بقلم : إقبال بركة
كنت أجلس مع صديقة إنجليزية نحتسى الشاي فى أحد مقاهى لندن وإذا بها تنتفض واقفة وتعتذر بأنها يجب أن تغادر فورا لأنها على موعد مهم, سألتها مازحة: من المحظوظ؟ قالت: سيدة فى الثمانين تطوعت برعايتها والقراءة لها ساعتين كل يوم, حدث ذلك منذ سنوات عديدة وكانت المرة الأولى التى أسمع بها عن جمعيات أهلية لرعاية المسنين فى إنجلترا حيث يتطوع الشباب بعدة ساعات بعد العمل يقومون فيها بزيارة مسنين عاجزين عن الحركة لتقديم ما يحتاجون له من خدمات، أو اصطحاب مسنين قادرين على السير إلى الحدائق أو دور السينما والمسارح وخدمات أخرى عديدة, بدا لى الأمر غريبا فنحن فى البلاد العربية نرعى أهلنا المسنين بقدر ما نستطيع وما نملك من وقت ومال, ولكن بعد أن اطلعت على الخدمات التى يقدمها المتطوعون الشباب أدركت أن ما نقدمه قليل جدا ولا يكفى، وأن المسن ليس بالضرورة ذلك الشيخ ضعيف البصر أو غير القادر على الحركة، بل يمكن أن يكون فى صحة طيبة وقادر على العمل ولكن القانون حرمه من عمله عند بلوغه سن التقاعد، فكما يقال الشيخوخة ليست فقدان الشباب وإنما مرحلة جديدة للفرصة والقوة.
ولا شك أن الدولة تقدم الكثير من الرعاية والدعم للمسنين ولكنه لا يكفى بل لابد أن تنشط الجمعيات الأهلية فى هذا المجال وتشجع الشباب على الانضمام لها وتقوم بتدريبهم وتقديم المعلومات الوافية لهم لكى يقدموا الخدمات المطلوبة بحماس ورغبة صادقة فى العطاء المعنوي.
إن العالم مقدم على مرحلة جديدة سيكون المسنون فيها أغلبية السكان، ووفقا لما ذكره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في بيانه بمناسبة اليوم العالمى للمسنين أول عام 2019 بلغ عدد المسنين 6.5 مليون مسن منهم (3.5 مليون ذكور، و3.0 مليون إناث) بنسبة 6.7% من إجمالى السكان, ووفقا لما ذكره بيان وزارة التضامن يتبع الوزارة 149 دارا للمسنين على مستوى 22 محافظة بإجمالي عدد مستفيدين 2710 مسن، وهو عدد لا يكفى خاصة وأن أغلبية كبيرة من المسنين فى مصر أميون ومصابون بأمراض الشيخوخة وأمراض مزمنة ويقيمون فى مساكن لا تناسبهم ولا يحصلون على رعاية صحية منتظمة, لذلك لابد من جهود متضافرة مع وزارة التضامن ومع الجمعيات الشبيهة من بينها على سبيل المثال جمع التبرعات من القادرين لبناء المزيد من الدور فى كل محافظات مصر وتطوير الدور الموجودة, إن أثرياء مصر مطالبون بالتبرع لوزارة التضامن الاجتماعى لكى تنفذ خطتها المستقبلية ومنها أولا إنشاء مجلس قومي متخصص لكبار السن أسوة بالمجالس القومية المتخصصة الأخرى ليقدم مشروع قانون حقوق المسنين وإعلان وثيقة حقوق كبار السن على غرار وثيقة حقوق الطفل والحصول على قرار سيادي يلزم الجهات المانحة للخدمات من الوزارة والهيئات والمنظمات في تقديم تيسيرات لكبار السن التوسع في التسهيلات المقدمة للمسنين لرفع المعانة عن كاهلهم, كذلك التوسع في إنشاء دور إقامة لكبار السن بالمجان لمواجهة التزايد في الإعداد لطالبي هذه الخدمة من غير القادرين ماديا، وإنشاء منتجعات لكبار السن ومشاتى لهم في كل المحافظات..
وأخيرا لابد من إعداد وتأهيل خدمة جليس المسنين، ومشروع رفيق المسن وكل عام والمسنين فى مصر بخير وصحة وسلامة.
ساحة النقاش