نهى عبدالعزيز
في موريتانيا تمتلئ مائدة الإفطار بالعديد من الأطباق الرئيسية المختلفة منها؛ طبق البنافه وهو خضار ولحم، والمخبوزات والحلويات، وعلى الرغم من تعدد الوجبات وبقائها في إطارها التقليدي إلا أن الموريتانيين يركزون في رمضان على الوجبتين الشائعتين عند المسلمين.
وتعرف مائدة الطعام تغييرا شاملا ينسجم مع العادات الغذائية في الشهر الفضيل، ويبدأ الإفطار بالتمر والحليب، ثم الحساء المحضر من دقيق الشعير، وهناك من يفضل الشوربة أو الحريرة المغربية التي أصبحت تحظى بمكانة كبيرة على مائدة إفطار الموريتانيين، وبعد جلسة الشاي مع الحلويات وأطباق المقبلات ينصرف الجميع لأداء صلاة العشاء والتراويح.
ومن الأكلات المشهورة على مائدة الإفطار "أطاجين" وهو عبارة عن لحم يطبخ مع الخضراوات، وتجتمع العائلة على طبق من لحم الشواء، طبقاً من الأكل المحلي الذي يتم إعداده بواسطة الخضار واللحم، أي نوع من الخضار يمزج بمرق اللحم المحتوي على قطع اللحم، يلي ذلك جلسة شاي ثم تنصرف العائلة لزيارة الأقارب وصلة الرحم والتنزه في وسط المدينة.
وتقام صلاة التراويح فى مساجد البلاد كافة، وتصلى ثماني ركعات في أغلب المساجد ويحضرها غالبية السكان، ومن العادات المعهودة عند الموريتانيين في صلاة التراويح قراءة الأذكار والأدعية والقرآن بشكل جماعي، أما الدروس الدينية أثناء صلاة التراويح فقلما يُعتنى بها.
يبلغ الإقبال على المساجد أوجه في هذا الشهر الكريم، حيث تزدحم بالمصليين الحريصين على أداء الصلوات في الجماعة، كما تشهد صلاة التراويح إقبالا خاصا وتحرص غالبية المساجد على ختم القرآن الكريم خلالها، حيث تشتهر هذه البلاد بكثرة حفظة القرآن فيها.
ومن العادات والتقاليد التي يحرص عليها الموريتانيون أيضا في رمضان استماع ومشاهدة صلاة التراويح منقولة على الهواء مباشرة من الحرم المكي، نظرا لأن فارق التوقيت بين مكة وموريتانيا يصل إلى ٣ ساعات، حيث يعتقدون أن في ذلك تعويضا روحيا عن أداء مناسك العمرة وزيارة المسجد النبوي في هذه الفترة، ويحرص الجميع هناك على قيام ليلة القدر وإحيائها بالذكر والعبادة.
وتلقب موريتانيا ببلد المليون شاعر، ومن العادات الأصيلة المترسخة فيها ازدهار مجالس العلم والشعر وتنظيم الأمسيات الثقافية والفنية، ناهيك عن الدروس والمجالس الدينية التي تقام في المدارس الدينية التي تعرف باسم المحاظر، وفي ليلة 27 من رمضان تكون صلاة التراويح الأخيرة والتي عادة ما تصحب ببعض العادات كأن يحضر المصلون أواني لينفث الإمام فيها التماسا للبركة ويمضي الكثيرون الليل وهم يصلون التماسًا لفضل ليلة القدر.
لم يعد المسحراتي بالشكل الذي كان عليه في السابق، حيث كان شيخ مسن يجوب الشوارع وقت السحر، ينادي بصوته المبحوح، منبها النيام في المدينة والأحياء بدخول وقت السحور، أما اليوم فقد تغير الوضع، فبعض الشباب في أحياء الضواحي يحاولون تقليد المسحراتي من خلال الإعلام بوقت السحور حيث يجوبون الطرق وهم يحملون في أياديهم أوعية معدنية للنقر عليها من أجل إيقاظ الناس على السحور.
أما وجبة السحور فتتكون غالبا من الأرز والحليب أو الكسكس واللحم، كما أن الحساء وهو من أنواع الحبوب الذرة أو الدخن وأحيانا من الخضراوات حيث يسميه البعض "سب"، وله حضور كبير في وجبة الفطور، بينما يفضل بعض الموريتانيين تناول الحساء بالحليب، أو يكتفي بشربة من "المذق" بعد تناول الشاي الأخضر عادة.
ومع أن الموريتانيين لا يستعملون أنواع الأشربة المتعددة فإن شراب "أزريك" الذي هو مكون من لبن رائب ممزوج بالماء والسكر، ويستحسن أن يقدم في أوانٍ خاصة هي أقداح من الخشب ويفضل أن يكون من مصادر حيوانية كألبان الأبل.
وفي السنوات الأخيرة تأثرت وجبات رمضان بوصفات المطبخ المغربي خاصة على مستوى "الشربه" والتوسع في استخدام البهارات، وقد أصبح لها سوق بجوار سوق نواكشوط، أغلب العاملين فيه من العشابين المغاربة والذين يقصدهم الراغبون في وصفات السمنة أو التخسيس.
وهناك عادة "زغبة رمضان" حيث يترك شعر الأطفال دون حلاقة مع اقتراب الشهر الفضيل ثم يحلق مع حلول الشهر الكريم لتحبيب الأطفال أكثر في هذا الشهر وربطهم وجدانيا به، كما تؤجل عقود الزواج والأمور الاجتماعية في انتظار هلال شهر رمضان، ولا يرغب الكثيرون في إبرام مثل هذه الأمور في الأشهر التي قبل رمضان.
ساحة النقاش