كتبت : أماني ربيع
التواضع من القيم الجميلة التي يحثنا عليها على الدين والأخلاق، فهو أمر يشي بالتربية الأصيلة للشخص التي تجعله مهما علا شأنه قريبا من الناس وبسيطا معهم، ما يجعل حبل الود ممدودا دوما بينه وبين الآخرين، لكن أحيانا ما يصبح الإفراط في التواضع مع بعض الأشخاصأمرا غير محمود، خاصة لو استغله هؤلاء الأشخاص بصورة سيئة, وبدلا من تقدير تعاملك الطيب معهم قللوا من احترامك.
في التحقيق التالي سنتعرف على بعض التجارب وكيف يتعامل البعض مع الأمر..
تقول أميمة صلاح،32 سنة, صاحبة مشروع للمصنوعات اليدوية:تعرضت لتجربة سخيفة مع أصحاب شقيقتى الصغرى, ورغم الفارق العمرى بيننا إلا أننى لا أشعر بذلك حيث تجمعنا نفس الاهتمامات، كما أننى حريصة على إقامة صداقات مع أصحابها لكسب ثقتهم، ولأطمئن على أحوالها بصورة غير مباشرة, وعندما كانوا يأتون إلى المنزل كنت أمزح معهم وأعد لهم المأكولات الخفيفة، لكن بدأ الأمر يتحول إلى نوع من قلة الاحترام و"هزار" سخيف أمام الآخرين ما كان يعرضنى للإحراجخاصة عند وجود خطيبي، لذا اضطررت لأخذ قرار حاسم وأصبح التعامل معهم رسميا حتى أدركوا خطأهم واعتذروا لى.
نفس الموقف تكرر مع سلوى مشهور، مدرسة التي أرادت تكوين صداقات مع طالباتها وتعاملت معهن بحب حتى تكسر حاجز السن ويفتحن قلوبهن لها لكن للأسف فهمن تواضعها بطريقة سلبية ما جعلها تتبع أسلوبا آخرأكثر حزما.
في العمل.. كارثة
أما محاسن عبد الله، 25 سنة، خريجة كلية ألسنفتقول: اشتركت في ترجمة كتاب مع زميل لي، ومن طبيعتي أنني خجولة ولا أحب الحديث عن نفسي كثيرا، وعند تقديم الكتاب للمراجعة حصلنا على ثناء كبير، بصراحة كنت قد قمت بمجهود مضاعف مقارنة بزميلي لأنه كان يمر بظروف صعبة لكن عندما قام المدير بإحضارنا للحديث عن العمل تحدثت بصورة طيبة عن مجهوده ورددت بشكل تلقائي أنني لم أفعل شيئامن قبيل أن هذا عملي وواجبي لكن كلامي تم فهمه بشكل خاطئ، حيث بدأ زميلييبالغ في الحديث عن مجهوده وتعبه ويغفل الحديث عني وتعاوني معه ما جعل المدير يظن أن الفضل كله له، شعرت بالغضب الشديد، ووقتها تعلمت الدرس جيدا وعرفت أن من الخطأ أن أقلل من مجهودي تحت أي مسمى.
أما محمود مرتضى، مهندسفيقول:يقلل التواضع أحيانا من مجهود الشخص، فعندما ترد بصورة متواضعة على شكر يفهم أنك لم تتعب في هذا العمل، وأحيانا يظن البعض أن بإمكانهم التقليل من شأنك أو التسلق على كتفيك، أو حتى يعتبرك البعض تابعا لهم، لذا يجب أن نختار متى نكون متواضعين؟ ومع من وكيف نظهر هذا السلوك؟ فهو لا يعني أبدا التقليل من شأن الإنسان.
في حدود
ترى د. صوفي أبو طالب، خبيرة التنمية البشرية وعلم النفس السلوكي أن التواضع يجب أن يكون في حدود ومشفوعا بقوة شخصية، وتقول: بعض الأشخاص من أصحاب النفوس الضعيفة يفسرونه ضعفا، أو أن الشخص المتواضع طيب، ويمكن أن نتجاوز معه ونتعامل معه كما يحلو لنا، كما أن المسألة ليس لها علاقة بالسن لكن بالأخلاق، وإذا كان التواضع يتحلى به الشخص فعلى من يقدم لهم المعاملة الطيبة أيضا أن يتحلوا بصفة الأخلاق ليتفهموا هذا السلوك بصورة صحيحة.
ساحة النقاش