كتبت : أسماء صقر

"ما حدش يحب حد أحسن منه إلا ابنه".. رغم صدق ذلك المثل الشعبى الذى يؤكد صدق المشاعر بين الآباء والأبناء إلا أن البعض قد تنشأ لديه غيرة بسبب تكريس بعض الأمهات اهتمامهن للأبناء ما يشعر الرجل بالإهمال العاطفى وتنشأ لديه غيرة من أبنائه، وقد يختلف الوضع مع الأمهات اللائى يعانين الإهمال من أزواجهن الذين يحرصون على تلبية طلبات أبنائهم رغم وجود المشاعر المتبادلة بينهما، فكيف تتجنب المرأة والرجل - على السواء - المشكلات الناتجة عن ذلك الإحساس، وهل حقا يمكن أن تشتعل نار الغير فى قلبي آدم وحواء من أبنائهما؟ هذا ما حاولنا الإجابة عليه فى جولتنا التالية.. 

 

فى البداية تقول د. عزة أحمد صيام، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها: مع بداية الحياة الزوجية يسعى الطرفان لإرضاء بعضهما، لكن بعد إنجاب الأولاد قد يتغير الأمر كثيرا حيث تتوزع اهتمامات الأم بين الأبناء ومسئولية تربيتهم والزوج، وعادة  يكون التقصير من نصيب الأخير، كما أن هناك آباء يهتمون بأبنائهم بشكل أكبر من الأم نتيجة ظروف عملها، ليبدأ الزوج أو الزوجة فى الشكوى والتذمر من كثرة الانشغال بالأبناء ومقارنة الوقت والجهد المخصصين للأبناء والطرف الآخر.

وتتابع: يجب حرص كل من الزوجين على إيجاد التوازن العاطفي داخل الأسرة، والحرص على تدليل كل منهما للآخر دون تفريط أو تقصير لتجنب الشعور بالفتور العاطفي الذى يعد أحد مسببات الطلاق.

 

ويقول د. عبد المنعم شحاتة، أستاذ علم النفس بجامعة المنوفية: تعرف الغيرة بأنها أفكار وأحاسيس وتصرفات تحدث عندما يفقد الشخص الثقة والاهتمام من الطرف الآخر، وينتج عنها حدوث خلافات بين الزوجين كاللوم المتكرر من عدم الاهتمام بالطرف الذي يشعر بالغيرة، والعناد في متطلبات الأبناء والتقصير ماديا في احتياجاتهم، علما بأن مشاهدة الأبناء لهذه الخلافات تزيد من العدوانية داخل نفسيتهم، لذا يجب على الزوجين تجنب الشجار أمام الأبناء حيث أظهرت نتائج البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية أن الأبناء الذين يشاهدون مشاحنات والديهما أكثر عرضة للمخاطر، إذ كشف مسح سنوي تكرر لمدة ست سنوات لعينة من المراهقين قوامها 1042فردا أن مشاهدة الأبناء العنف المتبادل بين الوالدين يجعلهم أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالاضطرابات النفسية كالاكتئاب والعدوانية وسلوك العناد والتمرد.

وتضيف: على الزوج أن يتفهم مسئولية الأم تجاه أبنائها فى مرحلة الطفولة والتماس العذر لها إذا قصرت قليلا فى شئونه وتشجيعها على تحمل المسئولية، موضحة أن الغيرة نوعان الأولى طبيعية ومنها الرومانسية التي تكون في بداية قصة الحب والزواج، والمرضية أو الوهمية والنفسية وتتحكم فيها العديد من الأسباب منها الشعور بانعدام الأمان وعدم النضج أو وجود مرض نفسي كالهوس.

 

القدوة والحرية

توضح د. إيمان خميس، أستاذ علم نفس الطفل بجامعة المنوفية أهمية وجود التوازن العاطفى بين أفراد الأسرة قائلة: لا شك أن لكل من الزوج والزوجة حب خاص، وغريزة الأبوة والأمومة حب وعاطفة أخرى، فالغيرة من الانشغال بالأبناء ومحاولة ضم إحدى الطرفين لهم والشعور بالضيق والغضب من قبل الطرف الذي يشعر بالغيرة هي محاولة لجذب الانتباه للطرف الذي قصر وأهمل فى حقه، مؤكدة على ضرورة وجود احترام متبادل بين الوالدين كي يتعلم الأبناء كيفية التعامل مع الآخرين، مع ضرورة فتح حوار بين الوالدين والأبناء ومنح الأبناء حرية التعبير والاستقلالية في الرأي وتشجيعهم على تحمل مسئولية قراراتهم الحياتية.

حلول مشتركة

ترى د. هاجر مرعى، خبيرة العلاقات الأسرية واستشاري الصحة النفسية أن الزواج يمر بحالات مختلفة من التقلب منها السلبي والإيجابي، وتقول: يعتبر الكثير من الأزواج تزايد الاهتمام بالأولاد من قبل أى من طرفى العلاقة الزوجية أمر طبيعى إلى أن يصل إلى مرحلة كبيرة من التراكم المؤذى نفسيا وتربويا والذي يؤثر على فكرة الاستمرار في الزواج أو الانفصال، ولعل من أشهر الكلمات التي يطلقها الأزواج على حالتهم الزوجية كلمة "الخرس الزوجي أو الملل" لكن المهم معرفة أسباب هذا الملل، ومنها الغيرة وفقدان القدرة على التواصل مع الطرف الآخر، ويشعر الأبناء فى هذه الحالة بفقدان الأمان والخوف من الانفصال لذا أنصح بتجنب مشاعر الغيرة من خلال إرضاء الزوجين بعضهما البعض والإحساس بالسعادة والبهجة داخل الأسرة واحتضان الأبناء، والمشاركة فى تقديم الهدايا لهم، والتركيز على السلبيات ومعالجتها وتقوية الثقة بينهما، وتتابع: يجب أن يهتم الطرفان بمشاركة بعضهما في النجاحات التى يحققانها سواء فى العمل أو تفوق الأبناء فى الدراسة والحديث بشكل دائم عن الخطط المستقبلية للأبناء، وترتيب الأولويات الحياتية بالنسبة للزوجين والأبناء وطرح الحل الإيجابي لأي مشكلة تواجه الأسرة.

 

 

تشير د. هاجر إلى أهمية استماع كل من الزوجين لبعضهما البعض وكذا الأبناء انطلاقا من أن كل إنسان يحتاج من يسمعه ويشاركه عواطفه الوجدانية وأفراحه وأحزانه التي يمر بها، مشددة على ضرورة استخدام كلمات المدح واسترجاع الذكريات الجميلة مع الأبناء كل هذا من شأنه تجديد الود في القلب، محذرة من التشاجر أمام الأبناء، وموضحة أن من شأن الخلافات الزوجية التأثير بالسلب على نفسيتهم وإفقادهم الثقة بالنفس والتأخر الدراسى، ناصحة الوالدين بتعزيز الثقة بالنفس لدى الأبناء باعتبارها أحد المهام الأساسية للأبوين وأسس تنشئة الأبناء بطرق سليمة تسهم في بناء شخصياتهم القوية القادرة

على اتخاذ القرارات وتحمل المسئولية ومواجهة المشكلات في المستقبل.

المصدر: كتبت : أسماء صقر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 364 مشاهدة
نشرت فى 29 فبراير 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,863,533

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز