حوار : محمد عبدالعال
تعد الشائعات سلاحا يستخدمه أعداء الوطن لهز الثقة وزعزعة الاستقرار، ومع انتشار فيرس كورونا باتتأداة لتحقيق غايات خبيثة،وفي ظل التزاحم الإعلامي على كل ما يتعلق بتغطية أخبار كورونا نجد أن الكثير من الشائعات التي تطلق بقصد أو بدون تنتشر بسرعة بين أفراد المجتمع عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى أو فى النقاشات العامة ما يثير المزيد من التوتر والقلق فى صفوف المواطنين, ولمعرفة مصدر تلك الشائعات وطرق مواجهتها كان لنا حوار مع د. محمود علم الدين،أستاذ الصحافة جامعة القاهرة وعضو الهيئة الوطنية للصحافة.
فى البداية ماذا عن الشائعات فى زمن كورونا؟
تعد فترة انتشار فيروس كورونا بيئة خصبة
للشائعات التى هى فى الأساس معلومة متداولة غير دقيقة تنتشر عن قصد أوغير وينتج ذلك لقلة المعلومات المنشورة عنها, وبالنظر إلى هذا الوباء نجد أن كل ما يقال عنه أو الأغلب افتراضات لم تصل للحقيقة، ففى كل يوم ينشر خبر اكتشاف لقاح أو مصل أو على سبيل المثال القول إن الفيروس لايصيب الأطفال,وخلال ساعات تتبخر تلك المعلومة أو يثبت عدم صحتها، بخلاف عدم معرفة مصدر المرض وتطوره هل انتقل من الحيوان للإنسان أما أنه مخلق داخل مختبر, وهو ما فتح الباب لتبادل الاتهامات بين الدول الكبرى ونشر العديد من الأخبار عن أساس ومصدر العدوى فتحولت إلى اتهامات سياسية كثرت بها المعلومات الصحيحة والمغلوطة.
هل من الممكن تحديد مصدرتلك الشائعات؟
فى زمن كورونا مصر لاتحارب المرض فقط فجماعة الإخوان الإرهابية أو خوارج العصر هى المصدر الرئيسي لتلك الشائعات المغرضة, فهم المستفيدون من زعزعة ثقة المواطن فى أجهزة الدولة والتشكيك فى استعداداتها والإجراءات المطبقة أو التوجيهات التى تصدرها وزارة الصحة عن ضرورة ارتداء الكمامة على سبيل المثال فنجد من يروج إلى عدم جدوى ارتدائها وأنها تزيد من انتشار المرض, وهنا تريد تلك الجماعة تحقيق غرض أولى وهو انتشار المرض لانهيار المنظومة الصحية وعدم قدرة الدولة على المواجهة, وثانيا التشكيك فى الإجراءات الوقائية.
ما أنواع الشائعات التى من الممكن أن تنتشر فى زمن الجائحة؟
أولا شائعة ترتبط بالخوف من المرض, على سبيل المثال نشر مجموعة من الأوراق وادعاء أنها بروتوكول للعلاج صادرة من كلية الطب جامعة القاهرةأو وزارة الصحة، وهنا يساعد الخوف على انتشار مثل تلك البروتوكولات بين العامة وحتى أساتذة الجامعة والنخبة من المثقفين واستغلال مواقع التواصل الاجتماعى لنشرها دون سند علمى أو استشارة طبيب, فنرى الإقبال على سحب الأدوية من الصيدليات التى تخص بعض أمراض الروماتيزم أو الملاريا وخافض الحرارة للأطفال ما ينتج عنه أزمة فى سوق الأدوية تضر بالمرضى ولايستفيد منها غير مروجى الشائعات، بالإضافة إلى الشائعاتالتى يراها البعض إيجابية وهى شديدة الخطورة ففى أول الجائحة فى مصر كانت الأعداد قليلة والإجراءت قوية وهو ما أثر إيجابيا فى انحصار الفيروس عن بقية الدول, ومن هنا شاهدنا شائعات عن انتهاء المرض والتقليل من خطورته على عكس ما تصدره الدولة من تحذيرات مانتج عنه التراخى والاستهتار لتبدأ الأعداد فى الارتفاع وتصل إلى أكثر من ألف حالة يوميا، ومنها أيضا نشر أخبار إيجابية عن إعفاء المواطن من دفع فواتير الكهرباء والغاز لمدة ثلاثة شهور أو زيادة المعاشات وهو ما يشعر المواطن بالإحباط حين تنفى وسائل الإعلام تلك الأخبار.
