يهل علينا شهر أكتوبر بروائح العزة والنصر وذكريات حرب السادس من أكتوبر التى كانت وستظل من أروع لحظات تاريخنا المصرى والعربى الحديث, بدأت الحرب فى اليوم السادس من أكتوبر عام 1973، الموافق للعاشر من رمضان 1393هـ، وكانت فاتحة خير على المصريين الذين استعادوا ثقتهم فى أنفسهم واعتزازهم بقواتهم المسلحة وأثبتوا للعالم كله أنهم قادرون على مواجهة أعدائهم وقهر الجيش الذى وصفه قواده زورا بأنه لا يقهر.
وما زلنا نطلق على الحرب الاسمين معا، ولكننا نحتفل بها رسميا فى السادس من أكتوبر من كل عام, فقد أصبحت عيد القوات المسلحة, ورغم ذلك ما أن يهل شهر رمضان المبارك حتى تصحبه ذكرياتنا عن تلك الحرب المجيدة، وقد نشرت فى حواء العام الماضى ذكرياتى عن تلك الحرب فى رمضان, فما هو حل هذه المعضلة, إن السادس من أكتوبر هذا العام لن يكون العاشر من رمضان، فالتقويم الهجري القمري أوالتقويم الإسلامي يختلف عن التقويم الميلادى الذى تتبعه مصر، وهو تقويم قمري يعتمد على دورة القمر لتحديد الأشهر، ويستخدمه المسلمون في تحديد المناسبات الديني من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, وسبب تسميته التقويم الهجري أن الخليفة عمر بن الخطاب الذى أنشأه جعل بدايته هجرة رسول الله من مكة إلى المدينة في 12 ربیع الأول, 24 سبتمبر عام 622م.
أهمية التقويم الهجرى أنه مركز أساسا على الميقات القمري الذي أمر الله في القرآن باتباعه وفقا للآية 36 من سورة التوبة "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ", هذه إحدى المشكلات التى يجب على العالم العربى حلها، فقد كانت الدول العربية كلها، وأثناء هيمنة الدولة العثمانية عليها تتبع التقويم القمرى، ولم يتم تغييره إلى الميلادى إلا بعد الاحتلال الأوروبى للدول العربية, والتقويم الهجري يتكون من 12 شهرا قمريا، ولكن السنة الهجرية تساوي 354 يوما تقريباً، والشهر في التقويم الهجري إما أن يكون 29 أو 30 يوما ولذلك يوجد فارق 11.2 يوم تقريبًا بين التقويم الميلادي الشائع والتقويم الهجري، ولهذا لا يتزامن التقويمان مما يجعل التحويل بينهما أكثر صعوبة.
لقد وفقت القيادة المصرية فى اختيار شهر أكتوبر لشن الحرب على إسرائيل وطردها من سيناء والجولان، فهو أفضل الشهور بالنسبة لحالة المناخ على الجبهتين المصرية والسورية، وقد وُجد أن يوم السبت - عيد الغفران - 6 أكتوبر 1973م - 10 رمضان 1393هـ هو الأنسب، فهو اليوم الوحيد في السنة الذي تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث، مما سيتطلب إسرائيل وقتاً أطول لاستدعاء الاحتياطي الذي يمثل القاعدة العريضة لقواتها المسلحة.
وبصرف النظر عن هذه المشكلة، سنظل نحتفل مرتين بحرب أكتوبر المجيدة مرة فى أكتوبر ومرة فى رمضان, وكل أكتوبر ومصر والشعب المصرى والعربى بخير.
ساحة النقاش