فى الملتقى الدولى للتصوير فى الأقصر

استلهام منابع الجمال

علي بعد 670 كيلومتراً من القاهرة تقع الأقصر عاصمة مصر القديمة.. مدينة السحر والجمال وكنوز الآثار .. تلك المدينة التاريخية التي تتألق في قلب محافظة الأقصر بأقصي الصعيد من جنوب مصر .

وما أشبهها بالنداهة.. نادت من قبل الرائد محمد ناجي «1888 - 1956» فشد إليها الرحال مسافراً زاده الخيال عام 1911 .. وأقام هناك ببيت الشيخ علي عبدالرسول أشهر شيوخ الجبل وحامل أسرار آثار مصر بقرية القرنة بالبر الغربي .. يطل علي جبل ممنون ويطالع الآثار ويتأمل البيوت ذات اللمسة التلقائية والأديرة القديمة .

وقد أبدع خلال هذه الفترة العديد من اللوحات من وحي طيبة .. من بينها بورتريه «الشيخ عبدالرسول» و«مشهد من جبل طيبة» و«البركة المقدسة» و«معبد الكرنك» و«طريق الكباش» بلمسة انطباعية تفيض بالشاعرية llمن هنا كان مرسم القرنة بالبر الغربى فكرة تبناها الرائد الكبير محمد ناجى عام 1941 وذلك بعد توقف ارسال البعثات إلى الخارج بسبب الحرب العالمية الثانية وأطلق عليها مسابقة مرسم الأقصر للخريجين من طلبة الفنون المتميزين وهى بمثابة بعثة داخلية بين الآثار المصرية القديمة تمتد فترة الشتاء بالأقصر يتأمل فيها الفنان روعة ما تركه الأجداد بالبر الغربى والشرقى .. وشهور الصيف يقضيها فى حوش قدم بالغورية من قاهرة المعز متأملا الآثار الإسلامية والبيئة الشعبية .. وكان ذلك خلال تولى الدكتور طه حسين وزارة المعارف .. وفى منتصف الاربعينيات من القرن الماضى تخرجت أول دفعة من مراسم الأقصر افتتحها الدكتور عبدالرازق السنهورى وكان وزيرا لوزارة المعارف العمومية فى ذلك الوقت .. وقد تولى إدارتها نخبة من فنانى مصر الكبار بدءاً من : حامد سعيد وعبدالقادر رزق وصلاح طاهر وحسن فتحى وعباس شهدى والحسين فوزى .

ودرس بمرسم الأقصر مجموعة من فنانينا الكبار من بينهم : حامد ندا وسيد عبدالرسول وصلاح طاهر وغالب خاطر وكامل جاويش وكمال النحاس وحسن عثمان ومحيى الدين طاهر وممدوح عمار ويوسف فرنسيس وناجى كامل .

ولكن توقف مرسم الأقصر وأغلق أبوابه .. كان ذلك أواخر الستينيات .. ولا تتوقف عقارب الساعة وتدور الأيام .. وننتقل إلى بدايات الألفية الثالثة وتلتقى الأقصر مع عاشق جديد تتحول بلمسة منه إلى مدينة عالمية تكشف عن وجهها الأثرى القديم فى صورة حضارية حديثة.. تلتقى مع محافظها الدكتور سمير فرج الذى أراد لها أن تتحول الى متحف مفتوح .

وكان الوزير الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة من الذين زاروا مرسم الأقصر من قبل خلال فترة دراسته بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية.. وظلت التجربة عالقة بخياله .. حتى جاء قراره عام 1908 بلائحة مراسم الأقصر الدولية لتكون واحة إبداع لفنانى مصر والعالم أجمع تليق بمكانة الأقصر الحالية.. بمثابة مركز دولى للفنون .. حيث يتلمسون منابع الجمال ويتأملون هذا المشهد التاريخى المعاصر بعين الفن ونظرة الحاضر .

وجاء ملتقى التصوير الدولى الأول 2008 بجهود تنظيمية لقوميسيره الفنان الشباب الدؤوب د. ابراهيم غزالة وبمشاركة 10 فنانين من مختلف بلدان العالم وخمسة فنانين عرب وعشرة فنانين مصريين .. يلتقون معا يتوحدون مع هذا المشهد التاريخى الحضارى .. ويجسدون روح حضارة الأجداد .. كل بطريقته وأسلوبه والأهم من ذلك يمتلئون بهذا السحر الذى لا ينتهى ويعودون إلى بلادهم سفراء لمصر هناك .

وفى الدورة الثالثة للملتقى والذى بدأت فاعلياته فى الشهـر الماضى .. بمشاركة فنانى مصر والعرب والعالم .. وقد أكد خطواته بقوة .. يقول د. ابراهيم غزالة قوميسير الملتقى : «فى إطار تفعيل دور الفن التشكيلى لتدعيم العلاقات لتدعيم العلاقات الثقافية والإنسانية بين الشعوب عامة والفنانين خاصة تأتى هذه الدورة لملتقى الأقصر الدولى للتصوير .. هذا الوليد الجميل الذى نتمنى له الاستمرار والتطور .. هذا الحدث الذى يتماشى مع الرؤية المستقبلية والحضارية لمدينة الأقصر التى نتمنى لها أن تتبوأ مكانتها التى تستحقها كأهم مدينة فنية وتاريخية وحضارية فى العالم » .

وكانت هدية الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر لفنانى مصر والعالم تخصيص مساحة تسعة آلاف متر فى منطقة القرنة الجديدة لتكون المقر الدائم لمراسم القصر على أن يقوم صندوق التنمية الثقافية متمثلا فى المهندس محمد أبوسعدة ببناء أول مركز دولى للفنون بالأقصر يكون مركزا للاشعاع الفنى .. يضم مراسم واستوديوهات وصالات عرض ومكتبة من أجل الفنانين ودارسى الفنون الجميلة فى مصر والعالم .

فى نهاية الملتقى جاء افتتاح المعرض والذى ضم ابداعات الفنانين من أساتذة الفنون وشباب الفن بمصر مع فنانى الوطن العربى والعالم. ومن داخل المعرض تنوعت الأعمال من التعبيرية إلى التجريبية والرمزية وحتى السيريالية .. وكان مشهدا رائعا حافلا بالفن والمشاعر الانسانية ..

من فرنسا أجهشت صوفى بالبكاء حزناًعلى تلك الصحبة وهذا العالم المسكون بالثراء الفنى وعندما قلنا لها : من الممكن أن تأتى إلى مصر مرة أخرى أشارت بأنه ليس من السهولة .. مع هذا الجمع على خلفية من هذا المشهد الفنى الذى يشدو بتاريخ مصر القديمة .

وقال الفنان السورى سهيل بدور : لقد شاركت فى أكثر من 15 لقاء دولىاً ولكنى اعترف بأن هذا اللقاء هو الأجمل والأكثر فائدة.. خاصة ذلك المشهد التاريخى مع التوافق والمشاركة الفنية.

وفى رأى الفنان د. فاروق وهبة أن ملتقى الأقصر فكرة حضارية من وزارة الثقافة تصب فى الهدف الأساسى للثقافة المصرية من حيث تأصيل الفن والخروج به الى العالمية.

وفى الملتقى أضفت الفنانة نعيمة الشيشينى جوا من الإشراق والحيوية بابتسامتها الدائمة وحيويتها الشديدة .

 

 

المصدر: مجلة حواء- صلاح بيصار
  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 741 مشاهدة
نشرت فى 5 يناير 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,801,409

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز