تعج محاكم الأسرة بالعديد من الدعاوى التى تتقدم بها النساء لإنهاء علاقة زوجية لم يكتب لها الاستمرار بسبب استحالة العشرة بين الزوجين من خلال طلب المرأة الطلاق للضرر أو الخلع لتضع حدا لمعاناتها، لكن ما الفرق بين الخلع والطلاق للضرر، وما الحقوق القانونية التى يقررها كل منهما للمرأة، وما الأسباب التى يمكن أن تقدمها للمحكمة لرفع الدعوى وإثبات تضررها؟
و الأهم من هذا كله ماذا عن طول أمد هذه الدعاوى وكيف يمكن مواجهة هذه المماطلة؟ تساؤلات عديدة حاولنا الإجابة عليها فى جولتنا التالية..
البداية مع دعاء، طبيبة شابة تقدمت بدعوى طلاق للضرر بعد خيانة زوجها لها، ورغم إمساكها به داخل غرفة نومها مع أخرى إلا أنها لم تقدم شهودا للمحكمة أو تحرر محضرا رسميا بالواقعة ما يضعف موقفها القانوني خاصة بعدما تقدم الزوج الخائن بدعوى رفض ونفي أقوالها.
اضطرت سهير، عاملة بأحد مصانع النسيج، للجوء إلى المحكمة بعد تعدي زوجها عليها بالضرب لأكثر من مرة ورفضه تطليقها بشكل ودي، وتقول: تقدمت بدعوى قضائية منذ عدة سنوات إلا أنني لم أحصل على الحكم حتى الآن بسبب طلب القاضي شهودا على ضرب زوجي لي، وهو ما يصعب إثباته لأنه لم يكن يتعدى علي أمام أحد.
أما الإذاعية "م.ن" فقد أرجأت قرار الخلع الذي اتخذته حتى زواج بناتها وتقول: منذ سنوات طويلة اتخذت قرارا برفع دعوة خلع زوجي بسبب بخله وعدم تواجده بجواري وبناته حتى شعرت أنني بلا سند، فقد كان مجرد عائلا يوفر لنا مبلغا شهريا من المال، وبعد زواج بناتي تقدمت بدعوى خلع إلا أنه تم إرسالي لمكتب التسوية من قبل محكمة الأسرة للإصلاح بيننا.
توضيح قانوني
يوضح هاني الشافعي، المحامي ومدير المؤسسة القانونية لمساعدة الأسرة، الفرق بين الخلع والطلاق للضرر والحقوق المترتبة على كل منهما قائلا: تلجأ المرأة لدعوى الطلاق للضرر لتثبت رغبتها في الانفصال والطلاق من الزوج لأنها تتعرض للضرر منه سواء من الناحية المعنوية أو المادية أو الأسرية أو النفسية أو حتى بسبب مشكلة معينة يعاني منها، على أن تثبت الزوجة الضرر بكافة طرق الإثبات سواء بالشهود أو المستندات، وعند إصدار المحكمة حكما بالطلاق تحصل الزوجة على كافة حقوقها الشرعية من مؤخر صداق ونفقة متعة ونفقة عدة وقائمة منقولاتها الزوجية.
ويتابع: أما بالنسبة للخلع فليس عليها إثبات وقوع ضرر من الزوج ويبقى لها وعليها عدة أمور وهي رد مقدم الصداق، والتنازل عن المؤخر ونفقة المتعة والعدة، ويحق لها الحصول على قائمة منقولاتها، وليس للخلع علاقة بحقوق الأطفال وحكمه نهائي ليس له استئناف.
وسائل إثبات الضرر
يقول إيهاب شعبان، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة: إذا تقدمت المرأة بدعوى طلاق للضرر وجب عليها إثباته بالشهود وهو ما يصعب تحقيقيه في كثير من الحالات خاصة إذا تعرضت لإهانات لفظية أو عنف نفسي، أما إذا تعدى الزوج عليها بالضرب وطردها من مسكن الزوجية فيمكنها تحرير محضر بالواقعة، كما تواجه المرأة مشكلة أخرى يتضمنها القانون الحالي وهي كون الطلاق رجعيا حال طلبها ذلك بسبب عدم إنفاق الرجل عليها وأولادها وبناء عليه فإنه يحق للزوج استرجاعها متى تيسر له الإنفاق بشرط عدم انتهاء العدة، بالإضافة إلى طول فترة التقاضي، وعرض الزوجين على مكاتب التسوية أكثر من مرة كمحاولة للصلح بينهما، إلى جانب عدم مراعاة طبيعة أو خصوصية دعاوي الأحوال الشخصية حتى تحقق النتيجة المرجوة منها مثل حصول الزوجة على نفقة مؤقتة أثناء رفعها قضية طلاق للضرر حتى يتم الفصل في القضية وهو ما لا يتم تنفيذه على أرض الواقع.
وترى جيهان أبو زيد، مؤسسة إحدى الجمعيات المهتمة بقضايا المرأة أن قلة عدد محاكم الأسرة وطول فترة التقاضي أبرز المشكلات التي تواجه المرأة حال تقدمها بدعوى خلع أو طلاق للضرر، داعية الجهات المعنية إلى الإسراع في صرف النفقة بشكل عاجل وسريع لحماية النساء من الضياع بسبب قصر ذات اليد.
وتتطلع جيهان إلى أن يتضمن قانون الأحوال الشخصية مادة تضمن للمرأة الحصول على كافة حقوقها المادية في قضايا الخلع إذا ثبتت حاجتها المادية وعدم قدرتها على توفير نفقاتها وأبنائها، لافتة إلى أن العديد من النساء يلجأن إلى دعاوى الخلع للتخلص من ظلم الرجال وهو ما يصعب إثباته في دعاوى الطلاق للضرر، متسائلة: لماذا تتنازل الزوجة عن حقوقها المالية في قضايا الخلع رغم وجود أسر فقيرة تفتقر للسند المالي، أليس التشريع من شأنه تسهيل حياة الناس وفض الصراعات وتهدئة الأجواء وعدم التضييق على النساء؟
وتنهي أبو زيد حديثها قائلة: يجب أن يراعى قانون الأحوال الشخصية مصلحة الصغار ليخرج أطفالا أسوياء يساهمون في بناء مجتمع سليم، وأخيرا أناشد الزوج بضرورة احترام إرادة الزوجة عندما ترفض استمرار الحياة مع حفظ كل الظروف والحقوق التي تسمح باستمرار الحياة للمرأة بشكل يحفظ كرامتها.
***
قضايا الخلع
رغم صدور قانون الخلع منذ عام 2000 إلا أن الإحصائيات الرسمية لم تحصر حالات الخلع بصورة واضحة حتى عام 2008 والذي اعتبر به الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الخلع أحد أسبابا الطلاق الصادر بها حكم نهائي ليسجل 48% من حالات الطلاق.
ظلت هذه النسبة في تزايد لتسجل 66% عام 2010، ثم 67 فى 2012، لتبلغ أعلى مستوى لها عام 2014 بنحو 75%.
ورغم انخفاض نسب الخلع عام 2016 إلى 70% إلا أنه لا يزال سببا رئيسيا من أسباب الطلاق ويمثل نسبة مرتفعة للغاية تصل إلى ثلثي الأحكام الصادرة بالطلاق النهائي.
ساحة النقاش