إشراف:إيمان عبدالرحمن - سماح موسى - هايدى زكى - جلال الغندور - أماني ربيع
بعد زواجي بأسابيع سقط قناع زوجي فطلب مني شبكتي لسداد ديونه لتبدأ معها سلسلة من التنازلات المادية وآخرها طلبأموالا من أهلي بحجة استخدامها في إنشاء مشروع خاص به، ورغم تنفيذى لرغباته ومساندة أهلى له إلا أن علاقتنالا تخلو من التجاوزات والإهانات والضرب ما دفعنيإلى طلب الطلاق،لكنه قابل ذلك بالرفض والتهديدبأن يتركني كالمعلقة، فوجدت أنه لاسبيل لي إلا الخلع وبالفعل حصلت علىحريتي.
تلك الواقعة ليست سوى مثال لكثيرات عانين الأمرين من تعنت الأزواج فى تطليقهن ليجدن فى الخلع طوق النجاة من علاقة زوجية فاشلة، لكن ترى هل يقف تعنت الأزواج سببا رئيسيا وراء ارتفاع أعداد قضايا الخلع أم أن هناك أسبابا أخرى؟
سماح موسى
في البداية تقول رقية عامر، أم لثلاثة أبناء متزوجة منذ عشر سنوات: طلبت من زوجي الطلاق بسبب خيانته لي أكثر من مرة إلا أنه رفض وقال لي:"على المتضرر اللجوء إلى القضاء"، فهو يعلم جيد أن طريق المحاكم طويلة والمحامين يحتاجونإلى أموال كثيرة، فاتجهت إلى محكمة الأسرةورفعت قضية طلاق لكن طال الوقت ومرت سنوات ولم أحصل عليه حتى استطعت في النهاية الحصول على حكم بالخلع.
أما إيمان أحمد، أم لولد وحيد متزوجة منذ عشرين عاما فتقول: استحالت العشرة بيني وزوجي بسبب تدخل أهله في علاقتنا بشكل كبير لدرجة أنهم يعرفون كل صغيرة وكبيرة في حياتي،وكان يرغمني على الاستئذان منهم في أي عمل أقوم به،ولضعف شخصيته وتعمده إهانتي أمامهم لم أطلب منه الطلاق بل لجأت مباشرة للخلع دون التفكير فى الخسارة المادية.
كما لجأت ثريا محمود، 50عاما،وأم لخمسة أبناء إلى الخلع لأن زوجها لم يصن عشرتهاالتى طالت لعشرين عاما وتزوج من أخرى.
"مخلوع" مسمى شكلي
يعلق د. جمال فرويز، استشاري الطب النفسي على أسباب اتجاه السيدات إلى الخلع قائلا: منذ فترة كان يخجل الرجل الشرقي من لقب المخلوع لكنه الآن أصبح مسمى شكلي بالنسبة للرجال، فكل مايفكر فيه الآن هو المادة فقط، فبعض الرجال يرفضون طلب الزوجة بالانفصال لأن نفقات الطلاق كبيرة فينصحها بالخلع ليجبرها على التنازل عن مستحقاتها المادية، بينما يرفض آخرون الطلاق لمجرد العند، أما بالنسبة للمرأة التي تتجه للخلع كي تنهي علاقتها الزوجية فمبدأها يكون أن الخسارة المادية أهون من خسارتها لنفسها وحياتها وضياع سنوات عمرها مع الطرف الآخر.
أسباباقتصادية
يقول د.عماد مخيمر،أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداببجامعة الزقازيق:يعطىالخلع للمرأة فرصة لإنهاء العلاقة مع الرجل، فالمرأة بطبيعتها عاطفية انفعالية اندفاعية، فمع الضغوط الحياتية الكثيرة تطلب الخلع، لذا أرى أن القرار يحتاج إلىتروي وتفاهم بين الطرفين للحفاظ علىالأسرة خاصة إذا كان بينهم أبناء، أما عن الأسباب التي تؤدي للخلع فكثيرة أهمها الاقتصاديةوعدم قدرة الزوج على توفير الإمكانيات المادية لسد متطلبات الأسرة، بجانب الأسباب النفسية وعدم التفاهم، فضلا عن فارق السن وغياب الاهتمامات المشتركة، كما أن أزمة منتصف العمر التي تعاني منها المرأة والرجل على حد سواء بعد سن الأربعين تجعل كل منهما يشعر بفراغ عاطفى وقصور فى العلاقة.
