أم لكل شهيد، وعون لكل مصاب هكذا كانت وما زالت المرأة السيناوية التى ضربت أروع الأمثلة فى الفداء والتضحية خلال الحروب التى شهدتها مصر لتقف جنبا إلى جنب مع المجاهدين من أبناء أرض الفيروز، وتعمل كدليل للفدائيين الذين رفضت حميتهم الوطنية أن تظل أرض سيناء فى أيدى العدو الصهيونى لتستحق بجدارة لقب مجاهدة.

37 عاما على تحرير سيناء ولا تزال السيناوية تسطر التضحيات والبطولات..

مثلت فترة ما بعد نكسة 1967 معاناة كبيرة شاركت فيها المرأة السيناوية بإيجابية في المقاومة حيث ساعدت فى تهريب الفدائيين وعلاجهم وتوصيلهم إلى الأراضي المصرية عبر طرق لم يعرفها العدو، ورغم الظروف الصعبة التي عاشها المجتمع السيناوي أثناء حرب الاستنزاف إلا أن المرأة السيناوية كانت بمثابة أقمار صناعية للمخابرات المصرية تمدها بالمعلومات عن تحركات العدو من خلال عملها فى رعى الأغنام أو تجارة الأقمشة التى مكنتها من دخول سكنات العدو والتجول بين جنوده واستخلاص المعلومات التى ساعدت القيادة المصرية فيما بعد على شن ضربات استباقية للتحركات الإسرائيلية، وعلى مدار سنوات من الاحتلال لم ينجح العدو الإسرائيلي تجنيد أحد أبناء سيناء حيث زرعت المرأة السيناوية في نفوس أبنائها حب الوطن.

وفى حرب أكتوبر كان للسيناويات الأثر الأكبر بجانب البواسل من أبناء القوات المسلحة فى العبور العظيم، فإلى جانب إعداد الطعام للجنود وتقديم الرعاية الصحية من تضميد لجراح المصابين كانت المرأة السيناوية ترعى الإبل والغنم لإخفاءآثار المجاهدين الذين يقومون بعمليات فدائية، بالإضافة إلى توصيل التعليمات من القيادة إلى الخلايا الموجودة بسيناء للمساعدة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بخلاف مراقبتها لحركة العدو ومعداته وإبلاغ القوات المصرية.

سيدات فى زى عسكريات

لم يقتصر دور المرأة السيناوية على تقديم المساعدة للجنود أو نقل المعلومات بل كان لبعضهن نصيبا من تنفيذ عمليات استهدفت تدمير مدرعات وآلات حربية تابعة لقوات الاحتلات وذلك بعد تلقى التدريبات اللازمة من المخابرات المصرية، وقد سجل التاريخ عددا من هؤلاء المجاهدات منهن فرحانة حسين سالم،شيخة المجاهدات التى اتخذت من تجارة الملابس وسيلة لنقل المعلومات، حيث كانت تنقل تلك الملابس للصليب الأحمر فى عهد الاحتال ما مكنها من التنقل بين ثكنات العدو ومخيماته ب «بؤجة » تحمل بها بعض الأقمشة التى قررت أن تبتاعها للأعداء، وبعد النكسة قررت أن تنطلق بين صفوف المجاهدين وتخرج من سيناء لتتلقى أولى التدريبات الخاصة بنقل معلومات عن العدو الصهيونى، وكان من أبرز بطولاتها تفجير قطار العريش الذى كان محملا بمؤن ومعدات لقوات الاحتلال، والحصول على خريطة مطار «الدورة ،» وتصوير أحد أهم القواعد الإسرائيلية فى «كامب ياميت »، ورغم نضال فرحانة وما قدمته من بطولات لم يعرف أبناؤها ما قامت به من عمليات فدائية إلا من خلال تكريم الرئيس الراحل أنور السادات لها.

فوزية وهند

تلقت فوزية محمد أحمد الهشة تدريبات خاصة من المخابرات المصرية لتتمكن من نقل المعلومات والرسائل من القيادة بالقاهرة إلى سيناء حتى عجزت وحدات جنود التفتيش الإسرائيلية عن كشفها، وكانت تنفذ وزوجها عمليات فدائية ضد الاحتال وينقلان مفرقعات عبر قناة السويس إلى العريش وسيناء، وكان من أبرز عملياتها تدمير إحدى سيارات الدوريات الإسرائيلية من خلال زرع الألغام وشقيقها الذى احتجزته قوات الاحتلال مع زوجها لمدة شهرين حيث أذاقوهما أشد ألوان العذاب.

أما السيدة هند فقد كانت تستغل أغنامها للتجول فى الصحراء لإخفاء آثار الجنود المصريين، وذات يوم وجدت النقيب جميل وهبة مصابا فى الصحراء ودمه ينزف بغزارة، فحملته إلى خيمتها وقدمت له الرعاية حتى استعاد صحته، وكانت تصطحبه هند وهو متنكر فى الزى البدوى من سيناء إلى الإسماعيلية لينقل المعلومات لمرافقيه لتنفيذ عملياتهم العسكرية ضد قوات الاحتلال.

أسماء عديدة سجلها التاريخ عن تضحيات السيناويات منها ودواد التى خدعت الحاكم العسكرى عازرا وايزمان، وعائشة الهشة، والسيدة فهيمة التى تم تجنيدها لمعرفة تحركات العدو على خط بارليف ونوع السلاح وعدد القوات وغيرهن الكثيرات اللائى دافعن عن أرض الفيروز حتى أجلى عنها آخر جندى إسرائيلى ليقفن وقفة لا يقوى عليها إلا الرجال.

ولا تزال المعاصرات من السيناويات يستكملن دور جداتهن فى المساعدة على تطهير سيناء من براثن الإرهاب كالرجال أو أشد بأسا دون النظر إلى المخاطر التى قد يتعرضن لها وأسرهن، حيث قررن استكمال نفس الطريق الذى سارت عليه أمهاتهن وجدّاتهن فى مقاومة المحتل الإسرائيلى لسنوات، ومنهن سلوى الهرش، حفيدة المجاهد الشيخ سالم الهرش وسوسن خطاب وغيرهما الكثيرات.

المصدر: كتب : محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 873 مشاهدة
نشرت فى 25 إبريل 2019 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,827,644

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز