كتبت : ابتـسام أشـرف
مصدرها مجهول وأهدافها معلومة، زعزعة الاستقرار وهز ثقة الشعب فى حكومته ودورها فى مواجهة الأزمات، حقيقة أكدتها أزمة كورونا التى استغلها البعض فى ترويج الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعى التى باتت فى متناول الجميع وبديلا سريعا للفضائيات، فبضغطة زر أو إعطاء أمر «للأندرويد » يتبادل آلاف المستخدمين المعلومة دون التحقق من مصدرها أو صحتها لتظل شائعات السوشيال ميديا حروبا خلف الكيبوورد، فكيف يمكنك التعرف عليها ومواجهتها؟
فى البداية تقول مروة سامي، ربة منزل: نواجه العديد من الشائعات مؤخرا خاصة المتعلقة بالأدوية التى تستخدم فى علاج كورونا، فنجد بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تضع روشتة وهمية يتم تشاركها بين آلاف المستخدمين ما يتسبب فى زيادة الطلب عليها فى الصيدليات فتحدث أزمة في بعض الأدوية، لذا لابد من الاعتماد على المصادر الرسمية التابعة لوزارة الصحة لمعرفة البروتوكلات العلاجية وعدم الانسياق وراء الشائعات التى يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعى.
وتقول أميمة محمد، مدرسة: أكبر شائعة أصابتني بالذعر نشر صورة مزورة بأعداد الحالات المصابة قبل صدور البيان الرسمي لوزارة الصحة بها أعداد مضاعفة للأرقام الصحيحة والتى انتشرت كالنار في الهشيم في دقائق معدودة، وهو ما دفعنى للتساؤل من المستفيد من بث الذعر فى نفوس الناس وترويج الشائعات؟ لذا لم أعد أثق في السوشيال ميديا بشكل عام خاصة فيما يخص جائحة الكورونا واتجهت من خلال محركات البحث للمواقع الرسمية للدولة فنحن نشهد عصر من الشفافية البالغة.
أهواء شخصية
"الجميع يستغل الأزمة" بهذا بدأ مصطفى ياسر حديثه ويقول: لا شك أن فى كل منطقة سكنية هناك من يروج للشائعات بإصابة البعض بالمرض دون التأكد من ذلك فقط لأنه سمع من بائع "السوبر ماركت" أن المنطقة الفلانية بها أعداد مهولة من المصابين ولا أحد يجد المعلومة من مصدر موثوق، حتى أننى اكتشفت بالصدفة أن بائع الخضار بمنطقتى السكنية من خلال حساب شخصي مزيف نشر أن أسعار الخضراوات والفاكهة ارتفعت بسبب نقصها فى الأسواق، وذلك لم يحدث حيث إن جميع المنتجات متواجدة ومتوفرة وذلك ما صرح به وزير الزراعة ونقيب الفلاحين وأكدا أننا لدينا وفرة في الخضار والفاكهة والسلع الأساسية جميعها.
وترى إيمان محمود أن الشائعات وراء خلق الأزمات وتقول: هناك من يستخدم الشائعات لتحقيق أغراض خاصة فعلى سبيل المثال نجد الكمامات تباع الآن على مواقع التواصل الاجتماعى كأنها سلع عادية رغم أنها متوفرة في منافذ الدولة وبأسعار أقل وجودة أعلى لكن لوجود شائعة بنقصها فى الأسواق دائما نجد العديد يشتري كميات كبيرة ويخزنها رغم أن الدولة لديها مصانع تعمل على توفير الكمامات لكن تلك ضريبة السوشيال ميديا وعدم وجود رقابة عليه.
وتقول سمية لطفي، محاسبة: نواجه الشائعات في كل مكان عبر الانترنت وفى المنزل وبين الجيران، لكن حتى شائعات المنزل والسوق أساسها مواقع التواصل الاجتماعى، فعلى سبيل المثال أرسلت لي صديقة رقما وقالت لي إنه سيوفر لي سريرا في مستشفي في حالة أصبت أو أحد أفراد أسرتى بفيروس كورونا، ما أثار تعجبى ودفعنى للتساؤل كيف سيوفرون لي سريرا في مستشفى ولا معلومات لدى أكثر من رقم على صورة منتشرة في كل مكان؟
ثقة متبادلة
يعلق د. سعيد صادق، أستاذ الإعلام السياسي على تداول الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعى قائلا: الثقة بين الإعلام الوطني والشعب هي الأساس، كما أن على الدولة توفير المعلومات لأجهزة الإعلام حتى تتمكن من نشر الحقائق ودحض الشائعات، لذا أرى أن الشائعات نتاج الفجوة بين الإعلام والأجهزة المختصة بالدولة، كما أن "السوشيال ميديا" مخترق من الإعلام المعادي وأعداء الوطن الذين ينشرون كل ما تشتهي أنفسهم ليخترقوا صفوف الجماهير وينشرون الذعر والإحباط بينهم بل يزعزعون ثقتهم فى مصادرهم الرسمية وهو ما يعد أحد الأسلحة الناعمة، ويساهم في ذلك بعض الجرائد والمواقع الصفراء التي تسعى فقط لتحقيق أعلى نسب المشاهدة، وفي بعض الأحيان تكون تلك المواقع مصدرهم وليس العكس، بجانب المواقع العالمية التي لديها توجه وانتماء سياسي مختلف وتنشر المعلومات التي تؤذي بعض الدول وتساند أخرى، لذا على الدولة خلق إعلام منظم لديه المعلومة السريعة بطريقة تصل إلى الجميع بشكل بسيط وميسر لكنها تحمل الحقيقة الكاملة، إعلام لديه الحرية التي تشبه السوشيال ميديا لكنه يساند الدولة ويحمل المهنية المطلوبة.
أسباب نفسية
ترى د. هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع أن وجود أشخاص غير مكتملي الوعي على "السوشيال ميديا" هي الأزمة الحقيقية، وتقول: يوجد أشخاص يتلقون فقط المعلومات ويساهمون في نشرها دون وعي أو مراجعة بسبب معاناتهم فراغ فكري يجعلهم يدخلون إلى مواقع التواصل الاجتماعي كالوعاء الفارغ الذي يشتهي أي معلومة للملء فقط، لكن المصد لهؤلاء من لديهم الوعي المكتمل والرؤى الواضحة التي تسعى لأخذ المعلومة من مصدرها الرسمي الصحيح، وتلك الشخصية تتميز بالعقل النقدي الذي يجعله يستقبل فقط المعلومة ذات الركائز دون إهمال ثقافة المجتمع والعائلة.
ساحة النقاش