كتبت : أماني ربيع

من أجمل الأصوات التي صدحت بآيات القرآن، ولد عام 1922، ومنذ طفولته كان يتمتع بثقة كبيرة في نفسه وموهبته، أتم حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة في كتاب القرية، شعر أن كتاب الله هو طريقه في هذه الحياة، وحتى في سنه الصغيرة كان يستمتع بقراءته في مسجد القرية ببهتيم في القليوبية قبل آذان العصر، وكان يطلب أحيانا أن يرفع الآذان بدلا من المؤذن الذي رفض ذلك.

لكنه كان واسع الحيلة، فبدأ يرتل القرآن بصوت مرتفع، وجذبت حلاوة صوته مرتادي المسجد من المصلين، وبدأوا في الالتفاف حوله ليستمتعوا بتلاوته بعد الصلاة، ثم بدأوا يتساءلون من هو ومن أهله حتى عرفوا أنه محمد ذكي يوسف الذي نعرفه باسم كامل يوسف البهتيمي.

كان أول أجر يتقاضاه هو 25 قرشا، ورغم سنه الصغيرة كان الإعجاب بصوته يتزايد، وأمام موهبته وتصميمه، سمح له مؤذن المسجد برفع الآذان حتى يشجعه، كما شجعه على قراءة القرآن قبل الصلاة حتى ذاع صيته وانتشر في القرى المجاورة وبدأ يتلقى الدعوات لإحياء السهرات والحفلات.

أصبح قارئا معروفا، ويقرأ قرآن الجمعة بمسجد القرية، الذي كان ينتظره الأهالي بفارغ صبر للاستمتاع بصوته، ظل على هذا الحال حتى حل عقد الخمسينيات وحلت معه الشهرة على الشيخ الشاب.

اللافت أنه لم يدرس في معاهد القرآن أو تعليم القراءات أو حتى يدخل المدرسة الإلزامية الحكومية، لكن أداءه المنضبط جاء بالممارسة والاستماع الجيد والخبرة، وكان يحب الاستماع للمشايخ مثل: محمد رفعت ومحمد سلامة والصيفي وعلى حزين، وهكذا شرب أحكام التلاوة دون أن يشعر.

لعذوبة صوت الشيخ البهتيمي ذهب إليه الشيخ محمد الصيفي ليعلمه في مسقط رأسه ببهتيم عام 1953، وطلب منه أن يصبح ضيفه في القاهرة، وقد كان وعاش في بيته بحي العباسية، ومن هنا بدأ الطريق إلى الشهرة، عندما ضمه الصيفي إلى بطانته وقدمه للناس في الحفلات والسهرات باعتباره اكتشافه.

وبعد أن اشتد عوده وذاع صيته بدأ في إحياء الليالي بمفرده ولقى في ذلك تشجيع أستاذه الصيفي الذي رفع من ثقته وحثه على الاستمرار بمفرده لتذيع شهرته في أنحاء القاهرة.

وعرض عليه الصيفي التقدم لامتحان الإذاعة أمام لجنة اختبار القراء، وخشي وقتها الإحراج بسبب عدم إلمامه بعلوم وأحكام القرآن خاصة أنه لم يدرسها، لكن الصيفي والشيخ علي حزين أقنعاه بأن مسألة الدراسة لا تقلل من حجم موهبته فذهب للامتحان ونجح بامتياز .

وتعاقد بعدها مع الإذاعة المصرية مقابل 4 جنيهات شهريا، ثم عين قارئا لقرآن الجمعة بمسجد عمر مكرم في التحرير بالقاهرة وظل هناك حتى وفاته.

كان مفضلا عند الرئيس عبدالناصر الذي كان يطلبه لإحياء الكثير من الحفلات التي تقام بمقر رئاسة الجمهورية، وأصبح أسلوبه مدرسة في الأداء مستقلة بذاتها، أهله أسلوبه ليصبح نجما وسط كوكبة من نجوم التلاوة في العصر الذهبي.

وفي عام 1967كان يُحيي مأتما في مدينة بورسعيد وفي منتصف المأتم لم يستطع مواصلة القراءة وثقل لسانه وعجز عن النطق ثم أصيب بعد ذلك بشلل نصفي عولج منه، وبعد استرداد عافيته لم يعد صوته مثلما كان لكنه استمر في إحياء الحفلات.

وفي عام 1969، عاد من إحدى السهرات في حالة إعياء شديدة، وقال الأطباء أنه أصيب بنزيف في المخ ليفارق الحياة بعدها بساعات، يوم 6 فبراير 1969، وهو لا يزال في السابعة والأربعين من عمره.

المصدر: كتبت : أماني ربيع
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 510 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,456,303

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز