب وقطعت صلة الرحم لأنها جعلت أصحابها يستبدلون الزيارات بإرسال رسائل قصيرة من خلال المحمول أو الجلوس أمام الفيس بوك لمدة محددة من الساعات بدلا من زيارة أهلهم وذويهم.
ويؤكد علماء الاجتماع والدين أن هذه الرسائل ليست بديلاً للزيارات وصلة الأرحام.
وقديما كان الترويح عن النفس يتم بزيارة الأقارب لكن الآن نجد الأسرة فى الإجازة تفضل إرسال رسائل عبر المحمول ولا يدركون تأثيرها السيئ على الأقارب.
وتؤكد القاضى أن الأسر الآن تعيش فى جزر منعزلة عن الآخرين، فالأبناء لا يعرفون اقرب الاقربين والعائلات لا ترى بعضها البعض حتى فى الإجازات لدرجة جعلت الابناء يعيشون فى غربة تامة وقطع صلة الأرحام.
ويرجع ذلك إلى أننا نعيش فى أمية دينية والعلاقات بين الأرحام تحكمها المصالح الشخصية وليس ما يوصى به الله سبحانه وتعالى، لذلك أوصى بزيارة الاقارب والأهل بشكل مستمر وإعطاء الوالدين حقوقهم فى الرعاية والاهتمام وصلة الرحم.
رد الجميل
ويؤكد د. صالح حزين -استاذ علم النفس بجامعة عين شمس - على أن هناك أنماطا من صلة الارحام بدأت تنتشر استجابة للواقع مثل استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة بديلا عن الزيارة وحرارة اللقاء.
وأصبحت صلة الرحم نوعا من رد الجميل فمن زارنى أزوره وهذا خطأ، وإذا استخدمنا صلة الرحم بالمفهوم الصحيح وهو أن الواصل هو «من إذا قطعته رحمه وصلها».
ويشير د. حزين إلى دور الزوجة وضرورة حث زوجها على توطيد علاقته بأهله وأقاربه وصلة رحمه، فعندما تكون العلاقات بين الأم وزوجة الابن مضطربة يحدث اضطراب أيضاً فى صلة الرحم، وود الأم والأهل والأقارب، وللأسف الشديد ايضاً هناك كثير من الامهات تحرض بناتها ضد حمواتهن وأهل أزواجهن والرغبة فى حياة مستقلة.
الإحسان
وتحدثنا أيضا مع الدكتور حسين محمد ابراهيم عمر- استاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الازهر - لمعرفة رأى الدين فى صلة الرحم فقال : صلة الرحم واجبة وأولى الناس بها الوالدان.
وعقوق الوالدين من الكبائر التى حرمها الله سبحانه وتعالى، ويجب الإحسان إلى الأقارب وصلة الرحم لأن قطعها إفساد فى الأرض ويؤدى إلى التشتت فى المجتمع وانتشار الأمراض النفسية ومنها الاكتئاب فقال تعالى «فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم لله فأصمهم وأعمى أبصارهم » صدق الله العظيم.
ففى هذه الآيات نهى الله سبحانه وتعالى عن الإفساد فى الأرض ونهى عن قطع الأرحام، وأمر سبحانه وتعالى بالإصلاح فى الأرض وصلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب فى الأقوال والأفعال وبذل الأموال
ساحة النقاش