ويرجع مخيمر تزايد أعداد دعاوى الخلع خلال الفترة الأخيرة إلى تشجيع السيدات بعضهن البعض على اتخاذ هذا القرار،فضلا عن أن الخلع أصبح للرجال أمرا عاديا خاصة أن وسائل الإعلام شجعت على ذلكمن خلال عرض مثل هذه الحالات بجانب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي وفرت فرص للخيانة الزوجية من خلال غرف مغلقة.
وعي المرأة بحقوقها
أما د.عزة أحمد صيام، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداببجامعة بنهافتقول:يعدالخلع حيلة تلجأ إليها الزوجة عند استحالة العشرة في ضوء التغيرات الثقافية المعنوية النفسية التي يمر بها المجتمع ومنها عدم التسامح وفقدان القدرة على التحمل، بجانباختلاف الأجيال وتغير الفكر ودرجة الوعي بالانفصال أيا كان طلاقا أو خلعا، فلم تعد الزوجة في حاجة إلى التمسك بالزوج بسبب استقلالها المادي وعملها، كما يلعب التعليم دورا فى لجوء المرأة للخلع، فغير المتعلمة في الطبقات الشعبية لم يكن لديها دراية كافية بما يترتب عليه الخلع قانونيا، بينما تميلأخرياتإلى الوجاهة الاجتماعية والمظاهر فلايلجأنإلى الخلع حتى لو فشلت العلاقة بينهنوأزواجهن.
تعنت الرجل وملل المرأة
تقول د. آية صلاح،أستاذة علم الاجتماع:قد يدفع الرجل المرأة إلى طلب الخلع هروبا من دفع نفقات الطلاق وإجبارها على التنازل عن حقوقها المادية، فبعض الرجال تحرروا من فكر ولقب المخلوع خاصة انه يصبح مقبولا من امرأة أخرى وهو مخلوعا دون الخجل من هذا اللقب، من ناحية أخرى أصبحت المرأة تمل بسرعة من العلاقة بصرف النظر عن مبدأ هدم بيت وتشريد أطفال حتى لو اضطرت للخروج للعمل.
الخلع طوق النجاة
يرجع د. محمد هاني، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية لجوء المرأة للخلع إلى استنفاذها الوسائل الودية لإنهاء العلاقة لتطليقها بالمعروف، وعدم إطاقة بعضهن إجراءات المحاكم الطويلة للحصول على الطلاق خاصة إذا كانت مقهورة في حياتها الزوجية،من ناحية أخرىترفض بعض السيدات سجن زوجها عن طريق الطلاق فتتجه إلى الخلع طلبا في الانفصال والتحرر فقط خاصة إذا كان بينهماأبناء بعيدا عن إلحاقالأذى بالطرف الآخر، لافتا إلى أن الخلع مفر وملجأ للمرأة ووسيلة لإنهاء علاقة فاشلة.
أما د.أميرة شاهين، استشاري العلاقات الأسرية والزوجيةفتقول: تلجأ المرأة إلىالخلع لأنه الأسهل والأسرع وقتا من الطلاق خاصة في ظل ألاعيب المحامين وثغرات القانون، فتعتبرالخلع مكسبا وخروجا من مأزقحسب توقعاتها للزواج،فإذا وجدت أن استمرارها في العلاقة بخسارة ولم تحقق أهدافها من الزواج فتلجأ إلى الخلع.
عدم التأهيل وتحمل المسئولية
تقول د. منار عبدالفتاح، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية:عدم معرفة الزوجين بأن لعلاقة الزواج قدسيتها القائمة على المودة والسكن والتفاهم والوضوح والاحترام ومعرفة كلا الطرفين حقوقه وواجباته (ماله وماعليه)سببا في الانفصال، بالإضافةإلىتخلي كل واحد عن دوره، فالرجل تخلي عن القوامة، والمرأة أخذت دور الرجل في الإنفاق،والأم تخلت عن دورها وتركت أولادها للشارع وأصدقاء السوء دون توعية أو رقابة وبالتالي ينشأ جيل غير سوي غير متحمل للمسئولية يلجأ إلى الطلاق أو الخلع في أولمشوار الزواج ولأسباب قد تكون تافهة أصبح سمة في المجتمع.
وتدعو د.منار مؤسسات المجتمع المدني والإعلام لزيادة الدورات المقدمة للمقبلين على الزواج لإكسابهم المهارات اللازمة لإدارة مشاكل الحياة في ظل ظروف معيشية صعبة ,قائلة: لاننسي دور المجلس القومي للمرأة، وزارة التضامن الاجتماعي، والأزهر الشريف والكنيسة المصرية في إقامة ندوات ودورات لكن نحتاج إلى المزيد وتكون على شكل كورسات إجبارية لها شهادة تمنح للمقبلين على الزواج قبل الكشف الطبي.
ساحة النقاش