نود التعرف على أساليب وطرق مواجهة تلك الشائعات؟
هناك عدد من المستويات لمواجهة تلك الشائعات الأول منها التعامل من خلال مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء وهو يبذل جهدا كبيرا فى التدقيق والمسح للمعلومة للرد على كل شائعة,ففى زمن الجائحة ليس من الضرورى أن تكون كل شائعة مرتبطة بالمجال الصحى, فنجد شائعة تؤثر على القطاع المصرفى على سبيل المثال أو تمس التعليم, وهنا يتضح أن الهدف تشتيت انتباه المواطن ولذا يقوم مركز المعلومات برصد كل تلك الشائعات والرد عليها.
ثانيا دور كل وزارة فى رصد والرد على الشائعة تصدر فى إطار عملها,فكل جهة حكومية لها المركز الإعلامى الخاص بها وهو المنوط بسرعة رصد كافة المعلومات والشائعات عن نشاطه اليومى, وهنا يأتى دور المركز الإعلامى فى إتاحة المعلومة للصحفيين باستمرار وهو ما يغلق باب الشائعة, فعلى سبيل المثالإصدار وزارة الصحة للبيانات وتحديثها بصورة مستمرة تحد من انتشار المعلومات المغلوطة حول المرض أو حالة مستشفيات العزل أو القدرة على تلقى المرضى الآخرين للرعاية الصحية كمرضى الأوعية الدموية أو السرطان وغيرها.
ثالثا يأتى العامل الأكثر أهمية وهو وعى المواطن وعدم تصديقه لأى خبر ينشر على مواقع التواصل الاجتماعى أو المساعدة فى انتشاره عبر التشير أو التعليق عليه، فعلى كل مواطن التفكير فيما حدث من وقائع وأحداث قبل نشر تلك الشائعةأو الخبر أو بعدها, وهو ما يساعده فى تفسير اتجاه المعلومة ورصدها ومحاولة معرفة المستفيد من نشرها.
وماذا عن دور الإعلام فى زمن الجائحة؟
لكل شائعة تعامل إعلامى مختلف, فهناك ما يتم رصدها من قبل أجهزة الدولة والصحافة والإعلام لكن لابد من تجاهلها لأن إلقاء الضوء عليها يساعد على انتشارها وأعطائها أهمية, وهنا يكون للصحفى دور فى متابعة المعلومة والتدقيق بها وتنقيتها للكشف عن ما يستحق النشر من عدمه، وهناك أيضا ما يستحق الرد والإيضاح بشكل مباشر من خلال تحقيقات صحفية أو مقالات وبرامج ترصد وترد أو تنشر بيانات مجلس الوزراء والجهات الحكومية والهيئات بطريقة مباشرة، وهناك نماذج أخرى تطبق الآن على طلبة المدارس فى بعض الدول كالبرازيل والولايات المتحدة تعرف بالتربية الإعلامية من خلال مقابلة الطلبة فى المدارس وتوعيتهم بدور وسائل الإعلام وطرق التمييز بين المعلومات الصحيحة والشائعة, بالإضافة إلى أن بعض وسائل الإعلام فى الدول المتقدمة التى بدأت بالفعل فى استخدام الذكاء الاصطناعى للتأكد من صحة الخبر ومتابعته فى وسائل النشر المختلفة.
هل هناك شائعات من الممكن أن تستهدف المرأة والشباب؟
من الممكن استغلال اهتمامات المرأة لنشر شائعة خاصة على سبيل المثال بتطعيمات الأطفال الرضع فى زمن الجائحة أو ما يخص إجازات الحاضنة بالنسبة للمرأة العاملة أو انتشار شائعات حولارتفاعأسعار بعض السلع أو قرب نفاذ سلعة بعينها أساسية ما يزيد من الطلب عليها، وهناك أيضا ما يستهدف الشباب من طلبة الجامعات والثانوى كنشر معلومات مغلوطة عن طرق تقديم الأبحاث أو إلغاء نظام الامتحانات وغيرها مما يربك الطالب ويؤثر على تركيزه، ومنها ما يخص الكورونا كعدم تأثر الشباب بالمرض ما يجعلهم يميلون للنزول والتجمعات مع أصدقائهم ويكونون مصدرا لانتشار العدوى بين الكثير من الفئات المختلفة.
ساحة النقاش